بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال الله عز وجل : ﴿ ... وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ... ﴾ .
و قال جل جلاله : ﴿ قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ .
و قال عزَّ مِنْ قائل : ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا ﴾
الحجاب
وهو من ضروريات الإسلام،ومن أنكر حكمه كان حكمه حكم منكر الضروري،وحكم منكر الضروري كافر إذا رجع إلى إنكار الرسالة المحمدية.
هذا والحجاب: عبارة عن ستر المرأة لعورتها العامة عن الرجل الأجنبي،وقد عرفنا أن المراد من العورة العامة،عبارة عن جميع بدن المرأة ما عدا الوجه والكفين،على رأي بعض العلماء.
فلا يجب على المرأة أن تستر بدنها عن زوجها لعدم كونه رجلاً أجنبياً عنها.
كيفية الحجاب:
لا يوجد عندنا في الشرع المقدس كيفية خاصة يجب على المرأة مراعاتها ليصدق عليها أنها متحجبة،بل المهم عندنا شرعاً للمرأة في حجابها ستر ما يجب عليها ستره من جسمها،وقد عرفنا مقداره،ولذا لا عبرة عندنا بشكل الثياب الساترة على الإطلاق.
فالعباءة والملاءة وغيرها،كلها مجزية شرعاً،وهذا الذي ذكرناه هو المستفاد من القرآن الكريم،حيث نجده يصريح بعدم ضرورة لف الجسم بالعباءة أو نحوها،قال تعالى:- (وليضربن بخمرهن على جيوبهن).
وهذا يعني جواز الخروج شرعاً إلى الشارع بالثوب والخمار إذا ستر الرأس والصدر،لكن ينبغي الالتفات إلى أن الثوب المراد،هو الثوب الذي كان على الطريقة القديمة التي لم يكن فيها في الوسط حزام،مما يعني أنه كان يستر وركي المرأة تماماً حتى حجمه الخارجي،ولا ريب أن هذا هو الأولى والأحسن والأفضل للمرأة العفيفة،أن تكون ساترة لكل شيء منها بحيث لا يتجسد عند النظر إليها شيء من بدنها،بل قد يكون هذا المقدار واجباً على بعض أراء العلماء.
ومن الواضح أن هذه هي المزية الأساسية للعباءة،ونحوها مما يستر الوركين فتكون راجحة بلا إشكال،على غيرها من أنواع الستر.
شروط اللباس:
هناك شروط للباس الذي تريد المرأة ارتدائه،حينما تريد أن تكون متحجبة،وساترة لنفسها عن الأجنبي.
ومراعاة هذه الشروط مدعاة لرضا الله سبحانه وتعالى،كما أنها سبيل للحصول على السعادة الأبدية،وتلك الشروط هي:
1-الإباحة:
بمعنى أن يكون هذا الثوب من أموالها الخاصة التي لم يتعلق بها ملك شخص آخر،أو أن تكون من مال شخص راض عنها بإنفاقها في هذا الغرض.
وعلى هذا لو اشترت المرأة لباساً،ولم تدفع ثمنه،أو كان في نيتها أن لا تدفع أو اشترت لباساً بمال تعلق به الخمس،فإنه يكون في جميع هذه الموارد من اللباس المغصوب،أو في حكمه،مما يعني حرمة لبسه.
2-أن لا يكون اللباس شفافاً يظهر من خلاله البدن:
قال رسول الله(ص):يظهر في آخر الزمان واقتراب الساعة،وهو شر الأزمنة،نسوة كاشفات عاريات،متبرجات،من الدين خارجات،في الفتن داخلات،مائلات إلى الشهوات،مسرعات إلى اللذات،مستحلات المحرمات،في جهنم خالدات.
فلو لبست المرأة جورباً شفافاً،بحيث يرى من خلاله البدن،لم يكن ذلك محققاً للستر الواجب عليها،خصوصاً على فتوى من يقول بلزوم ستر القدمين عن الأجنبي.
3-أن لا يكون اللباس من لباس الشهرة:
وهو كل لباس يستدعي إهانة المرأة والنيل من كرامتها ووسمها بالذل والهوان بين أفراد المجتمع،فإن كان اللباس كذلك،حرم عليها لبسه.
بل كل لبس يثير الاستهجان والاستقباح عند عامة الناس في البلد،يكون من لباس الشهرة في ذلك البلد،فلا يجوز لبسه فيه.
بل يحتاط بعض الفقهاء بترك اللباس الذي لا يكون متعارفاً بين الناس،لقلة لابسيه.
4-أن لا يكون ذلك اللباس من ملابس الرجال.
5-أن لا يكون اللباس مما يثير الانتباه:
فإذا كان اللباس كذلك حرم على المرأة لبسه،
وكذا لا يجوز لبس الملابس المجسمة لمفاتن المرأة والمبرزة لمحاسن بدنها،كما لا يجوز لبس كل لباس يوجب الفتنة النوعية.
بل لو لبست المرأة حذاء،يظهر صوتاً إذا مشت به،مما يؤدي إلى إلفات نظر الرجال الأجانب إليها،أو كان ذلك الحذاء يوجب الفتنة النوعية،حرم عليه لبسه.
6-أن لا يكون اللباس وسيلة لإشاعة الفساد في المجتمع الإسلامي.
هذا ولنشر إلى ما يجب على المرأة ستره عن الرجل الأجنبي،فنقول:
هنا رأيان لعلمائنا:
الأول:يجب على المرأة تغطية جميع بدنها عن الرجل الأجنبي،والأحوط وجوباً لها أن تستر وجهها وكفيها أيضاً.
الثاني:يجب على المرأة أن تستر جميع بدنها عن الرجل الأجنبي،ما عدا الوجه والكفين،فإنه يجوز لها أن تكشفهما،إذا لم يستوجب ذلك فتنة وريـبة.
هذا ويدخل الشعر فيما يجب ستره،فلا يجوز لها ظهور شعرها أمام الأجنبي،ولا فرق عندنا بين كون الشعر المجعول على رأسها شعرها الأصلي،أو أنه شعر مستعار وضعته على رأسه فإنه يصدق عليه حينئذٍ أنه من الزينة.
هذا وجواز كشف الوجه مشروط بأن لا يحتوي على شيء من الزينة،فإن كان محتوياً على شيء من ذلك كان كشفه محرماً،ولذا لو وضعت على وجهها بعض مساحيق التجميل لم يجز لها كشف وجهها.
بل حتى بعض الأمور الضرورية التي تحتاجها المرأة كالنظارة الطبية لو عدت في نظر العرف أنها من الزينة لوجب على المرأة ستر وجهها حين لبسها.
نعم يجوز كشف الوجه حتى مع كون المرأة مزيلة لشعر الوجه،ومصففة للحواجب،شرط أن تكون آمنة من الوقوع في الحرام،وعدم كون قصدها من إبداء وجهها وقوع النظر المحرم عليها،وكذا يجوز لها كشفه مع كونها واضعة لكحل في عينيها،ما دامت تأمن من الوقوع في الحرام.
وكذا يجري الكلام بالنسبة لستر اليد،فلا يجوز كشفها في صورة احتوائها على شيء من الزينة كالحناء.
أما لبس خاتم الذهب مثلاً أو السوار،مع الأمن من الوقوع في الحرام،فجائز،وأما إذا لم تأمن ذلك،أو كان هناك احتمال وقوع النظر المحرم عليها،لم يجز لها إبدائهما.
ومما يجب على المرأة ستره أيضاً القدمين،فيجب عليها تغطيتهما بما يسترهما عن الأجنبي،فلا يمكن من النظر إليهما،وقد عرفنا فيما تقدم أن سترهما لابد أن يكون ستراً حقيقياً فلا يكفي الستر بالجورب الشفاف مثلاً.
منقول للفائده