صورة أمريكا ، صورة إسرائيل
أحمد الحباسى
أنا أكره إسرائيل كرها أعمى و بالكاد أتحمل الولايات المتحدة الأمريكية، أيضا لا أؤمن بالديمقراطية الأمريكية و لا بالقيم الأمريكية ، من الممكن أن هذه الكراهية ليست كراهية بالفطرة ، لكن الولايات المتحدة لها “قدرة” عجيبة على تكريه الناس فيها، بل من المهم القول أنها لا تعير اهتماما لمن يكرهونها ، و التساؤل الخبيث الذي نشرته أحد الصحف الأمريكية بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 ” لماذا يكرهوننا ؟ ” هو تساؤل لئيم سقيم لان العرب يطرحون منذ عقود نفس السؤال على الولايات المتحدة و على الساسة الأمريكان و على وسائل الإعلام الأمريكية دون مجيب ، و بمجرد أن حدثت الحادثة و سقطت الأبراج تباعا بهت الذي كفر و خرج السؤال من حلق ألسنة الإعلام الأمريكية المتناهية عقودا مع الصهيونية النازية .
من سفاهة العقل الأمريكي و عدم احترامه للعرب أن الدنيا قامت و لم تقعد لا لشيء سوى لمعرفة اليد ” الآثمة” التي نقلت للعالم صور المشاهد المقرفة لما تعرض إليه الشعب العراقي في سجن أبو غريب من انتهاكات إن دلت فإنها تدل على المستوى “الأخلاقي” للجيش الأمريكي المتعود على الفاحشة و اللواط و سيء الفعل الخادش للكرامة و الحياء ، و عندما نتحدث عن الجيش الأمريكي فنحن لا ننقل صورة مشوهة عن عقيدته الفاسدة التي تسمح له بإتيان كل الجرائم و الفظائع و الخطايا التي تستحق سنوات من المحاكمات في محكمة الجزاء الدولية بلاهاي بتهم الجرائم ضد الإنسانية ، و من الحرب العالمية إلى حرب فيتنام مرورا باغتصاب العراق اقترف الجيش الأمريكي ما يتسع لمجلدات من المآسي ، لذلك “نتفهم ” هذه النازية الصهيونية في فلسطين ، فالصهاينة هم ورثة الإرهاب الأمريكي يضاف إليه كثير من الغطرسة و عامل القوة النارية التي توفرها أمريكا لقتل العرب.
لا يهم أن تكشف الصورة عيوب و جرائم أمريكا أو ربيبتها إسرائيل ، و لا تهم مشاعر المتضرر من الفعل الصهيوني أو الأمريكي الخادش للحياء أو الموغل في العنف ، المهم أن يموت السر و يدفن ، لذلك لم يكن غريبا أو مستغربا أن تتصاعد الحملات المغرضة ضد الصحفي الأمريكي كيفين سايتس ملتقط صورة أطلاق النار على جريح عراقي في أحد مساجد الفلوجة العراقية منذ سنوات قليلة ، بالمقابل وجد الجندي المجرم توقيع ما يزيد عن 40 ألف “مشجع ” من المساندين لفكر الإرهاب و القتل ، و مع ذلك تجد الصحيفة الأمريكية الوقاحة لتطرح السؤال السخيف ” لماذا يكرهوننا ” .
قامت الدنيا و لم تقعد بسبب تقرير “قولدستون” الشهير ، لأنه كشف العورة الصهيونية “للعموم ” ، ولان السيد قولدستون يحمل الجنسية اليهودية فقد كان الاستنكار الصهيوني عنيفا بقدر حجم ما كشف التقرير من شراسة ودموية العدو الصهيوني مقابل الشعب الفلسطيني الأعزل ، و مع أن السيد محمود عباس قد أسقط هذا التقرير حتى لا تحاسب الصهيونية في منبر حقوق الإنسان و كل المنابر العالمية ذات العلاقة في ضربة موجعة للقضية الفلسطينية و في تنازل مهين حقير للضغوط الأمريكية الصهيونية المقيتة ، فقد فعلت إسرائيل بإسناد أمريكي واضح كل شيء لتفلت من المحاسبة الأخلاقية قبل المحاسبة القانونية ، و أفلتت ، لكن المهم أن التقرير قد كشف انزعاج و ارتباك الولايات المتحدة و إسرائيل عند الوقوف أمام مرآة الحقيقة و أوضح للعالم أن الديمقراطية الأمريكية الصهيونية هي مجرد نكتة سمجة سخيفة لا تقنع حتى المغفلين .
عندما تقرر الولايات المتحدة و إسرائيل أن مقاومة الاحتلال هي الإرهاب و لا شيء غير الإرهاب ، وعندما ينطق الفكر الأمريكي الصهيوني بأنه من حق إسرائيل حماية نفسها من إرهاب العرب و تقلب الصورة فيصبح الجلاد هو الضحية فلا بأس أن نفهم أن الديمقراطية الأمريكية هي حالة إفلاس أخلاقية و أن المفلسين بهذه الصورة لا يمكن لهم قيادة “الأخلاق و المبادئ ” في العالم ، و عندما يصبح الجندي الصهيوني – الأمريكي هو الضحية و القتيل الأعزل هو الشيطان و الخطر الذي يجب التخلص منه بكل الطرق دون عقاب ، فلا عجب أن يخاف الفكر الصهيوني الأمريكي الباطن فعل الصورة الناقلة للحقيقة بكونه مجرد قاتل مجرم خارج عن القانون ، و لا عجب أن تفرض إسرائيل و الولايات المتحدة دائما حالة حجب للصورة و المعلومة بحجة المس من الأمن القومي في حين أن حجب تلك الصورة لا يمس إلا بالحقيقة و بحقوق الشعوب المتضررة من هذه الغطرسة .
في أمريكا كما في إسرائيل توفيت الإنسانية و غابت الأخلاق ، و شرفاء العالم لا يزالون بانتظار اليوم الذي يكتشف فيه الأمريكان و اليهود أنهم بلا إنسانية ، بلا أخلاق و مجرد قطيع من القتلة و الهمج لا يقلون فضاعة و بؤسا عن المغول و أن انقراض إنسانيتهم هو الذي سيؤدى بهم إلى النهاية لان الشعوب ، كل الشعوب ، قد تلظت بالنار الأمريكية الصهيونية ، و لعل الذي يدفعون إلى مواجهة هذا العنف بالعنف أو بالإرهاب لهم بعض الحق ، بعد أن أغلقت كل الأبواب و لم يعد هناك حوار بين الأديان بل مجرد حرب بين الأديان ، و في الحروب تتاح كل الوسائل ، و على الذين بغوا على الأرض العربية أن لا يتساءلوا مرة أخرى ” لماذا يكرهوننا ” .
خاص بانوراما الشرق الاوسط