قصة الشاب بائع عصير الليمون
بداية النجاح عند شاب يدعي "جون ويلارد ماريوت " ولد بولاية يوتاه الأمريكية في 13 أغسطس 1900 م وبعد ان تخرج من الجامعة قرر أن يعمل لحسابة الخاص فبدأ يبيع عصير الليمون البارد في "الكابيتول هيل بواشنطن دي سي" ، في الصيف. وكان لا يبع العصير فقط بل كان يراقب باهتمام الحشود الذين يتقاطرون على المعالم السياحية في الحي الشهير، يحاول أن يخطف انتباههم بابتسامته، وعبارة يرددها عشرات المرات: “عصير طازج، سيمنحك طاقة لمتابعة رحلتك”.
كان يصطاد بعض الزبائن بسنارة ابتسامته، ينال القليل من نقودهم والكثير من أحاديثهم، وتتركز مجمل نقاشاتهم على رداءة الغرف في الفنادق المجاورة، ملاءات قذرة، وخدمة غرف تعيسة، وطعام بارد، ظل يستمع إلى هذه الانتقادات ويدخرها في صدره، ويجمعها مع النقود، التي يجنيها من عصيره الطازج وابتسامته.
مع اقتراب أشهر الخريف في الولايات المتحدة، أضاف ماريوت إلى الكشك قائمة طعام مكسيكية، فظل الكشك يتطور حتى أطلق عليه اسم “ذا هوت شوب” ليصبح بعد ذلك مطعماً عائلياً شهيراً . وفي عام ،1928 افتتح ماريوت مطعماً للوجبات السريعة على طريق شرق المسيسيبي . وأثناء الحرب العالمية الثانية، اتسع حجم الأعمال في المطعم، وتولى المطعم إدارة خدمات الطعام في وحدات الدفاع والمباني الحكومية، مثل وزارة الخزانة الأمريكية .
وكان ماريوت يتقاسم أرباح المطعم مع العاملين فيه حيث يؤمن " ماريوت " أن سعادة موظفيه ستسعد زبائنه ،وحرص على إرضاء مرؤوسيه قدر المستطاع، وأسلوبه الملهم جعل العمل معه حلما لكبار الطهاة في واشنطن ونيويورك ويوتاه، الكل يود أن يظفر بالوظيفة والشراكة المنتظرة وحققت مطاعمه نجاحا باهرا بعد أن استقطب أفضل الطهاة والنادلين والمحاسبين في المطاعم الأميركية.
كان يظن البعض أن جون يخسر؛ لأنه يوزع أسهمه على موظفيه بإسراف لكنه كان يكسب ، كسب اسما لامعا وموظفين موهوبين قادوه إلى نجاح هائل.
هذا النجاح دفعه للإيمان أنه حان موعد افتتاح أول فندق باسمه. فندق بملاءات عطرة نظيفة، وخدمة مميزة، وطعام ساخن. ثقته بفريقه جعله يقدم على هذه الخطوة أو القفزة.
قبل افتتاح الفندق كان يستحضر في منامه على شكل كوابيس عربته التي كان يجرها وفوقها عصير الليمون الطازج وبمحاذاتها انتقادات الزبائن للنزل المجاورة، كان يخشى أن تتوفر عربة لبيع العصائر أمام فندقه الصغير يجتمع حولها الغاضبون من مستوى فندقه.
طرد "ماريوت "هذه الكوابيس عبر افتتاح تجريبي لثلاثة أشهر، دعا إليه أقاربه وأصحابه بمبالغ زهيدة. ترك في كل غرفة قلما ودفترا صغيرا كتب أمامهما: “اكتب رأيك بصراحة في مستوى الخدمة هنا. نعدك أن نلبي مطالبك عند زيارتك في المرة المقبلة”. استفاد جون من الاقتراحات وافتتح رسميا فندقه الصغير، الذي حقق إقبالا كبيرا منذ أيامه الأولى.
افتتح جون الفندق في الثلاثينات، وما زالت الورقة والقلم التي وضعهما في غرفه الأولى تنتشر في جميع الفنادق ما صغر منها وما كبر في شتى بقاع الأرض.
أمست فنادقه أحد أهم النزل على مستوى العالم. أصبح اسم عائلته (ماريوت) الذي اختاره اسما لفنادقه ومنتجعاته واحدا من أشهر العلامات التجارية في العالم.
ظل جون ويلارد ماريوت، يعمل في فنادقه كأي موظف. ينتقل مع زوجته إلى فروعها المختلفة بهمة ونشاط كبيرين. كان يرتدي ملابس موظفي الاستقبال. يمنح الزبائن المفاتيح ويساعدهم في حمل الشنط إلى غرفهم. كان يضع اسم جون فقط على بطاقته حتى لا يتعرف أحد إلى هويته. رفض عددا من الحوارات الصحفية المبكرة، لأنه لا يود أن يعرف هويته أحد ليمارس عمله بهدوء.
طريقته في إدارة سلسلة فنادقه ومنتجعاته دفعت الكثير من موظفيه الكبار إلى اقتفاء أثره وتتبع خطاه.
في عام 1935 مرض ماريوت وذهب إلى الطبيب فاكتشف أنه يعاني من سرطان خبيث في العقد الليمفاوية، وأخبره الطبيب أن أمامه ما بين ستة أشهر إلى عام ثم عليه أن يستقبل الموت بعد ذلك في أي لحظة . ومع ذلك، عاش ماريوت بعد ذلك الخبر نصف قرن كاملاً اي 50 عاما .
اعتاد ماريوت على اقتحام مجالات عمل جديدة وتميز بقدرته على تنويع أنشطته، فهو أول من أدخل خدمات الطعام على متن الطائرات، فأصبحت شركاته أشهر من يقوم بتقديم الأطعمة على متن الطائرة كما تمكن ماريوت من توفير الأغذية للعديد من الكليات والمدارس الابتدائية .
يؤمن ماريوت أن فلسفة النجاح تعتمد على إسعادك لمن حولك. سوف يسعدون أنفسهم وسيسعدون من حولهم. ويرى أن هناك الكثير من المشاريع العظيمة التي لم تنفذ بعد لكنه لا يملك طاقة تجعله يستثمر في مشاريع أكثر.
نجح ماريوت؛ لأنه استمع إلى هموم الناس وحرص على تلبية مطالبهم. أصغى إليهم بعناية فائقة وهو يناولهم العصير البارد أثناء حواراتهم الساخنة هذه النقاشات الحارة والانتقادات اللاذعة التي كانوا يتداولونها فيما بينهم منحته الأفكار الأساسية لمشاريعه، التي خلدت اسمه واسم عائلته حتى اليوم.