المبحث الثاني: أيهما أسوأ حالًا؛ الفقير أو المسكين؟
الفقيرُأشدُّ حاجة من المسكين، وهذا مذهب الشافعيَّة
، والحنابلة
، وقول للمالكيَّة
، واختاره ابنُ حزم
، وابنُ باز
وابنُ عثيمين
، واللجنة الدائمة
.
الأدلَّة:
أولًا: من الكتاب:
1- قال الله تعالى: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ... [التوبة: 60].
وجه الدَّلالة:
بداءة الله بهم، وإنما يبدأُ بالأهمِّ فالأهم.
2- قال الله تعالى: لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ [الحشر: 8].
وجه الدَّلالة:
أنَّ الآية تُفيد أنَّ الفقير هو الذي لا مال له أصلًا; لأنَّ الله تعالى أخبر أنهم أُخرجوا من ديارهم وأموالهم، ولا يجوز أن يُحمل ذلك على بعض أموالهم.
3- قال الله تعالى: أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ [الكهف: 79].
وجه الدَّلالة:
أنَّه أخبر أنَّ لهم سفينةً يعملون فيها، فدلَّ على أن المسكين ليس معدمًا، وإنما له شيء لا يَكفيه، فدلَّ على الفرْق بينه وبين الفقير المعدَم
.
ثانيًا: من السُّنَّة:
عن أبي هُرَيرَة رضي الله عنه، أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((ليسَ المسكينُ الذي تَردُّه الأُكْلةُ والأُكْلتانِ, والتَّمرةُ والتَّمرتانِ, قالوا: فما المسكينُ يا رسولَ اللهِ؟ قال: المسكينُ الذي لا يجِدُ غِنًى, ولا يُفطَنُ لحاجته فيُتصدَّقَ عليه))
.
وجه الدَّلالة:
أنَّ الحديث يدلُّ على أنَّ المسكين هو الذي لا يجِد غِنًى إلَّا أنَّ له شيئًا لا يقوم له, فهو يصبِر ويَنطوي, وهو محتاجٌ، ولا يسأل.
ثالثًا: أنَّ الاشتقاقَ اللُّغوي يدلُّ على أنَّ الفقير أسوأ حالًا من المسكين؛ فالفقير يُطلَق على مَن نُزعت فقرة ظهرِه فانقطع صُلبُه، أما المسكين فهو من السُّكون، وهو الذي أسكنَتْه الحاجة.