« على الحسين فلتُشق القلوب لا الجيوب »
صلَّى الله عليك يا أبا عبد الله الحُسين
في التاريخ مصارع كثيرة . . و فجائع مثيرة يذهل الفكر أمامها حائراً . .
و لكن فاجعة
« كربلاء » قد أجمع المؤرخون بأنها من أشد الفجائع أثراً في النفوس . . .
و أقسى المصارع وقعاً على
القلوب . . إذ
لا يوم كيوم الحُسين ..
قَالَ الرِّضَا ( عليه السَّلام ) : " إِنَّ الْمُحَرَّمَ شَهْرٌ كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يُحَرِّمُونَ فِيهِ الْقِتَالَ !
فَاسْتُحِلَّتْ فِيهِ دِمَاؤُنَا ، وَ هُتِكَتْ فِيهِ حُرْمَتُنَا ، وَ سُبِيَ فِيهِ ذَرَارِيُّنَا وَ نِسَاؤُنَا ، وَ أُضْرِمَتِ
النِّيرَانُ فِي مَضَارِبِنَا ، وَ انْتُهِبَ مَا فِيهَا مِنْ ثِقْلِنَا ، وَ لَمْ تُرْعَ لِرَسُولِ اللَّهِ حُرْمَةٌ فِي أَمْرِنَا .
إِنَّ
يَوْمَ الْحُسَيْنِ أَقْرَحَ جُفُونَنَا ،
وَ أَسْبَلَ دُمُوعَنَا
، وَ أَذَلَّ عَزِيزَنَا بِأَرْضِ كَرْبٍ وَ بَلَاءٍ ،
أَوْرَثَتْنَا الْكَرْبَ وَ الْبَلَاءَ إِلَى يَوْمِ الِانْقِضَاءِ .
فَعَلَى مِثْلِ الْحُسَيْنِ
فَلْيَبْكِ الْبَاكُونَ ، فَإِنَّ
الْبُكَاءَ عَلَيْهِ يَحُطُّ
الذُّنُوبَ الْعِظَامَ " .
قيل
للصادق عليه السلام : سيدي جعلت فداك , إن الميت يجلسون له بالنياحة
بعد موته أو قتله , وأراكم تجلسون أنتم وشيعتكم من
أول الشهر بالمأتم والعزاء
على الحسين عليه السلام !! فقال عليه السلام :
« يا هذا إذا هل هلال محرم
نشرت الملائكة ثوب الحسين عليه السلام
وهو مخرق من ضرب السيوف , وملطخ بالدماء ,
فنراه نحن وشيعتنا بالبصيرة لا بالبصر ,
فتنفجر دموعنا » .
قال صلَّى الله عليه وآله وسلم : « على
الحسين فلتُشق
القلوب لا
الجيوب ».
وقال صلَّى الله عليه وآله وسلم: « ألا وصلَّى الله على الباكي على ولدي
الحسين عليه السلام ».
عَنْ دَاوُدَ الرَّقِّيِّ ، قَالَ : كُنْتُ عِنْدَ
أَبِي عَبْدِ اللَّهِ( عليه السَّلام ) إِذَا اسْتَسْقَى الْمَاءَ ،
فَلَمَّا شَرِبَهُ رَأَيْتُهُ قَدِ
اسْتَعْبَرَ وَ
اغْرَوْرَقَتْ عَيْنَاهُ بِدُمُوعِهِ .
ثُمَّ قَالَ لِي : " يَا دَاوُدُ ،
لَعَنَ اللَّهُ قَاتِلَ الْحُسَيْنِ ( عليه السَّلام ) ، وَ مَا مِنْ عَبْدٍ شَرِبَ
الْمَاءَ فَذَكَرَ الْحُسَيْنَ ( عليه السَّلام ) وَ أَهْلَ بَيْتِهِ ، وَ لَعَنَ قَاتِلَهُ ، إِلَّا كَتَبَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ
لَهُ مِائَةَ أَلْفِ حَسَنَةٍ ، وَ حَطَّ عَنْهُ مِائَةَ أَلْفِ سَيِّئَةٍ ، وَ رَفَعَ لَهُ مِائَةَ أَلْفِ دَرَجَةٍ ،
وَ كَأَنَّمَا أَعْتَقَ مِائَةَ أَلْفِ نَسَمَةٍ ، وَ حَشَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَلِجَ الْفُؤَادِ "
عَنِ الرَّيَّانِ بْنِ شَبِيبٍ، عَنِ
الرِّضَا ( عليه السَّلام ) ـ فِي حَدِيثٍ ـ أَنَّهُ قَالَ لَهُ:
يَا ابْنَ شَبِيبٍ: إِنْ كُنْتَ بَاكِياً لِشَيْءٍ
فَابْكِ لِلْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ( عليه السَّلام )،
فَإِنَّهُ ذُبِحَ كَمَا يُذْبَحُ الْكَبْشُ، وَ قُتِلَ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ رَجُلًا مَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ شَبِيهُونَ،
وَ لَقَدْ
بَكَتِ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَ الْأَرَضُونَ لِقَتْلِهِ.
يَا ابْنَ شَبِيبٍ: إِنْ بَكَيْتَ عَلَى الْحُسَيْنِ ( عليه السَّلام ) حَتَّى تَصِيرَ دُمُوعُكَ عَلَى
خَدَّيْكَ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ كُلَّ ذَنْبٍ أَذْنَبْتَهُ، صَغِيراً كَانَ أَوْ كَبِيراً، قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيراً.
يَا ابْنَ شَبِيبٍ: إِنْ سَرَّكَ أَنْ تَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَا ذَنْبَ عَلَيْكَ فَزُرِ الْحُسَيْنَ ( عليه السَّلام ).
يَا ابْنَ شَبِيبٍ: إِنْ سَرَّكَ أَنْ تَسْكُنَ الْغُرَفَ الْمَبْنِيَّةَ فِي الْجَنَّةِ مَعَ
النَّبِيِّ وَ آلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ فَالْعَنْ قَتَلَةَ الْحُسَيْنِ.
يَا ابْنَ شَبِيبٍ: إِنْ سَرَّكَ أَنْ يَكُونَ لَكَ مِنَ الثَّوَابِ مِثْلُ مَا لِمَنِ اسْتُشْهِدَ مَعَ الْحُسَيْنِ
فَقُلْ مَتَى مَا ذَكَرْتَهُ:
يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً.
يَا ابْنَ شَبِيبٍ: إِنْ سَرَّكَ أَنْ تَكُونَ مَعَنَا فِي الدَّرَجَاتِ الْعُلَى مِنَ الْجِنَانِ فَاحْزَنْ لِحُزْنِنَا
وَ افْرَحْ لِفَرَحِنَا وَ عَلَيْكَ بِوَلَايَتِنَا، فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَحَبَّ حَجَراً لَحَشَرَهُ اللَّهُ مَعَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ .
رُوِي عن
الإمام محمد بن علي الباقر ( عليه السَّلام ) أنَّهُ قَالَ :
" قُتِلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ ( عليه السَّلام ) وَ عَلَيْهِ جُبَّةُ خَزٍّ دَكْنَاءُ ، فَوَجَدُوا فِيهَا
ثَلَاثَةً وَ سِتِّينَ
مِنْ بَيْنِ ضَرْبَةٍ بِالسَّيْفِ ، وَ طَعْنَةٍ بِالرُّمْحِ ، أَوْ رَمْيَةٍ بِالسَّهْمِ "
قال
الإمام الحسين بن علي ( عليه السَّلام ) : " أَنِّي لَمْ أَخْرُجْ أَشِراً وَ لَا بَطِراً
وَ لَا مُفْسِداً وَ لَا ظَالِماً ، وَ إِنَّمَا خَرَجْتُ لِطَلَبِ الْإِصْلَاحِ فِي أُمَّةِ جَدِّي ( صلَّى الله عليه و آله ) ،
أُرِيدُ أَنْ آمُرَ بِالْمَعْرُوفِ ، وَ أَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَ أَسِيرَ بِسِيرَةِ جَدِّي وَ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ
( عليه السَّلام ) ، فَمَنْ قَبِلَنِي بِقَبُولِ الْحَقِّ فَاللَّهُ أَوْلَى بِالْحَقِّ ، وَ مَنْ رَدَّ عَلَيَّ هَذَا أَصْبِرُ
حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ بَيْنِي وَ بَيْنَ الْقَوْمِ بِالْحَقِّ وَ هُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ "
صلَّى الله عليك يا أبا عبد الله الحُسين