النتائج 1 إلى 2 من 2
الموضوع:

الثورة الحسينية والثورة المهدوية

الزوار من محركات البحث: 30 المشاهدات : 859 الردود: 1
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    من أهل الدار
    تاريخ التسجيل: October-2011
    الدولة: في دفتر ذكرياتي
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 994 المواضيع: 72
    صوتيات: 0 سوالف عراقية: 5
    التقييم: 43
    مزاجي: حزين
    المهنة: nurse
    أكلتي المفضلة: اكل امي
    موبايلي: NOKIA C6
    آخر نشاط: 8/August/2018
    الاتصال: إرسال رسالة عبر Yahoo إلى حمود سطو
    مقالات المدونة: 2

    الثورة الحسينية والثورة المهدوية

    بسم الله الرحمن الرحيم
    التكليـف لا النتيـجة
    عندما نتأمل النهضة المباركة التّي حققها سيّد الشهداء عليه أفضل
    الصلاة والسلام، نستنتج أنّه عليه السلام لم يكن يلاحظ من وراء
    ثورة عاشوراء إلا العمل بالتكليف الإلهي. ومن هذا المنطلق اكتسبت
    هذه النهضة قدسيّة منقطعة النظير وهذا شأن كلّ عملٍ إلهي فنحن
    لسنا مسئولين عن النتيجة الدنيوية ولسنا مأمورين بإيجادها.
    قال إمامنا قدِّس سرُّه:
    " نحن كلُّنا مأمورون بأداء التكليف والوظيفة ولسنا مأمورين بالنتيجة "
    وفي بيان السرّ في أنَّ ضربة عليٍّ يوم الخندق أفضل من عبادة
    الثقلين، قال:
    "إنَّ قيمة الأعمال ترجع إلى العشق والحبّ للحق تعالى،
    وترجع إلى هذا الفناء والتوحيد المتواجد في الإنسان وهذا
    الأمر هو الذي أعطى الأهميَّة لهذه الضربة، حيث صارت
    أفضل من عبادة الثقلين. ولو فرض أنَّ شخصاً آخر كان قد
    ضرب هذه الضربة دفاعاً عن الإسلام ولكن ليس من
    منطلق العشق، وبالفعل أدَّت تلك الضربة إلى حفظ الإسلام
    وانتشاره، ولكن مبدأها لم يكن عِشقيّاً، بالتأكيد لم تكن
    تلك الضربة أفضل من عبادة الثقلين، فليست القيمة
    المعنوية لرفع اليد وقتل الكافر، بل القيمة المعنوية للنيَّة
    والعشق بالله سبحانه"
    ومن هذا المنطلق العقائدي ، وأيضاً عند التمعُّن في كلمات سيد
    الشهداء عليه السلام، بل كلمات كلّ من أخبر عن حادثة كربلاء من
    الأنبياء عليهم السلام والنبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وأمير
    المؤمنين عليه السلام- نصل إلى النتيجة التالية وهي:
    أنَّ هناك تكليف إلهي على عاتق الإمام الحسين عليه السلام خاصَّة لا
    يمكن لغيره من الأولياء والأنبياء ، أداء هذا التكليف لخصوصيَّة فيه
    عليه السلام.
    ففي الحديث التالي دلالة واضحة على هذا الأمر:
    ((عن أحمد بن داود القمي، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: جاء
    محمد بن الحنفية إلى الحسين عليه السلام في الليلة التي أراد
    الحسين الخروج في صبيحتها عن مكة فقال له: يا أخي إن أهل
    الكوفة قد عرفت غدرهم بأبيك وأخيك، وقد خفت أن يكون حالك
    كحال من مضى، فان رأيت أن تقيم فإنك أعز من بالحرم وأمنعه.
    فقال: يا أخي، قد خفت أن يغتالني يزيد بن معاوية بالحرم، فأكون
    الذي يستباح به حرمة هذا البيت، فقال له ابن الحنفية: فإن خفت
    ذلك فصر إلى اليمن أو بعض نواحي البر، فإنك أمنع الناس به ولا
    يقدر عليك أحد. فقال: أنظر فيما قلت. فلما كان السحر ارتحل
    الحسين عليه السلام، فبلغ ذلك ابن الحنفية فأتاه، فأخذ بزمام ناقته
    -وقد ركبها- فقال: يا أخي ألم تعدني النظر فيما سألتك؟ قال: بلى.
    قال: فما حداك على الخروج عاجلا؟ قال: أتاني رسول الله صلى الله
    عليه وآله بعد ما فارقتك، فقال:
    يا حسين، أخرج فان الله قد شاء أن يراك قتيلا
    فقال محمد بن الحنفية: إنا لله وإنا إليه راجعون! فما معنى حملك
    هؤلاء النساء معك وأنت تخرج على مثل هذا الحال؟ قال: فقال لي
    صلى الله عليه وآله:
    إن الله قد شاء أن يراهن سبايا.
    فسلّم عليه ومضى، قال: وجاءه عبدالله بن العباس وعبدالله بن
    الزبير فأشارا عليه بالإمساك فقال لهما: إن رسول الله قد أمرني
    بأمر وأنا ماض فيه، قال: فخرج ابن العباس وهو يقول:
    واحسيناه)) (بحار الأنوار ج 44 ص364)
    وفي رواية أخرى:
    (( ثم قال المفيد -رحمه الله- وروي عن الفرزدق أنه قال: حججت
    بأميفيسنة ستين، فبينما أنا أسوق بعيرها حتى دخلت الحرم إذ
    لقيت الحسين عليه السلام خارجا من مكة، معه أسيافه وتراسه .....
    فلقي عيرا قد أقبلت من اليمن فاستأجر من أهلها جمالا لرحله
    وأصحابه، وقال لأصحابها: من أحب أن ينطلقمعنا إلى العراق
    وفيناه كراه وأحسنا صحبته، ومن أحب أن يفارقنا في بعض الطريق
    أعطيناه كراه على قدر ما قطع من الطريق، فمضى معه قوم وامتنع
    آخرون وألحقه عبدالله بن جعفر بابنيه عون ومحمد …… وصار
    عبدالله إلى عمرو بن سعيد وسأله أن يكتب إلى الحسين عليه السلام
    أمانا ويمنيه ليرجع عن وجهه، وكتب إليه عمرو بن سعيد كتابا يمنيه
    فيه الصلة، ويؤمنه على نفسه، وأنفذه مع يحيى بن سعيد، فلحقه
    يحيى وعبدالله بن جعفر بعد نفوذ ابنيه، ودفعا إليه الكتاب وجهدا به
    في الرجوع، فقال: إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله في
    المنام وأمرني بما أنا ماض له، فقالوا له: ما تلك الرؤيا؟ فقال: ما
    حدثت أحداً بها ولا أنا محدث بها أحداً حتى ألق ربي عز وجل فلما
    يئس منه عبدالله بن جعفر أمر ابنيه عونا ومحمدا بلزومه، والمسير
    معه، والجهاد دونه....)) (بحار الانوار ج40 ص358)
    هل كانت هذه الرؤيا هي السبب الرئيسي في الخروج لأنَّها رؤيا
    صادقة، وهذا شأن رؤيا الأنبياء والأوصياء دائماً فالأوامر التِّي
    يأمرهم به الله سبحانه -وإن كانت في الرؤيا- فهي كالوحي يجب
    اتِّباعها؟ أم أنَّ الحسين عليه السلام ومن خلال معايشته لرسول الله
    صلى الله عليه وآله وسلم وإخبارات الرسول الغيبيَّة، كان يَعلم أنَّه
    سوف يُقتل بأرض في مكان معيَّن وزمان محدَّد وكان يَعرف جميع
    خصوصيات الحادثة، وما الرؤيا إلا هي تأكيد وتعزيز لتلك المعرفة
    المسبقة ؟
    إنَّ هناك أحاديث كثيرة، نقلت عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلَّم
    تتعلَّق بقتل الحسين عليه السلام، إليك بعضها:
    بالنسبة إلى سنة شهادته
    يقول صلى الله عليه وآله وسلم:
    (( يقتل حسين بن علي على رأس ستين من مهاجرتي))
    وبالنسبة إلى عمره الشريف
    يقول صلى الله عليه وآله وسلم:
    ((يقتل الحسين حين يعلوه القتير))
    وبالنسبة إلى كيفيَّة قتله
    يقول صل الله عليه وآله وسلم:
    ((يقتل ابني الحسين بالسيف))
    وأما الذين يقتلونه
    ((يقتل الحسين شر الأمة، ويتبرأ من ولده من يكفر بي)) ((يزيد لا
    يبارك الله في يزيد، ثم ذرفت عيناه(ذرفت عينه سال دمعها، بحار الانوار
    مجلد:41 ص49) صلى الله عليه وآله وسلم، ثم قال: نعي إلي حسين،
    وأتيت بتربته، وأخبرت بقاتله)).
    ((عن سعد، عن الخشاب، عن محمد بن سنان، عن إسماعيل ابن
    جابر، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قال الحسين عليه السلام:
    أنا قتيل العبرة)) (بحار الانوار مجلد:40 ص278)
    وأما محل الشهادة
    ((يقتل الحسين بأرض بابل)) (كلمة كربلاء منحوتة من كلمة كور بابل العربية ،
    بمعنى مجموعة قرى بابلية، موسوعة عاشوراء عن موسوعة العتبات المقدسة) ((إن ابني
    هذا يقتل بأرض العراق، فمن أدركه فلينصره)) ((أخبرني جبرئيل
    عليه السلام أن هذا يقتل بأرض العراق -للحسين-)) ((إن الحسين
    يقتل بشط الفرات)) ((إنما هي أرض كرب وبلاء)) ((وإن سبطك
    هذا وأومى بيده إلى الحسين مقتول في عصابة من ذريتك وأهل بيتك
    وأخيار من أمتك بضفة الفرات، بأرض يقال لها كربلاء)) ((يا بني،
    إنك ستساق إلى العراق، وهي أرض قد التقى بها النبيون وأوصياء
    النبيين، وهي أرض تدعى "عمورا" وإنك تستشهد بها، ويستشهد معك
    جماعة من أصحابك))، ((أسري بي في هذا الوقت إلى موضع من
    العراق يقال له كربلاء، فرأيت فيه مصرع الحسين ابني وجماعة من
    ولدي وأهل بيتي، فلم أزل ألقط دماؤهم فها هي في يدي)) ((طوبى
    لك من تربة، وطوبى لمن يقتل فيك)) (بحار الأنوار مجلد:40 من ص221 الى
    ص245).
    الفئة الباغية:
    ((يا عمة، تقتله الفئة الباغية من بني أمية)) ((يا أم سلمة، إذا تحولت
    هذه التربة دما فاعلمي أن ابني قد قتل)) ((يا بنتاه، ذكرت ما يصيبه
    بعدي وبعدك من الأذى والظلم والغدر والبغي، وهو يومئذ في عصبة
    كأنهم نجوم السماء، يتهادون إلى القتل، وكأني أنظر إلى معسكرهم،
    وإلى موضع رحالهم وتربتهم. قالت: يا أبه، وأين هذا الموضع الذي
    تصف؟ قال: موضع يقال له كربلا، وهي دار كرب وبلاء علينا
    وعلى الأمة، يخرج عليهم شرار أمتي)) ((يا بني، أُقبل موضعَ
    السيوفِ منك. قال: يا أبه، وأقتل؟ قال: إي والله)) ((أتاني جبرئيل
    فأخبرني أن أمتي تقتل ولدي هذا، وقد أتاني بتربة حمراء)) ((و أيم
    الله ليقتلن ابني، لا أنالهم الله شفاعتي)) ((كأني به وقد خضبت شيبته
    من دمه، يدعو فلا يجاب، ويستنصر فلا ينصر)) ((بل تقتل يا بني
    ظلما)) ((الويل لمن يقتلك)) ((أوحى الله إلى نبيكم صلى الله عليه
    وآله وسلم أني قتلت بيحيى بن زكريا سبعين ألفا، وإني قاتل بابن
    ابنتك سبعين ألفا وسبعين ألفا)) (الأحاديث الغيبية ج1 ص 171 إلى ص192)
    هـذا:
    وأمّا: الأمور التِّي يُشير إليها الإمام الحسين عليه السلام سواء في
    خُطبه أو كلماته أو أدعيته أو مواقفه العملية -مع الدِّقة والتأمِّل فيها-
    فهي لا تخلو من أحد الأمور الثلاثة:
    1- إمّا بيان ذلك التكليف ولكن ببيان غير صريح.
    2- وإمّا تَنصبُّ بالأخير في تلك المسألة (كالأمر
    بالمعروف والنهي عن المنكر والسير على منهاج رسول
    الله وأيضاً طلبُ الشهادة من الله سبحانه).
    3-وإمّا أنَّها مجرَّد التبرير لعامة الناس وإسكاتهم.
    لماذا هذا النوع من التكليف؟
    يبقى السؤال بأنَّه لماذا هذا النوع من التكليف على سيد شباب أهل
    الجنّة أبى عبدالله الحسين عليه السلام حيث يقتل هو وجميع أولاده
    وأصحابه وذويه وتسبى نسائهم من بلد إلى بلد!! وهل هذا كان ضمن
    المخطط الإلهي في قضائه وقدره؟!.
    وإذا لم يكن كذلك، بل الناس بتخاذلهم عن علي عليه السلام
    وبانحرافهم عن الإسلام الأصيل ووضعهم القواعد الباطلة، هم الذين
    وصَّلوا الأمر إلى هذه المرحلة الخطيرة التي انجر إلى هذا التكليف
    على عاتق الحسين عليه السلام؟
    ثمَّ هل ترى قد حدث تغيير جذري في الإسلام باستشهاده عليه
    السلام؟ وهل ترى قد استقام دين محمد بقتله حيث يقول:
    "إنّ كان دين محمَّد لم يستقم إلاّ بقتلي يا سيوف خذيني"؟
    وهل كل هذه التضحيات لأجل بقاء ظاهر الإسلام من أذانٍ لا محتوى فيه، وصلاةٍ لا عروجَ إلى الله يصحبها، وصوم لا جُنةً من النار تلازمه، وحجِّ لا قيام ضدِّ الشرك ومظاهره يعقبه، وإنفاقٍ لا بركة وراءه وقراءةِ قرآن لا عمل فيه..؟
    أم أن هناك مسألة أخرى وراء كلِّ هذه التضحيات؟ فما هي؟
    هذه التساؤلات هي التي دعتني أن أشرع في كتابة هذا الموضوع
    وأرجو الله سبحانه وتعالى أن أكون مُصيباً في ذلك:
    فأقـول:
    ورد عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم خطاباً للحسين عليه
    السلام:
    "إنَّ لك في الجنةِ درجاتٍ لا تنالها إلاّ بالشهادة" (بحار الأنوار ج 44
    ص310)
    فمع غض النظر عن هذا المقام الرفيع الذي أخبر به الرسول للحسين
    عليه السلام، يمكننا أن نستخلص نتائج هذه الثورة العظيمة في أمرين:
    أولاً-قصير المدى
    وهي رغم أهميَّتها البالغة، إلا أنَّها لا تشكِّل البعد المهم في هذه
    النهضة المباركة، ولا تتناسب مع ما حدث في كربلاء من جرائم
    بحقّ سيد شباب أهل الجنَّة وريحانة رسول الله الإمام الحسين عليه
    السلام وهي تتلخَّص في كلمة واحدة وهي:
    "كشف الوجه الآخر لبني أميَّة والممهِّدين لهم بنحو عام
    والإشهار بيزيد بن معاوية عليه اللعنة بنحو خاص"
    وقد تحقق هذا الأمر من خلال أمور كثيرة نشير إلى أهمِّها:
    1-خطب وكلمات الإمام الحسين عليه السلام
    وأصحابه البررة ومواقفهم الحاسمة من ناحية:
    *قبل موت معاوية بسنة حج الحسين صلوات الله عليه واجتمع إليه
    بمنى أكثر من سبعمائه رجل من التابعين، ونحو من مائتي رجل من
    أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم. فقام فيهم خطيباً فحمد الله
    وأثنى عليه ثم قال:
    ((أما بعد فإن هذا الطاغية قد فعل بنا وبشيعتنا ما قد رأيتم وعلمتم
    وشهدتم فإني أتخوف أن يدرس هذا الأمر ويذهب الحق ويغلب والله
    متم نوره ولو كره الكافرون...)) (البحار ج 33 ص178روايه456 باب17)
    *عند الخروج من المدينة
    قال في وصيتة لأخيه محمد:
    ((وأني لم أخرج أشرا ولا بطرا ولا مفسدا ولا ظالما وإنما خرجت
    لطلب الإصلاح فى أمة جدي صلى الله عليه وآله وسلم أريد أن آمر
    بالمعروف وأنهى عن المنكر وأسير بسيرة جدي وأبي علي بن أبى
    طالب عليه السلام فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق ومن رد
    على هذا أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق وهو خير
    الحاكمين )) (البحار ج 44 ص 329 روايه 2 باب37)
    *وعندما وصل إلى كربلاء دعا بدواة وبيضاء وكتب إلى أشراف
    الكوفة :
    ((بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فقد علمتم أن رسول الله صلى
    الله عليه وآله وسلم قد قال فى حياته من رأى سلطانا جائرا مستحلا
    لحرم الله ناكثا لعهد الله مخالفا لسنة رسول الله يعمل فى عباد الله
    بالإثم والعدوان ثم لم يغير بقول ولا فعل كان حقيقا على الله أن
    يدخله مدخله وقد علمتم أن هؤلاء القوم قد لزموا طاعة الشيطان
    وتولوا عن طاعة الرحمن وأظهروا الفساد وعطلوا الحدود واستأثروا
    بالفيئ وأحلوا حرام الله وحرموا حلاله)) (البحار ج 44 ص 381 روايه 2
    باب37)
    *وعندما قيل له أنزل على حكم يزيد قال:
    (( لا والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا أفر فرار العبيد ثم
    نادى: يا عباد الله إني عذت بربى وربكم من كل متكبر لا يؤمن
    بيوم الحساب))
    *وقال عليه السلام:
    (( موت في عزّ خير من حياة فى ذل ))
    *وأنشا عليه السلام يوم قتل:
    ((الموت خير من ركوب العار والعار أولى من دخول النار ))
    *وقال:
    (( ألا ترون الحق لا يعمل به والباطل لا يتناهى عنه ليرغب المؤمن
    فى لقاء الله وإنى لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا
    برما ))(البحار ج 44 ص191 روايه4 باب 26)
    لما عزم على الخروج إلى العراق قام خطيبا فقال:
    ((الحمد الله وما شاء الله ولا حول ولا قوة إلا بالله وصلى الله على
    رسوله وسلم، خط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة
    وما أولهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف، وخير لي مصرع
    أنا لاقيه كأني بأوصالي يتقطعها عسلان الفلوات بين النواويس
    وكربلا فيملآن مني أكراشا جوفا وأجربة سغبا ))
    وفي يوم العاشرقام الحسين عليه السلام وخطب فيهم خطبة وقال في
    مقطع من خطبته :
    ((فإنما أنتم من طواغيت الأمة وشذاذ الأحزاب ونبذة الكتاب ونفثة
    الشيطان وعصبة الآثام ومحرّفي الكتاب ومطفئ السنن وقتلة أولاد
    الأنبياء ومبيري عترة الأوصياء وملحقي العهار بالنسب ومؤذي
    المؤمنين وصراخ أئمه المستهزئين الذين جعلوا القرآن عضين، وأنتم
    ابن حرب وأشياعه تعتمدون وأيانا تخاذلون، أجل والله الخذل فيكم
    معروف وشجت عليه عروقكم وتوارثته أصولكم وفروعكم وثبتت
    عليه قلوبكم وغشيت صدوركم فكنتم أخبث شيىء سنخا للناصب
    وأكلة للغاصب، ألا لعنة الله على الناكثين الذين ينقضون الأيمان بعد
    توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا، فأنتم والله هم، ألا أن الدعي ابن
    الدعي قد ركز بين اثنتين بين القله والذلة وهيهات ما آخذ الدنية أبى
    الله ذلك ورسوله وجدود طابت وحجور طهرت وأنوف حمية ونفوس
    أبية لا تؤثر مصارع اللئام على مصارع الكرام...)) (البحار ج45 ص7
    باب37)
    2- المواقف البطوليَّة لعقيلة بني هاشم زينب الكبرى عليها السلام ، والإمام
    زين العابدين وأهل البيت عليهم السلام وسائر من أخذوا أسرى إلى الكوفة
    والشام.
    خطب زينب بن أمير المؤمنين عليهما السلام:
    * في الكوفة قالت في ضمن خطبتها عندما أشارت إلى الناس بأن انصتوا فارتدت الأنفاس وسكنت الأجراس ، قالت :
    (( والله فابكوا فإنكم والله أحق بالبكاء فابكوا كثيرا واضحكوا قليلا
    فقد بليتم بعارها ومنيتم بشنارها ولن ترحضوها أبدا وأنى ترحضون
    قتل سليل خاتم النبوه ومعدن الرسالة وسيد شباب أهل الجنة ))
    ثم ولت عنهم، قال حذيم فرأيت الناس حيارى قد ردوا أيديهم في
    أفواههم فالتفت إلى شيخ إلى جانبي يبكي وقد اخضلت لحيته بالبكاء
    ويده مرفوعة إلى السماء وهو يقول بأبي وأمي كهولهم خير الكهول
    وشبابهم خير شباب ونسلهم نسل كريم وفضلهم فضل عظيم...))
    (البحار ج45 ص 162رواية7باب39)
    *خطبة زينب عليها السلام في الشام:
    ((الحمد لله رب العالمين نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم
    ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين ولا عجب من فعلك وأنى يرتجى
    مراقبة من لفظ فوه أكباد الشهداء ونبت لحمه بدماء السعداء ونصب
    الحرب لسيد الأنبياء وجمع الأحزاب وشهر الحراب وهز السيوف في
    وجه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أشد العرب لله جحودا
    وأنكرهم له رسولا وأظهرهم له عدوانا وأعتاهم على الرب كفرا
    وطغيانا ألا إنها نتيجة خلال الكفر وضب يجرجر فى الصدر لقتلى
    يوم بدر، فلا يستبطئ في بغضنا أهل البيت من كان نظره إلينا شنفا
    وشنانا وأحنا وضغنا، يظهر كفره برسوله ويفصح ذلك بلسانه وهو
    يقول فرحا بقتل ولده وسبي ذريته غير متحوب ولا مستعظم لأهلوا
    واستهلوا فرحا ولقالوا يا يزيد لا تشل منتحيا على ثنايا أبي عبد الله،
    وكان مقتل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ينكتها بمخصرته قد
    التمع السرور بوجهه، لعمري لقد نكأت القرحة واستأصلت الشأفة
    بإراقتك دم سيد شباب أهل الجنة وابن يعسوب العرب وشمس آل عبد
    المطلب وهتفت بأشياخك وتقربت بدمه إلى الكفرة من أسلافك، ثم
    صرخت بندائك ولعمري قد ناديتهم لو شهدوك ووشيكا تشهدهم
    ويشهدوك ولتود يمينك كما زعمت شلت بك عن مرفقها وأحببت أمك
    لم تحملك وأباك لم يلدك حين تصير إلى سخط الله ومخاصمك
    ومخاصم أبيك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. اللهم خذ بحقنا
    وانتقم من ظالمنا واحلل غضبك بمن سفك دماءنا ونقص ذمامنا وقتل
    حماتنا وهتك عنا سدولنا. وفعلت فعلتك التى فعلت وما فريت إلا
    جلدك وما جززت إلا لحمك وسترد على رسول الله بما تحملت من
    ذريته وانتهكت من حرمته وسفكت من دماء عترته ولحمته حيث
    يجمع به شملهم ويلم به شعثهم وينتقم من ظالمهم ويأخذ لهم بحقهم من
    أعدائهم، ولا يستفزنك الفرح بقتله ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل
    الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتيهم الله من فضله
    وحسبك بالله وليا وحاكما وبرسول الله خصيما وبجبرئيل ظهيرا
    وسيعلم من بوأك ومكنك من رقاب المسلمين أن بئس للظالمين بدلا
    وأنكم شر مكانا وأضل سبيلا. وما استصغاري قدرك ولا استعظامي
    تقريعك توهما لانتجاع الخطاب فيك بعد أن تركت عيون المسلمين به
    عبرى وصدورهم عند ذكره حرى فتلك قلوب قاسية ونفوس طاغية
    وأجسام محشوة بسخط الله ولعنة الرسول قد عشش فيه الشيطان
    وفرخ ومن هناك مثلك ما درج ونهض، فالعجب كل العجب لقتل
    الأتقياء وأسباط الأنبياء وسليل الأوصياء بأيدى الطلقاء الخبيثه ونسل
    العهرة الفجرة تنطف أكفهم من دمائنا وتتحلب أفواههم من لحومنا
    وللجثث الزاكية على الجبوب الضاحية تنتابها العواسل وتعفرها
    الفراعل، فلئن اتخذتنا مغنما لتتخذنا وشيكا مغرما حين لا تجد إلا ما
    قدمت يداك وما الله بظلام للعبيد وإلى الله المشتكى والمعول وإليه
    الملجأ والمؤمل، ثم كد كيدك واجهد جهدك فوالذى شرفنا بالوحي
    والكتاب والنبوة والانتجاب لا تدرك أمدنا ولا تبلغ غايتنا ولا تمحو
    ذكرنا ولا ترحض عنك عارنا، وهل رأيك إلا فند وأيامك إلا عدد
    وجمعك إلا بدد يوم ينادي المنادي ألا لعن الظالم العادي، والحمد لله
    الذى حكم لأوليائه بالسعادة وختم لأوصيائه ببلوغ الإرادة نقلهم إلى
    الرحمة والرأفة والرضوان والمغفرة ولم يشق بهم غيرك ولا ابتلى
    بهم سواك ونسأله أن يكمل لهم الأجر ويجزل لهم الثواب والذخر
    ونسأله حسن الخلافة وجميل الإنابة إنه رحيم ودود.
    فقال يزيد مجيبا لها شعرا يا صيحة تحمد من صوائح ما أهون
    الموت على النوائح ثم أمر بردهم ..)) (البحار ج45 ص157رواية5 باب39)
    خطب زين العابدين عليه السلام:
    *في الكوفة
    ((أيها الناس ناشدتكم بالله هل تعلمون أنكم كتبتم إلى أبى وخدعتموه
    وأعطيتموه من أنفسكم العهد والميثاق والبيعة وقاتلتموه وخذلتموه فتبا
    لما قدمتم لأنفسكم وسواه لرأيكم بأية عين تنظرون إلى رسول الله
    صلى الله عليه وآله وسلم إذ يقول لكم قتلتم عترتى وانتهكتم حرمتى
    فلستم من أمتي.
    قال فارتفعت أصوات الناس من كل ناحيه ويقول بعضهم لبعض
    هلكتم وما تعلمون فقال عليه السلام:
    رحم الله امرءا قبل نصيحتى وحفظ وصيتي فى الله وفى رسوله
    وأهل بيته فإن لنا فى رسول الله أسوة حسنة.
    فقالوا بأجمعهم: نحن كلنا يا بن رسول الله سامعون مطيعون حافظون
    لذمامك غير زاهدين فيك ولا راغبين عنك فمرنا بأمرك يرحمك الله
    فأنا حرب لحربك وسلم لسلمك لنأخذن يزيد ونبرأ ممن ظلمك ظلمنا))
    * في الشام:
    قال عليه السلام ليزيد:
    ((يا بن معاوية وهند وصخر لم تزل النبوة والإمرة لآبائي وأجدادي
    من قبل أن تولد ولقد كان جدي على بنأبي طالب في يوم بدر وأحد
    والأحزاب في يده راية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأبوك
    وجدك في أيديهما رايات الكفار.
    ثم جعل علي بن الحسين عليه السلام يقول:
    ماذا تقولون إذ قال النبى لكم ماذا فعلتم وأنتم آخر الأمم بعترتي
    وبأهلي عند مفتقدي، منهم أسارى ومنهم ضرجوا بدم.
    ثم قال على بن الحسين:
    ويلك يا يزيد إنك لو تدري ماذا صنعت وما الذى ارتكبت من أبي
    وأهل بيتي وأخي وعمومتي إذا لهربت في الجبال وافترشت الرماد
    ودعوت بالويل والثبور أن يكون رأس أبي الحسين بن فاطمة وعلى
    منصوبا على باب مدينتكم وهو وديعة رسول الله فيكم، فابشر بالخزى
    والندامة غداً إذا جمع الناس ليوم القيامة....
    وقال صاحب المناقب وغيره روى أن يزيد لعنه الله أمر بمنبر
    وخطيب ليخبر الناس بمساوئ الحسين وعلي عليهما السلام وما فعلا،
    فصعد الخطيب المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم أكثر الوقيعة في علي
    والحسين وأطنب في تقريظ معاويه ويزيد لعنهما الله فذكرهما بكل
    جميل، قال فصاح به على بن الحسين:
    ويلك أيها الخاطب اشتريت مرضاة المخلوق بسخط الخالق فتبوأ
    مقعدك من النار.
    ثم قال على بن الحسين عليه السلام: يا يزيد ائذن لي حتى أصعد هذه
    الأعواد فأتكلم بكلمات لله فيهن رضا ولهؤلاء الجلساء فيهن أجر
    وثواب قال فأبى يزيد عليه ذلك، فقال الناس يا أمير المؤمنين ائذن له
    فليصعد المنبر فلعلنا نسمع منه شيئا، فقال إنه إن صعد لم ينزل إلا
    بفضيحتي وبفضيحة آل أبى سفيان فقيل له يا أمير المؤمنين وما قدر
    ما يحسن هذا؟ فقال: إنه من أهل بيت قد زقوا العلم زقا. قال فلم
    يزالوا به حتى أذن له فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم خطب
    خطبة أبكى منها العيون وأوجل منها القلوب ثم قال:
    أيها الناس أعطينا ستا وفضلنا بسبعإلى أن قال محمد هذا جدي
    أم جدك يا يزيد؟ فإن زعمت أنه جدك فقد كذبت وكفرت وإن زعمت
    أنه جدي فلم قتلت عترته؟!)) (البحار ج45 ص134رواية1باب39)
    3- خروج الصحابي الجليل جابر بن عبدالله الأنصاري رضوان الله تعالى
    عليه- برفقة مفسِّر القرآن عطيَّة العوفي، إلى زيارة قبر أبي عبدالله الحسين
    عليه السلام
    حيث أنَّ هذه الزيارة قد قضت على جميع أنواع الإعلام الذي نشره
    يزيد بن معاوية ضدَّ سيد الشهداء عليه السلام حتى في مركز حكومته
    أعني الشام .
    4-إقامة مجالس العزاء وإحياء ذكر سيد الشهداء من قِبل الأئمَّة الطاهرين
    عليهم السلام والتحريض على ذلك ببيان فضائلهم ومثالب أعدائهم والإنشاد
    فيهم .
    إحياء ذكر مصاب الحسين عليه السلام
    ((عن علي بن الحسن بن فضال عن أبيه قال قال الرضا عليه
    السلام: من تذكر مصابنا وبكى لما ارتكب منا كان معنا في درجتنا
    يوم القيامه ومن ذكر بمصابنا فبكى وأبكى لم تبك عينه يوم تبكي
    العيون ومن جلس مجلسا يحيى فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت
    القلوب)) (البحار ج44 ص278رواية 1باب34)
    ((عن أبي عمارة المنشد عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال لي: يا
    أبا عماره أنشدني فى الحسين بن علي قال فأنشدته فبكى ثم أنشدته
    فبكى، قال فوالله ما زلت أنشده ويبكي حتى سمعت البكاء من الدار.
    قال فقال: يا أبا عماره من أنشد في الحسين بن علي شعرا فأبكى
    خمسين فله الجنة ومن أنشد في الحسين شعرا فأبكى ثلاثين فله الجنة
    ومن أنشد في الحسين شعرا فأبكى عشرين فله الجنة ومن أنشد في
    الحسين شعرا فأبكى عشرة فله الجنة ومن أنشد في الحسين شعرا
    فأبكى واحدا فله الجنة ومن أنشد في الحسين شعرا فبكى فله الجنة
    ومن أنشد في الحسين شعرا فتباكى فله الجنة)) (البحار ج44 ص282 روايه
    15باب34)
    البكاء على الحسين عليه السلام
    ((عن ابان بن عثمان عن زراره قال قال أبو عبد الله عليه السلام:
    يا زراره إن السماء بكت على الحسين أربعين صباحا بالدم وما عين
    أحب إلى الله ولا عبرة من عين بكت ودمعت عليه، وما من باك يبكيه
    إلا وقد وصل فاطمة وأسعدها عليه ووصل رسول الله صلى الله عليه
    وآله وسلم وأدى حقنا وما من عبد يحشر إلا وعيناه باكية إلا الباكين
    على جدي فإنه يحشر وعينه قريرة والبشارة تلقاه والسرور على وجهه
    والخلق في الفزع وهم آمنون والخلق يعرضون وهم حداث الحسين عليه
    السلام تحت العرش وفي ظل العرش لا يخافون سوء )) (البحار ج 45
    ص 206 روايه 13باب40)
    نوح الجن على الحسين عليه السلام
    عن أم سلمه زوجة النبي صلى الله عليه وآله وسلم قالت: ما سمعت
    نوح الجن منذ قبض النبى إلا الليلة ولا أراني إلا وقد أصبت بابني
    قال وجاءت الجنية منهم تقول:
    ألا يا عين فانهملي بجهدي فمن يبكي على الشهداء بعدي
    على رهـط تقودهم المنايا إلى متجـبر في ملـك عبـد
    (البحار ج45 ص238رواية8باب43)
    5-الزيارات المستمرة ذات المحتوى المركَّز والدقيـق ، في المواسم
    الحساسَّة التي تعد من أيام الله وتحريض الأمَّة على الالتزام بها.
    ثانيا-بعيد المدى
    إيجاد أرضية خصبة لتمكين الإسلام المحمَّدي الأصيل على جميع
    بقاع الأرض في ظل الحكومة الإلهيَّة التي سوف يؤسِّسها ولي
    العصر وصاحب الأمر الحجَّة بن الحسن المهدي عجَّل الله تعالى
    فرجه الشريف، ومن ثمَّ استقامة دين الله وتحقق مصداقية خلق
    الإنسان بل السماوات والأرض وإظهار الحكمة الإلهيَّة والفلسفة
    الربّانية من خلق الكون وتجسيد هدف بعث الأنبياء جميعاً وذلك
    بظهور المهدي المنتظر عجَّل الله تعالى فرجه الشريف ، وحينئذٍ
    يكون هناك تناسب بين إراقة تلك الدماء الطاهرة وهذه الغاية
    المنشودة، حيث أنَّها الغاية من الدين والمغزى من بعثة جميع الأنبياء
    والمرسلين والسرّ في نبوَّة خاتم النبيين ، فالحجَّة بن الحسن المهدي
    روحي له الفداء- هو وارثهم جميعاً وبه يملأ الله الأرض قسطاً
    وعدلا كما ملئت ظلماً وجورا حتَّى لا تكون فتنة ويكون الدين كلّه لله.
    وإثبات هذه الحقيقة يحتاج إلى شرحٍ وافٍ واستقراء تامّ للآيات
    والأحاديث والزيارات والأدعية الشريفة. وقبل أن نشرع في ذلك،
    نقدِّم ثلاث مقدَّمات ضروريَّة:
    الأولى: التشيع رؤية شاملة
    إن التشيع الذي يمثل الإسلام المحمدي الأصيل هو مدرسة متكاملة،
    وفي نفس الوقت فإن مفرداته مترابطة تماما غير قابلة للإنفكاك.
    فعقيدة التشيع لا تنفك عن أخلاقياته كما أنَّهما لا ينفكان عن تأريخه
    ومواقف أئمته عليهم السلام.
    فمن أراد أن يعرف تاريخ أئمة الشيعة عليهم السلام ومواقفهم في
    قبال الظلمة المعاصرين لهم، ومن أراد أن يصل إلى السرّ في تلك
    المواقف السلبيَّة وأحياناً الإيجابيَّة، ينبغي له أن يدرس الفكر الشيعي
    بدقَّة أولاً وعلى ضوء ذلك يعمد إلى تاريخ الشيعة فيتجول حيث شاء.
    وأما لو وضع الباحث يده على مفردة من المفردات الشيعيَّة وركَّز
    على زاوية واحدة فحسب، من غير أن يلاحظ سائر الزوايا المرتبطة
    معها (حيث لا يعتقد بوجود العلاقة بينها)، فمن الطبيعي أن ينحرف
    عن المسير الصحيح وهذا الإنحراف سوف يؤدِّى إلى السقوط في
    أخطاء كبيرة أخرى، لا يمكنه التخلُّص منها فيما بعد، وشأنه شأن من
    يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض. ومن الواضح أنَّ مثل هذا الإنسان
    سوف ينحرف عن المسير الصحيح وسوف يقع في ظلمات لا
    خلاص له منها.
    الثانية: المهدي عليه السلام والعدل الحقيقي
    ثم لا يخفى على كل من يدرس فكر الشيعة - ولو إجمالا - أن
    الاعتقاد بالمهدي المنتظر -عجل الله تعالى فرجه الشريف- من أهم و
    أبرز معتقداتهم وإن دولته المباركة هي العلة الغائية والنتيجة الأخيرة
    التي يتوقعها كل موالٍ لأهل البيت عليهم السلام.
    ((اللهم إنا نرغب إليك في دولة كريمة تعزّ بها الإسلام وأهله وتذل
    بها النفاق وأهله وتجعلنا فيها من الدعاة إلى طاعتك والقادة إلى
    سبيلك وترزقنا بها كرامة الدنيا والآخرة))
    ومن الطبيعي أن المحقق لو نسى تلك النتيجة أو تغافل عنها، سوف
    يؤدِّى ذلك إلى انحرافه الفكري وخروجه عن الصراط المستقيم.
    ثمَّ:
    إنَّ الإمام الحجَّة بن الحسن عليه السلام سوف يؤسِّس دولة يطبَّق فيها
    حقيقة الدين وباطن شريعة سيد المرسلين "حيث لا عدل حقيقي إلا
    بذلك" وهذا ما يدلنا عليه حكم العقل، حيث يقول بأن العدل هو إعطاء
    كلِّ ذي حق حقَّه ومصداقيته لا تظهر إلا إذا كان الحاكم، يشرف
    بالعين الباطنية على الأمَّة ويتعامل معهم تعاملاً غيبياً، دون الاعتماد
    على الشهود والبيِّنات، فإنَّها تثبت أحكاماً ظاهرية غير واقعيَّة، فربَّ
    ظالم يغصب حقَّ الآخرين بإقامة شهادة الزور.
    موسى و العبد الصالح
    ولعلّ ذكر ما جرى بين موسى والعبد الصالح (الخضر عليه السلام)
    في القرآن الكريم على مستوى محدود من أجل تبيين نموذج من
    العدل الواقعي، تمهيداً لما سيتحقَّق في المستقبل على مستوى العالم
    كلِّـه‍!
    وقد ورد في تفسير علي بن إبراهيم القمِّي عن رسول الله صلى الله
    عليه وآله(بحار الأنوار ج13 ص278 رواية1 باب10) ما ملخّصه:
    " أنه لما كلم الله موسى تكليما و أنزل عليه الألواح، أراد الله أن يبيِّن
    لموسى مستوى علمه فأوحى إلى جبرئيل أن أخبره بأن هناك رجل أعلم
    منك فاذهب إليه وتعلَّم منه، فعندما أخبره ذلَ موسى في نفسه ودخله
    الرعب و{ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لاَ أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ
    أَمْضِيَ حُقُبًا } (الكهف/60)فتزوَّد وصيُّه يوشع حوتاً مملوحاً فخرجا {
    فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا} (الكهف/61)
    ووجدا رجلا مستلقياً على قفاه، فلم يعرفاه فأخرج وصيّ موسى
    الحوت وغسّله بالماء ووضعه على الصخرة ومضيا {نَسِيَا حُوتَهُمَا
    فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا} (الكهف/61)
    فمضى موسى عليه السلام ويوشع معه { فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا
    غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا} (الكهف/63) أي عناء فذكر
    وصيّه السمكة { قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ
    وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا }
    (الكهف/64)فقال موسى: ذلك الرجل الذي رأيناه عند الصخرة هو الذي
    نريده {فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا} (الكهف/64) { فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ
    عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا} (الكهف/65)
    وهو في الصلاة فقعد موسى حتى فرغ عن الصلاة فسلم عليهما {
    قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا} (الكهف/66)
    قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْرًا} (الكهف/67)" .
    ففعل أفعالاً ثلاثة لم يصبر موسى عليها رغم أنَّه وعده على ذلك إن
    شاء الله وكان مستعداً ومهيأً لها، وهي:
    خرق السفينة ولم يصبر موسى على ذلك بل انتقده {قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا} (الكهف/71)
    2- قتل غلامٍ ، فاعترض موسى عليه وقال {َقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا } (الكهف/74)
    3- بناء الجدار ، الذي كان في معرض السقوط، قال موسى : {لَوْ شِئْتَ لاَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا} (الكهف/77)ولم يتمالك موسى نفسه، فاعترض عليه وللمرَّة الثالثة،
    وحينئذٍ قال خضر:
    {هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ} (الكهف/78)وأخبره عن السبب لتلك
    التصرُّفات وانكشف أنَّها جميعاً كانت طبقاً لموازين شرعية وأسس
    قويمة. والجدير بالذكر ما في الحوادث الثلاثة من التنوُّع، والاختلاف
    من نواحٍ شتَّى منها الاختلاف من حيث الزمان فخرق السفينة كان
    لأجل ما سيتحقق في الحال من أخذ كل سفينة سليمة غصباً، وقتل
    الغلام كان لأجل أنَّه سوف يؤذي أبويه في المستقبل، وبناء الجدار
    لأجل وجود كنز تحته في الماضي، فكان خضر عالماً بما كان وما
    يكون وما هو كائن.
    هــذا:
    فوليُّ العصر -عجل الله تعالى فرجه- سوف يتعامل مع الأمور،
    تعاملاً غيبياً كصاحب موسى، فمن ليس له ارتباط وثيق به، لا يمكنه
    الإنسجام معه عليه السلام، ولا يصل الإنسان إلى تلك الدرجة إلا إذا
    كان يمتلك فهماً للمسائل، أعلى مستوى من موسى عليه السلام ليصبر
    على ما سيحقِّقه من حوادث، من قتل وتخريب وو.. خصوصاً أنَّه
    يقتل ذراري قتلة الحسين كما سنشرح ذلك بالتفصيل.
    دور الزيارات والأدعية
    مضافا إلى القرآن الكريم والأحاديث الشريفة والأدعية، لدينا مجموعة
    كبيرة من الزيارات العامَّة والخاصَّة بكلِّ إمام، يمكن أن يفهم منها
    كثير من الجوانب الغامضة -غير المذكورة- في تاريخ حياة أئمتنا
    عليهم السلام. وهناك زيارات بسيد الشهداء أبي عبدالله الحسين عليه
    السلام سواء المطلقة منها كزيارة وارث أو الخاصة بزمان كزيارة
    عاشوراء؛ من خلالها يمكننا أن نصل إلى كثير من الجوانب الخفية
    من نهضته المباركة نهضة عاشوراء- علماً بأنَّ المؤرخين في
    سنه61 من الهجرة على الأقل في كربلاء لم يكونوا من المؤمنين
    بأهل البيت عليهم السلام، بل كانوا من جملة جيش يزيد بن معاوية،
    جاءوا مع العسكر، كي يدوِّنوا ما يطلق عليه بقتل الخوارج ونهب
    أموالهم! وذلك لأن يصلوا إلى مطامعهم الدنية، فمن الطبيعي أنهم لم
    يعمدوا إلى الحقائق ليثبتوها، بل كانت غايتهم إرضاء الطاغية يزيد
    عليه اللعنة.
    ومن هذا المنطلق، يكون من الضروري واللازم علينا، التأمل في ما
    صدر عن المعصومين عليهم السلام، لا بالصراحة فحسب، بل حتَّى
    بالإيماء والإشارة من خلال الزيارات المختلفة. وأعني من كلمة
    التأمل الدقة والإمعان بوضع النقاط على الحروف ،كالدقة التّي
    نمارسها في فهم القرآن الكريم .
    ومن الجدير أن ندقِّق في مثل هذه الواقعة العظيمة التي تتعلق بسيد
    الشهداء وسبط رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسيد شباب أهل
    الجنة أبى عبدالله الحسين عليه السلام والتي نحن نعيشها بجميع
    وجودنا.
    وقد وردت من أئمتنا عليهم السلام زيارات كثيرة لسيِّد الشهداء أبي
    عبدالله الحسين عليه السلام، تشتمل على مفاهيم اعتقادية وأخلاقية
    وسياسيَّة وغيرها وهذه الزيارات يمكن تقسيمها في بادئ الأمر إلى
    قسمين:
    الف: الزيارات المطلقة. ب:الزيارات المختصة بأوقات معيَّنة.
    مفاهيم اعتقادية
    كما في زيارة وارث:
    ((...السلام عليك يا وارث آدم صفوة الله السلام عليك يا وارث نوح
    نبي الله وأشهد أنك من دعائم الدين وأركان المؤمنين وأشهد أنك
    الإمام البر التقي الرضي الزكي الهادي المهدي وأشهد أن الأئمة من
    ولدك كلمة التقوى وأعلام الهدى والعروة الوثقى والحجة على أهل
    الدنيا وأشهد الله وملائكته وأنبياءه ورسله أني بكم مؤمن وبإيابكم
    موقن بشرايع ديني وخواتيم عملي وقلبي لقلبكم سلم وأمري لأمركم
    متبع....)) (البحار ج101 ص197رواية32 باب18)
    مفاهيم أخلاقية
    ((...وتقول سبحان الذي سبح له الملك والملكوت وقدست بأسمائه
    جميع خلقه وسبحان الملك القدوس رب الملائكه والروح اللهم اكتبنى
    فى وفدك الى خير بقاعك وخير خلقك اللهم العن الجبت والطاغوت
    والعن أشياعهم وأتباعهم اللهم أشهدنى مشاهد الخير كلها مع أهل بيت
    نبيك اللهم توفني مسلما...)) (البحار ج101ص148رواية1باب18)
    مفاهيم سياسية
    ((...لعن الله أمة قتلتك ولعن الله أمة خذلتك ولعن الله أمة خذلت عنك
    اللهم إني أشهدك بالولاية لمن واليت ووالته رسلك وأشهد بالبراءة
    ممن برئت منه وبرئت منه رسلك اللهم العن الذين كذبوا رسلك
    وهدموا كعبتك وحرفوا كتابك وسفكوا دماء أهل بيت نبيك وأفسدوا
    في بلادك واستذلوا عبادك اللهم ضاعف لهم العذاب فيما جرى من
    سبلك وبرك وبحرك اللهم العنهم في مستسر السرائر في سمائك
    وأرضك...)) (البحار ج101ص148رواية1باب18)
    ثــار الله
    وهناك مفهوم مهمٌّ للغاية مشترك بين كثير من الزيارات وهو
    (ثأر الله وابن ثأره والوتر الموتور)
    ألـف:
    ((السلام عليك يا ثار الله وابن ثاره وأشهد أنك ثار الله في
    الأرض وابن ثاره وأشهد أنك وتر الله الموتور في السموات
    والأرض))
    وقد ورد ذلك في زيارة العيدين وعرفة وعاشوراء. ومن ناحية
    أخرى نرى أنَّ الزائر يدعو الله سبحانه وتعالى بدعوات منها:
    ب:
    ((فأسال الله الذي أكرم مقامك وأكرمني بك أن يرزقني طلب ثارك
    مع إمام منصور من أهل بيت محمد صلى الله عليه وآله وسلم))
    ج:
    ((وأسأله أن يبلغني المقام المحمود لكم عند الله، وأن يرزقني
    طلب ثاري مع إمام مهدي ظاهر ناطق منكم))
    ومن خلال هذه الزيارات نستنتج الأمور التاليَّة:
    1-إنَّ مفهوم الثأر بعد ما كان سائداً بين الجاهليَّة الأولى، قد اكتسب
    صبغةً مُقدَّسةً في الإسلام وذلك لأنَّه أضيف إلى الله سبحانه
    وتعالى(ثار الله).
    2-إنَّ الحسين عليه السلام هو ثار الله وأمير المؤمنين عليه السلام
    أيضاً ثار الله، ولكن ثأر عليٍّ قد تجسَّد في إبنه الحسين عليه السلام
    فصار الحسين هو (ثار الله وابن ثاره).
    3-سيد الشهداء عليه السلام هو الوتر الموتور.
    قال ابن عباد في المحيط:
    "الثأر: الطلب بالدم ثأر بقتيله: أي قتَل به، فهو ثائر والثائر:
    صاحب الثأر والثأر: المطلوب بالدم" (أقول: فهو عليه السلام الوارث للأنبياء
    وثأر الله ومظهر الرثاء والمقتفى أثره (ثأر-ورث-رثي-أثر ) فتأمَّل)
    وقال الفيروز آبادي:
    "المَوتور: الذي قتل له قتيل فلم يدرك بدمه" وقال ابن عبّاد في
    المحيط "الوتر : الفرد والوِتر: ظلامة في دم"
    وفي الحديث:
    ((بإسناده عن عبدالأعلى بن حصين الثعلبي عن أبيه قال: "لقيت
    أبا جعفر محمد بن علي عليهما السلام في حج أو عمرة فقلت له
    :كبُرت سنِّي ودقَّ عَظمي، فلستُ أدري يقضي لي لقاؤك أم لا؟
    فاعهد إليَّ عهداً وأخبرني متى الفرج؟ فقال: إنَّ الشريد الطريد
    الفريد الوحيد، المفرد من أهله، الموتور بوالده، المكنى بعمه هو
    صاحب الرايات واسمه اسم نبي..)) (كتاب الغيبة ص162)
    وأيضاً قد نُقل الحديث مع اختلافٍ يسير في كتاب كمال الدين وتمام
    النعمة ص 318.
    أقـول :
    وهذا لا ينافي أن يكون الوتر الموتور هو الحسين حيث يفهم من
    الحديث جمعاً بينه وبين ما سبق من الزيارات أنَّ المراد بالوالد هو
    الحسين صلوات الله عليه .
    4-من خلال التعابير الثلاثة وهي (ثار الله ، ثارك ، ثاري) نستنتج
    أنَّ: ثأر الله هو بعينه ثأر الحسين عليه السلام وهو ثأر المؤمن
    الموالي والمقتدي بسيد الشهداء عليه السلام، ولا تعارض بينها حيث
    أنَّ الثار الإلهي قد تجلَّى وظهر في الحسين عليه السلام وفي المؤمن
    حسب النظام الطولي فالحسين عليه السلام هو مظهر ثار الله تعالى.
    5-أنَّ طلب ثار الحسين هو من الأرزاق الإلهيَّة التِّي هي من
    مقتضيات ومن لوازم كرامة الله على الإنسان بالحسين عليه السلام
    والوصول إليه ، يستدعي البلوغ إلى المقام المحمود الذي وصل إليه
    الحسين عليه السلام وهو إشارة إلى مقام النبي صلى الله عليه وآله
    المشار إليه في قوله تعالى :
    {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} (الإسراء/79)
    6-إنَّ الذي يَطلب ثار الحسين هو الإمام المهدي عجَّل الله تعالى فرجه
    الشريف وهو الإمام المنصور من أهل بيت محمَّد صلى الله عليه وآله
    وسلم وذلك إشارة إلى قوله تعالى:
    {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا} (الإسراء/33)
    وقد وردت أحاديث كثيرة في تأويل هذه الآية المباركة عن أئمَّة أهل
    البيت عليه السلام، منها:
    ما ورد في كتاب بحار الأنوار نقلاً عن تفسير العياشي
    ((عن سلام بن المستنير عن أبي جعفر عليه السلام في قوله:‏ ومن
    قتل مظلوما‏؟ فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان
    منصورا،‏ قال: هو الحسين بن علي عليه السلام قتل مظلوما ونحن
    أولياؤه والقائم منا إذا قام طلب بثأر الحسين عليه السلام فيقتل
    حتى يقال: قد أسرف في القتل وقال المقتول الحسين ووليه القائم
    والإسراف في القتل أن يقتل غير قاتله إنه كان منصورا فإنه لا
    يذهب من الدنيا حتى ينتصب رجل من آل رسول الله عليهم الصلاة
    والسلام، يملأ الأرض قسطا وعدلا، كما ملئت جوراً وظلما))
    (البحارج44 ص218 رواية7باب28 وأيضاً البحارج51ص30رواية8 باب2البحارج45
    ص298روايه7باب45)
    ومنـها:
    ما في كتاب الكافي الشريف للكليني رحمه الله:
    ((علي بن محمد، عن صالح بن أبي حماد، عن الحجال،عن بعض
    أصحابه، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: سألته عن قول الله
    عزوجل "ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في
    القتل" قال: نزلت في الحسين عليه السلام، لو قتل أهل الأرض به
    ما كان سرفا)) (الكافي ج8 ص255 الرواية 364 باب8)
    قال العلاّمة المجلسي (ره)
    "ويحتمل أن يكون المعنى أن السرف ليس من جهة الكثرة، فلو شرك
    جميع أهل الأرض في دمه أو رضوا به، لم يكن قتلهم سرفا، وإنما
    السرف أن يقتل من لم يكن كذلك وإنما نهي عن ذلك".
    أقـول :
    يظهر من هذه الروايات أنَّ أئمتنا عليهم السلام كانوا يقرؤون الآية
    بالقراءة الخاصة بهم وهو (فلا يُسرِفُ) نفياً لا نهياً أعني (فلا يُسرِفْ
    ) الموجودة في القرآن، وقد أشار إلى ذلك العلامة المجلسي رحمه الله
    حيث قال:
    "فيه إيماء إلى أنه كان في قراءتهم عليهم السلام" فلا يسرف
    "بالضم".
    ولا يخفى أنَّ بين المعنيين فرقاً كبيراً، ونُذكِّر القرّاء أنَّ القراءات
    المختلفة للقرآن الكريم، متواجدة في كثير من آيات القرآن وذلك عند
    الفريقين وهذا لا يعني تحريف الكتاب أصلاً، فتأمَّل في ذلك.
    وفي حديث آخر:
    ((عن سلام بن المستنير عن أبي جعفر عليه السلام في قوله:
    "ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه
    كان منصورا" قال: هو الحسين بن علي عليهما السلام، قتل
    مظلوما ونحن أولياؤه والقائم منا إذا قام، طلب بثأر الحسين عليه
    السلام،فيقتل حتى يقال فقد أسرف في القتل وقال: المقتول
    الحسين، ووليه القائم والإسراف في القتل أن يقتل غير قاتله "إنه
    كان منصورا" فإنه لا يذهب من الدنيا حتى ينتصر برجل من آل
    رسول الله عليهم الصلاة والسلام يملأ الأرض قسطا وعدلاً، كما
    ملئت جوراً وظلماً.)) (بحار الأنوار ج44 ص218)
    7-ويُستفاد من الزيارة الأولى أنَّ دم سيد الشهداء عليه السلام سكن
    في الخُلد وقد اقشعرت أظلّة العرش لدمه عليه السلام وبكت له
    الموجودات جميعاً بلا استثناء، كما تدلُّ عليه الأحاديث الكثيرة
    المتواترة عند الخاصة والعامة، لأنَّ الحسين عليه السلام قتيل الله
    وابن قتيله. وهناك أحاديث دالة على أنَّ دمَ الحسين ارتفع إلى السماء
    ولم يرجع منه قطرة واحدة .
    منـها:
    ((فأتاه سهم محدَّد مسموم له ثلاث شعب ، فوقع السهم في
    صدره وفي بعض الروايات على قلبه، فقال الحسين عليه السلام:
    بسم الله وبالله وعلى ملّة رسول الله ورفع رأسه إلى السماء وقال:
    إلهي إنك تعلم أنهم يقتلون رجلاً ليس على وجه الأرض ابن نبي
    غيره، ثم أخذ السهم فأخرجه من قفاه، فانبعث الدم كالميزاب،
    فوضع يده على الجرح فلما امتلأت، رمى به إلى السماء، فما رجع
    من ذلك الدم قطرة)) (بحار الأنوار ج45 ص53 باب37)
    منها: في خصوص الطفل الرضيع:
    ((قال المفيد: دعا ابنه عبدالله قالوا: فجعل يقبله وهو يقول: ويل
    لهؤلاء القوم إذا كان جدك محمد المصطفى خصمهم، والصبي في
    حجره، إذ رماه حرملة بن كاهل الاسدي بسهم فذبحه في حجر
    الحسين، فتلقى الحسين دمه حتى امتلأت كفه، ثم رمى به إلى
    السماء وقال السيد: ثم قال: هون علي ما نزل بي أنه بعين الله))
    (الارشاد ص224 بحار الأنوار ج45 ص46 باب37)
    قال الباقر عليه السلام:
    (( لم يسقط من ذلك الدم قطرة إلى الأرض)) (الملهوف ص103)
    روايات أخرى
    ((عن منصور بن يونس عن الثمالي قال سمعت علي بن الحسين
    عليه السلام يقول: ما من خطوة أحب إلى الله عز وجل من خطوتين
    خطوة يسد بها المؤمن صفا في الله وخطوة إلى ذي رحم قاطع وما
    من جرعة أحب إلى الله عز وجل من جرعتين جرعة غيظ ردها
    مؤمن بحلم وجرعة مصيبة ردها مؤمن بصبر وما من قطرة أحب
    إلى الله عز وجل من قطرتين قطرة دم في سبيل الله وقطرة دمعة في
    سواد الليل لا يريد بها عبد إلا الله عز وجل)) (البحار ج69 ص377
    رواية31 باب38)
    دور عاشوراء في توجيه جيش الحجَّة
    وللحسين عليه السلام له دور رئيسي في ذلك الجيش العظيم الذي
    سوف يحقق انتصارات كبيرة، فهناك ظواهر حسينيَّة في الثورة
    المهدوية في مختلف النواحي، أهمُّها الجانب الإعلامي والروحي فإنَّ
    شعار جيش الحجَّة هو:
    " يا لثارات الحسين "
    هذا ما تدلُّ عليه عشرات من الأحاديث الشريفة مضافاً إلى الدعم
    القرآني كما سيأتي ، نكتفي بالحديثين التاليين:
    1-في الحديث المعروف عن الريان بن شبيب قال : دخلت على
    الرضا عليه السلام في أوَّل يوم من المحرم، فقال لي: يا ابن شبيب
    أصائم أنت؟ فقلت: لا فقال: إن هذا اليوم هو اليوم الذي دعا فيه
    زكريا ربه عز وجل فقال {رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك
    سميع الدعاء} (آل عمران/38)
    إلى أن قال عليه السلام:
    ((يا ابن شبيب، إن كنت باكيا لشيء، فابك للحسين بن علي بن
    أبي طالب عليه السلام فإنَّه ذبح كما يذبح الكبش، وقتل معه من
    أهل بيته ثمانية عشر رجلا ما لهم في الأرض شبيهون، ولقد بكت
    السماوات السبع والأرضون لقتله، ولقد نزل إلى الأرض من
    الملائكة أربعة آلاف لنصره فوجدوه قد قتل، فهم عند قبره، شعثٌ
    غبرٌ إلى أن يقوم القائم فيكونون من أنصاره وشعارهم يا لثارات
    الحسين)) (البحار ج44 ص 582 روايه 32 باب43)
    فالذي يدفعهم إلى تعزيز جيش الحجَّة ونصرته ، إنَّما هو طلب ثأر
    الحسين لأنَّه هو ثأر الله وابن ثأره والوتر الموتور، كما ورد في كثير
    من الزيارات
    ((السلام عليك يا ثار الله وابن ثاره والوتر الموتور)) (البحار ج101
    ص352 روايه1 باب30)
    وفي حديث آخر عن أبي عبدالله عليه السلام وصف أصحاب الحجَّة
    عجل الله تعالى فرجه إلى أن قال:
    ((...فيهم رجال لا ينامون الليل لهم دويٌّ في صلاتهم كدويِّ النحل،
    يبيتون قياماً على أطرافهم ويصبحون على خيولهم، رهبان بالليل
    ليوثٌ بالنهار، هم أطوع له من الأمَة لسيِّدها، كالمصابيح كأن
    قلوبهم القناديل، وهم من خشية الله مشفقون، يدعون بالشهادة
    ويتمنَّون أن يُقتلوا في سبيل الله، شعارهم يا لثارات الحسين، إذا
    ساروا يسير الرعب أمامهم مسيرة شهر، يمشون إلى المولى
    إرسالاً، بهم ينصر الله إمامَ الحق)) (البحارج25 ص307 روايه82 باب26)
    ولا يخفى ما في قوله عليه السلام لهم دوي في صلاتهم كدوي
    النحل.
    رواية أخرى في وصف أصحاب الحجة
    ((نى ابن عقده عن علي بن الحسن التيملى عن الحسن ومحمد ابني
    علي بن يوسف عن سعدان بن مسلم عن رجل عن المفضل بن عمر
    قال قال أبو عبد الله عليه السلام: إذا أذن الإمام دعا الله باسمه
    العبراني فأتيحت له صحابته الثلاثمائة وثلاثة عشر قزع كقزع
    الخريف وهم أصحاب الألوية منهم من يفقد عن فراشه ليلا فيصبح
    بمكة ومنهم من يرى يسير في السحاب نهارا يعرف باسمه واسم أبيه
    وحليته ونسبه قلت جعلت فداك أيهم أعظم إيمانا قال الذي يسير في
    السحاب نهارا وهم المفقودون وفيهم نزلت هذه الآية أينما تكونوا يأت
    بكم الله جميعا))
    فكما كان في عصر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلَّم حيث يقول
    سبحانه :
    {سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمْ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ} (آل عمران151)
    والحديث عن الرعب في النصوص، كثير نذكر نموذجين. عن أبي
    جعفر عليه السلام:
    ((ويسير الرعب قدّامها شهراً ووراءها شهراً وعن يمينها شهراً
    وعن يسارها شهراً)) (البحارج19 ص320)
    وفي حديث آخر يرتبط بالحسين عليه السلام :
    ((يسير الرعب أمامها شهراً ويخلف أبناء سعد السقاء بالكوفة
    طالبين بدماء آبائهم وهم أبناء الفسقة، حتى يهجم عليهم خيلُ
    الحسين عليه السلام، يستبقان كأنّهما فرسا رهان، شعث غبر،
    أصحاب بواكي وقوارح)) (البحارج53 ص83)
    ومن هنا صار الحسين قتيل العبرة ، فهذا البكاء له دور حيوي في
    تلك النهضة المباركة .
    يوم خروج القائم عليه السلام
    هذا الأمر أيضاً له دلالة ، على أنَّ هناك ارتباطاً وثيقاً بين الثورتين
    من ناحية الزمان، ففي الحديث:
    ((عن أبي بصير، قال: قال أبو جعفر عليه السلام: يخرج القائم
    عليه السلام يوم السبت يوم عاشوراء، اليوم الذي قُتل فيه
    الحسين عليه السلام)) (البحارج52 ص852 روايه17باب26)
    والحديث التالي يفسره حيث يقول:
    ((الفضل عن محمد بن على الكوفي عن وهيب بن حفص عن أبي
    بصير قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إن القائم صلوات الله
    عليه ينادى باسمه ليلة ثلاث وعشرين ويقوم يوم عاشورا يوم قتل
    فيه الحسين بن علي عليه السلام)) (البحارج52 ص290)
    فالنداء باسمه في ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان ليلة الجمعة
    وخروجه في يوم آخر وهو يوم عاشوراء، كما يدل عليه هذا
    الحديث:
    ((عن محمد بن مسلم قال دخلت على أبي جعفر عليه السلام
    ...إلى أن قال... ولا يخرج القائم حتى يُنادى باسمه من جوف
    السماء في ليلة ثلاث وعشرين في شهر رمضان ليلة جمعة. قلت:
    بمَ ينادى؟ قال: باسمه واسم أبيه ألا إنَّ فلان بن فلان قائم آل
    محمد فاسمعوا له وأطيعوه)) (بحار الأنوارج51 ص217 روايه6 باب13)
    فقبل ذلك لم يذكر اسمه بصريح القول كما كان رسول الله صلى الله
    عليه وآله وسلَّم حيث يقول سبحانه : { وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ
    بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ } (الصف6)
    وكان يحرم أن ينادى باسمه فيقول: يا محمد يا أحمد ولكن يقول: يا
    نبي الله يا رسول الله يا خيرة الله، إلى غير ذلك من صفاته الجليلة.
    يقتل ذراري قتلة الحسين
    وقد فرَّد العلاّمة المجلسي (ره) باباً مستقلاً تحت عنوان العلة التي من
    أجلها أخر الله العذاب عن قتلته صلوات الله عليه والعلة التي من
    أجلها يقتل أولاد قتلته عليه السلام، وإن الله ينتقم له في زمن القائم
    عليه السلام، ذلك لأنَّ هناك أحاديث كثيرة تؤكِّد على ذلك. ونحن قد
    ذكرنا سابقاً بعض ما يدل على هذا الأمر حيث تطرقنا إلى آية
    الإسراف في القتل وتتميماً للفائدة نشير إلى الأحاديث الأخرى:
    ((الهمداني ، عن علي، عن أبيه، عن الهروي قال: قلت لأبي
    الحسن الرضا عليه السلام : يا ابن رسول الله، ما تقول في
    حديث روي عن الصادق عليه السلام أنه قال : إذا خرج القائم
    قتل ذراري قتلة الحسين عليه السلام بفعال آبائها؟ فقال عليه
    السلام: هو كذلك فقلت : وقول الله عزوجل "ولاتزر وازرة وزر
    أخرى" ما معناه ؟ قال : صدق الله في جميع أقواله ولكن ذراري
    قتلة الحسين يرضون بفعال آبائهم، ويفتخرون بها ، ومن رضي
    شيئا كان كمن أتاه، ولو أن رجلا قتل بالمشرق فرضي بقتله رجل
    بالمغرب ، لكان الراضي عند الله عزوجل شريك القاتل وإنما
    يقتلهم القائم عليه السلام إذا خرج لرضاهم بفعل آبائهم)) (عيون
    أخبار الرضا ج 1 ص 273 ، علل الشرائع ج1ص 219بحار الأنوار ج 45 ص295)
    وقد وردت آيات في هذا المجال أوضحها قوله تعالى:
    {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ
    فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَانًا كَبِيرًا} (الإسراء60)
    وقد وردت أحاديث كثيرة في تفسير الآية المباركة ، فقال رسول الله
    صلى الله عليه وآله وسلَّم:
    (( إنيرأيتاثنيعشررجلامنأئمة الضلال، يصعدونمنبري
    وينزلون، يردونأمتيعلىأدبارهمالقهقرى)) (بحار الأنوار ج33
    ص263)
    يعني بذلك اثنين من بني أميَّة وسبعة من أولاد حكم وخمسة من بني
    أبي العاص .
    قال العلامة المجلسي رضوان الله عليه :
    ((ولاخلافبينأحدانه تباركوتعالىأرادبهابنىأميهومماوردمن
    ذلكفيالسنةورواه ثقاهالأمه قولرسولاللهصلى الله عليه وآله
    وسلم فيهوقدرآهمقبلاعلىحمارومعاوية يقودهويزيديسوقهلعن
    اللهالراكبوالقائدوالسائق)) (بحار الأنوار ج33ص208)
    قال القرطبي في تفسير الآية المباركة :
    " قال سهل: إنما هذه الرؤيا هي أن رسول الله صلى الله عليه وآله
    وسلم كان يرى بني أمية ينزون على منبره نزو القردة، فاغتم
    لذلك، وما استجمع ضاحكاً من يومئذ حتى مات صلى الله عليه
    وآله وسلم" "وقال ابن عباس: هذه الشجرة بنو أميّة"
    وذكر الرازي في تفسيره هذا القول فراجع .
    قال الفيض الكاشاني (ره)
    " وفي قوله سبحانه فما يزيدهم إلا طغياناً كبيراً لطافة لا تخفى"
    (تفسير الصافي ج 3 ص 199)
    وهذا مبالغة في الطغيان، فما ارتكبه في الطف من الجرائم جعله
    حقيقةً الطغيان المبين.
    ومن هنا ورد في الزيارة ((ولعن الله بني أميَّة قاطبة)) (بحار الأنوار
    ج 101 ص 292)
    وفي زيارة أخرى ((ولعن الله بني أميَّة قاطبة إلى يوم القيامة))
    (بحار الأنوار ج 101 ص 293)
    قال في محيط اللغة : " قاطبة : يطلق على كلِّ جيل من الناس "
    أقـول :
    وأمّا المبرِّر لقتل ذرية قاتلي الحسين عليه السلام هو في الواقع
    المبرر لقتل أيِّ قاتلٍ آخر ، لأنَّ فلسفة القتل تكمن في أمرٍ واحدٍ وهو
    الروح الخبيثة والملوَّثة التي يكتسبها القاتل من جرئته على أمر القتل
    وهذا لا يختص بمن باشر القتل بل يشمل حتَّى المحرِّض والراضي
    به ومن هنا صارت للنية الحسنة تلك القيمة التِّي تقيِّم العمل الصالح
    وكذلك بالنسبة للنيَّة السيِّئة فهي التي توجب خبثَ العمل الخبيث،
    وعليه ينبغي أن يُقتل كلّ من هو راضٍ بأمر القتل إلا أنَّ الوضع
    الذي نعيشه في عصرنا حيث لا سلطة ظاهرية للمعصوم علينا، حتَّى
    في عصر المعصومين، حيث لم يكونوا مبسوطي الأيدي، هذا ما أدَّى
    الركون إلى الظاهر والاعتماد على الشهود والبينات وإجراء الحدود
    في نطاق خاصٍ وهو في خصوص المباشرين لأمر القتل. وأمّا
    الحجَّة عليه السلام فأمره يختلف تماماً، وهو كما قلنا يتعامل مع
    القضايا تعاملاً خِضرِياً في قبال موسى عليه السلام ولكن بشكل أوسع
    وإطار أشمل.
    روج لا استثناء
    قلنا إنَّ اللعن شامل لجميع من ينتسب إلى بني أميَّة صغيراً كان أم
    كبيراً من غير استثناء أصلاً، وهذا شأن كلِّ أمرٍ حاسم له أهميَّة
    تغطِّي على كافة الأضرار الهامشيَّة وهذا لا ينافي خروج البعض
    منهم بنحو آخر كما ورد في سعد الخير في الحديث التالي:
    ((محمد بن احمد الكوفي الخزاز عن احمد بن محمد بن سعد
    الكوفي عن ابن فضال عن إسماعيل بن مهران عن أبى مسروق
    النهدى عن مالك بن عطية عن أبي حمزة قال دخل سعد بن عبد
    الملك و كان أبو جعفر عليه السلام يسميه سعد الخير وهو من ولد
    عبد العزيز بن مروان على أبي جعفر عليه السلامفبيناينشجكما
    تنشجالنساءقالفقاللهأبو جعفرعليه السلام مايبكيكياسعد قال
    وكيف لاأبكيوأنامنالشجرةالملعونةفيالقرآنفقاللهلست منهم
    أنتأمويمناأهلالبيت أماسمعتقولاللهعزوجليحكىعن
    إبراهيمعليه السلام فمنتبعنيفانهمنى )) (بحار الأنوار ج46 ص337)
    وهذا الأسلوب من الخروج هو المستخدم في كثير من الأحاديث كما
    في قوله :
    ((لا شك لكثير الشك)) الذي يخرج هذا النمط من الشك عن القاعدة
    العامَّة للشكّ الوارد في سائر الأحاديث كبطلان الشك في الصلاة
    الثنائية، وكذلك قوله ((لا ربا بين الوالد وولده)) الذي يخرج هذا
    النوع من الربا -رغم كونه ربا فعلا- عن القانون العام الوارد في
    القرآن الكريم وهو: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا } (البقرة 275)
    وتفصيله يطلب في محلِّه .
    والحمد لله ربِّ العالمين وصلى الله على محمَّدٍ وآله الطاهرين

  2. #2
    من أهل الدار
    تاريخ التسجيل: July-2011
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 28,586 المواضيع: 5
    صوتيات: 432 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 35103
    آخر نشاط: 17/March/2023
    طرح متميز وموضوع قيم
    شكرا لك حميد على ما شاركتنا به
    تقييمي المتواضع جدا

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال