اختار أهلها العراق عام 1925..
كانت مشكلة الموصل التحدي الاول الذي واجهته الدولة العراقية الجديدة التي ولدت بتنصيب فيصل ملكا على العراق في 23 اب 1921
كانت الادعاءات التركية بتبعية ولاية الموصل لها وتحريض الحكومة التركية للعشائر الكردية في ديار بكرللهجوم المستمر على القصبات العراقية في السليمانية ودهوك ذات اثر بالغ في توحد الطوائف العراقية .لاسيما ان العراق الوليد طالب بعرض المشكلة برمتها على عصبة الامم التي سارعت في تشكيل لجنة لهذا الغرض . نستعرض في هذه المقالة المتواضعة والموصل اليوم ترزخ تحت احتلال بغيض من الدواعش مذكرات مؤرخ موصلي مسيحي عن تآزر الطوائف والقوميات . عندما وضعت الحرب العالمية الأولى أوزارها، بقيت هناك مشكلة الموصل إذ أن العراق المستقل كان يطالب بمنطقة الموصل ، بينما كانت الدولة التركية وريثة الدولة العثمانية تدعي بها. وبعد أخذ ورد عينت"عصبة الأمم" لجنة تذهب إلى الموصل لتدرس موقعياً كل الظروف وتستأنس بآراء أهل الموصل. فوصلت لجنة عصبة الأمم إلى الموصل في 27 كانون الثاني 1925 وجرى استفتاء أكابر الأهالي من جميع الأصناف ومن الرؤساء الروحانيين. وقد اجتمع رؤساء الدين من مسلمين ومسيحيين ويهود فقابلوا أعضاء اللجنة وكلفوا القس(المطران فيما بعد)يوسف غنيمة بأعداد كلمة للمناسبة بالعربية والفرنسية، فلبى طلبهم وجاء في نص الخطاب:
يتشرف رجال الدين من مسلمين ومسيحيين وموسويين أن يرحبوا بقدومكم الميمون إلى حاضرتنا يا رجال لجنة العصبة الأممية الكرام ، وان يبرزوا لكم أخص عواطف احترامهم الصميمي.
بديهي أن إيفادكم من عصبة الأمم مطمح أنظار العالم وناشرة ألوية العدل والقائمة بكشف ظلامة الإنسانية فهو دليل واضح عما لكم لديها من المنزلة الرفيعة والثقة التامة ،وهذا ما يشدد عزائمنا ويوطد أركان آمالنا ويوطن أنفسنا على أن قضيتنا العادلة والحيوية معاً قد عنى بأمرها إلى أبناء جلدتها وقد أعطى السهام باريها. نحن أيها السادة الفخام بصفتنا من رجال الدين في مدينة الموصل ومجاوراتها واقفون وقوفاً تاماً على روحية قاطني الحدباء وعلى حقيقة مشاعرهم وعواطفهم الثابتة.
إن أهالي الموصل أيها الكرام لا يبتغون إلا أمراً واحداً هو في غاية الأهمية وهو محط آمالهم الوحيد وضالتهم المنشودة وما ذلك الأمر الوحيد إلا الحياة. والحياة من لا يبتغيها ناشدتكم الله؟ أفتعجبون أيها الكرام إذا ما طالبكم اليوم الموصليون بلساننا بالحياة وما الحياة في كل اتساع معانيها سوى حق طبيعي لكل امرئٍ به وبه وحده يقر عيناً وينعم بالاً؟ اجل إن أهالي الحدباء ينشدون الحياة ، حياة حرة لاتشوبها شائبة ،حياة لاتمس فيها حرمة الأديان ولا كرامة العوائد وقومية الأخلاق. وصفوة القول إنهم يبتغون أن يعيشوا تحت ظل لواء قوميتهم العربية في ظل دائرة استقلالهم القومي.
هذا وان مجريات الماضي والحاضر تنم عما في نفوس أهالي أم الربيعين من الاقتناع القطعي أن لا حياة لهم إلا بانضوائهم التام إلى الحكومة العربية العراقية ، وان لا سعادة لهم إلا تحت ظل لواء هذه المملكة العراقية. إن ادعاءنا هذا مبني على أساس متين ما بعده من متانة ، وهل من مطلب حيوي وشرعي كمطلبنا؟ لذلك فبكل صراحة بل أقول بكل بساطة نُطالب بالحياة بأسمنا وباسم مواطنينا الكرام ونستصرخ العصبة الأممية ممثلة العالم المتمدن ونستمدها بشخصكم أيها السادة الفخام على الأخذ بناصرنا وإحقاق مطاليبنا ، والنفوس مواطنة على إنها ستلقى فيكم وجوهاً مرحبة ، وقلوباً طافحة حناناً.
هذا وإذ كنا على يقين من أن اللجنة الكريمة الموفدة من العصبة الأممية لن تبطئ في إنصافنا حقنا والأخذ بعين الاعتبار أماني الأمة الموصلية الجارية كالدم في عروقها والباعثة لحياتها القومية صارخاً لتحيا لجنة العصبة الأممية.
د. عبدالله حميد العتابي
منقول