سفير دولة خليجية: سنفتتح سفارة لداعش في عاصمتنا
دام برس :
في جلسةٍ مسائيةٍ داخل أحد فنادق العاصمة اللبنانية المحصّنة أمنيّاً، ومن جناحٍ يطلُّ على البحر، جلس عددٌ من شخصيات فريق الرابع عشر من آذار بضيافة أحد سفراء دولة خليجية صغيرة نسبياً مقارنةً مع المملكة العربية السعودية.
تخلّلت الجلسة مواضيع عدة، تمحورت بين دوليّة وإقليمية ولبنانية محلّية.
أهم ما كشفه السفير لضيوفه هو ما يعنينا، ما يعني لبنان وسوريا والعراق وكل متضرّر ومواجه لخطر تنظيم داعش الإرهابي ومشروعه التقسيمي التدميري الإجرامي.
في معرض وصفه للأمور وتحليلها، رأى السفير أنّ تنظيم داعش بات واقعاً، وأنّ مسألة استعادة محافظاتي الرقة والموصل منه هو أمرٌ يقارب الإستحالة، بينما يبقى موضوع تمدّده إلى ما هو أبعد من حدوده اليوم رهن الإشارات الدولية والتطوّرات الميدانية على الأرض.
السفير أكّد لضيوفه أنّ بلاده لن تخرج عن الإجماع الدولي، أكان سيواجه داعش أم سيعترف به، ولكن في حال الإعتراف أو حتّى التسليم، فإنّ مركز القرار في دولته سيكون أوّل من يفتتح سفارة لـ"الدولة الإسلامية" على أراضيه.
كلام السفير هنا يثير المخاوف، فإنّ بلاده، ومعها حلفاءها ومن ينضوي تحت لواء حلفائها، ستعترف بداعش، وستقيم له سفارات في عواصمها، سفارات سيرفع فوقها راية داعش، وستزيّن جدرانها رؤوساً مقطوعاً، ربّما.
كلام السفير علينا تصديقه، ولكن هل سنشهد تبدّلاً بالموقف الداعشي الذي يهدّد بغزوة المدن والعواصم بأجمعها؟ هل سيُثبت للعالم أنّ قادة التنظيم الإرهابي هم صنيعة أجهزة مخابرات غربية؟ كل هذا بانتظار فترة مقبلة، يمكن فيها لداعش من تبديل خطابه، والسير بخطة تواصل مع عدد من الأنظمة علناً، ليصار بعدها إلى التسليم بحدوده، ومحاولة الإستقرار سياسياً وعسكرياً، وكذلك اقتصادياً، ليكون تمركزه هو الخطوة الناجحة الأولى لمشروع تقسيم المنطقة، وتكون "الدولة الإسلامية" أولى الدول الأحادية التي يسعى الكيان الصهيوني لإنشائها، بهدف تعزيز وجوده هو الذي يقوم مشروعه على أساس يهودية الدولة.
هل بالفعل تحوّل داعش إلى دولة؟ وماذا ينتظر بلادنا؟
ما زال الغرب حتى اليوم معلناً حربه على الإرهاب، وما زال يحذّر من وجود هذا التنظيم. بالسرّ كل الأفكار واردة ومطروحة، من الدعم اللامحدود الذي يتلقّاه، وعودة إلى القبول بقيامه أصلاً، لا سيّما أنّ وجوده ترافق مع خطط تخريب سوريا والعراق، والتي باتت معروفة المصدر اليوم، بعد ثلاث سنوات من حرب ضروس تشهدها المدن السورية ومعها الموصل على حدودها.
بحسب السفير وجلسته مع ضيوفه الآذاريين، فإنّ الغرب قد يوجّه عدد من الضربات لداعش علناً، بهدف تمرير ما قد يصار إلى بروزه فيما بعد. الغرب يسعى لمعاقبة العراق ومعاقبة النظام في سوريا. لا بدّ له من خلق ما يزعج هذه الدول من جهة، وألّا يخرج هذا الإزعاج من تحت سيطرته. إنّها الفوضى الخلّاقة من جديد، ولكن فوضى لا تشبه أي فوضى، فوضى يملؤها الذبح ويزيّنها سبي النساء والأطفال.
كلام السفير يضع بلاده أمام مساءلة الرأي العام العربي والأوروبي في حال وافقت بلاده على افتتاح سفارة لداعش. فأبناء المشرق العربي هم من ذبحوا، والرأي العام الأوروبي والعالمي راقب ولاحظ كل جرائم التنظيم. قد يضع الغرب دولة هذا السفير ومعه بضع دول أخرى في موقف محرج، ولكنة منسّق وهادف، قد يبقي هو على دعمه لمحاربة الإرهاب، ويوعز لهذه الدول استضافة داعش ديبلوماسياً، فهو السياسي الخبيث، وبعض أنظمة بلادنا لا تعرف عن حنكة الخبث بشيء، ولا حتّى تقربها، هي التي تتجذّر فيها صفات الخبث كلّها، باستثناء حدق الخبثاء، وذكائهم.
المصدر