الحنين الوحش المفترس
يأتيني فيرعبني المســـــــاء فيعلن قطار الفراق
إستقراره في محطــــــــة حكاياتي
وها هو ذا يحمل حقائب الأحلام والأيام ويتجه نحو الغياب
وها أنا ذا أستعد للوقوف بظهر مكسور وهامة مجروحة
لألوح لك بشموخ هاديء وهدوء شامخ
وكأن الأمر لا يعنيني
وكأن الألم ليس ألمي وكأن الجرح ليس جرحي
وكأن الهزيمة ليست هزيمتي
وكأن الحكاية الميتة لم تكن يوماً حكايتي
أتساءل هل بالفعل ماتت حكاياتي ؟؟
وحين تموت الحكايات أين يذهب الأبطال؟
وأين تذهب الأحاسيس وماذا مصير الأحلام ؟
وإلى أين يلجأ أطفال الحكاية؟
فلمعظم حكايات الحب أطفال أطفال نعجنهم بماء الخيال
ونرسمهم على صفحة قلوبنا نمنحهم ملامحنا
وننتقي لهم أسماء مشتقة من أحلامنا
ونحبهم جدا وننتظرهم بفارغ العشق والأمل
ننتظرهم .. نعــــــــم
لكن إنتظارنا لهم يطول ويطول ويطول
فعلى الرغم من إحساسنا بهم
وعلى الرغم من حبنا الصادق لهم
وعلى الرغم من شعورنا بحركاتهم في أحشاء الحلم
إلا أنهم لم يولدوا أبدا
ربما لأننا حلمنا بهم خارج رحم الواقع
نخزنهم في الدفاتر بعيداً عن فضول الواقع
نسجلهم في ذاكرتنا كأي حدث من أحداث الحكاية
فإذا ماعاشت الحكاية كبر الصغار بها
وإذا ماتت الحكاية وُئد بها الصغار
إسألوا نســــــاء الأرض العـــــــاشقات
عن أطفالهن النائمين في دفاتر الخيال
أو إفتحوا دفاتر الحكايات الفاشلة
وأحصوا عدد أطفال الدفاتر فيها
ماذا يأتي بعد الفراق؟
أشياء تأتي يهاجمنا الفراغ كسماء بلا نهاية
يحاصرنا الحنين كوحش مفترس
تنغرس فينا البقايا كأسنة السيوف
تمزقنا الذكريات كأنياب حيوان جائع
ونرفض المكان ونهرب من الزمان
ونطرق كل أبواب النسيان ونفشل
فتجربة النسيان لاتقل صعوبة عن تجارب الاختراعات
ولأن الإحساس الذي كان في داخلنا كان صادقا
ولأن الأحلام التي عاشت فينا كانت رائعة
ولأن أمانينا التي غرسناها في أرض الحكاية كانت نقية
ولأن الحكاية كانت وسيلة من وسائل إتصالنا بالوجود
ولأننا كنا الطرف الأكثر شفافية في الحكاية
فإننا نفشل.. وبجدارة
وقبل أن يرعبنا المساء
بعض الحكايات تبدأ بكلمة
وتنتهي بصمت
وبعضها يبدأ بتجربة وينتهي بإنفجار
وبعضها الآخر يبدأ بلعبة
وينتهي بمأساة
وبعد أن أرعبني المساء
من بين كل الحكايات
أين حكاياتي
لـ طائر الوادي