الوطن مشرف على التحقيق
أيها الوطن البتول والجارف كالطوفان
رويدك عليّ لألتقط قبعتي وعكازي وأنفاسي فأنا لا أتنكّر لأحلامي بهذه البساطة لمجرد إشارة من إصبعك ثم أنت لم تنذرني فمن يطلب إخلاء بيت.. مطعم.. مقهى يعطي شاغله مهلة شهر أو أسبوع على الأقل لأسدد الضرائب وأفي بالتزاماتي المالية من أين؟ لا أعرف لأن القانون يقول: نفذ ثم اعترض. وأراعي حسن الجوار ثم عندي ارتباطات مسرحية وشعرية لا استطيع التنصل منها ثم إنني لست سائحاً أو لقيطاً على باب جامع بل مواطن حقيقي وأديت خدمة العلم حتى آخر رصاصة ولم أهرب إلى إحدى دول الخليج لأعمل مربي أطفال أو عجائز لتوفير بدل الخدمة مع أنني معفى منها فأنا وحيد لأهلي وزجاجاتي وقصائدي.. ومعيل لها ثم كنت إلى جانبك في الأزمات دقيقة بدقيقة وسجناً سجناً وسوطاً سوطاً فأنا قطار ودود لا أنسى المحطات التي زودتني بالوقود والمسافرين وفلاح وفي لا ألقي حجراً في البئر الذي شربت منه بل زهرة.. قصيدة.. برتقالة فلربما كان جائعاً ووحيداً هو الآخر. * أنا لا أنكر أنين نمت في أحضانك وركبت على ظهرك وجدرانك في طفولتي واحتميت بجدرانك في شيخوختي ولكن أن تركب على ظهري طوال العمر مقابل ذلك ومشترطاً أن يلامس جبيني سطح الأرض فلن أقبل: فوقه بقليل ممكن فأنا أيضاً عندي كرامة.
بقلم
محمد الماغوط