آه يا قبر ، هنا كم طاف روحي
هائماً حولك كالطير الذبيح
أو ما أبصرته دامي الجروح
يتنزّى فرط تبريحٍ ويأس
مرهقاً مما يعنّيه الحنين
وهنا يا قبره أشوق نفسي
يا لأشواق على تربك حبس
وهنا قبلة أحلامي وهجسي
قرّبتني الدار ، أو طال نزوحي
فخيالي بك رهنٌ كل حين
إن نأى بي البعد ردّتني اليك
لاعجات ما تني وجداً عليك
لست تدري أي دنيا في يديك
من حنان وبشاشاتٍ وأنسٍ
يا قلبي ! أصبحت في الهامدين
آه يا قبراً له إشعاع نور
لا أرى أجمل منه في القبور !
فيك دنياي ، وفي قلبي الكبير
مأتم ما انفكّ مذ بات لديك
قائماً يأخذ منه بالوتـــــــــين
وإذا ينزف دمع المقل
يجهش القلب أسىً ما يأتلي
نادبـــاً عندك أغلى أمل
باكياً فيك نصيري وظهيري
ساكباً من ذوبه غير ضنين
أوحش السامر من ذاك السمير
غير أصداء فؤادٍ وشعور
نغم أفعم أمواج الأثير
بالاماني والهوى والغزل
وترامى بين أحضان السنين
زهرة عطّرت الدنيا بنشر
ثم مالت بين أحلام وشعر
وذوت عن عمر للزهر نضر
هكذا تنفذ أعمار الزهور
و الشذا باقٍ بروح العابرين
كلما أشرق في اللــــــيل القمر
مترعاً بالنور أعصاب الزهر
أظلمت نفسي و هـــــــــاجتني الذكر
كيف غيّبتك في ظلمة قبر
كيف أسلمتـــك للترب المهين
وإذا ران على الدنيا هجود
وغفا فيها شقيٌّ وسعيد
لم يزل يهتف بي صوتٌ بعيد
من وراء الغيب وافى وظهر
ومضى يهمس همس العاتبين
عتبه أخذي بأسباب البقاء
أتملـّى من وجودٍ وضياء
وعديل الروح في وادي الفناء
السّنى ضنّ عليه والوجود
فهو بالحرمان لم يبرح رهين
أيها الهاتف من خلف الغيوب
ما ترى نبع حياتي في نضوب ؟
لم أزل أضرب في عيش جــديب
موحشٍ كالقفر ، موصول الشقاء
منذ أمسى نجمه في الآفلين
أين إبراهيم مني ، أين أين؟!
حبة القلب ونور النــــاظرين
أنا من عيشٍ وموت بين بين
فلعل الحين موفٍ عن قريب
يمسح الجرح والآم الحنين