بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام علي رسول الله هادي ألامة وكاشف الغُمة والسراج المنير...
والذي علمنا كيف نؤمن وكيف ننقض أنفسنا من براثن الجهل والغفلة والعُقم الفكري ...
وننطلق لنزيل التكلس الذي أصاب عقولنا وأفكارنا، ولنضُخ دماء جديدة لعروقنا لتنشط أوردتنا وتتحرك أوصالنا ، بعد أن أصابها الكثير من الوهن والضعف والضيق فتوقفت أفكرنا وعقولنا وبالتالي قلوبنا عن الإحساس بالآخرين والإحساس بما نعيش لأجله ، وما سنموت فداه ، ولنثبت أن إيماننا وتصديقنا للحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم ، هو حقيقي وصادق وليس قولا نفلا فقط من باب الترف الاجتهادي الفكري الاستعراضي ، والمحُب للظهور ، والمُرائي
( أي الذي يقول ما يقول ليقول عنه الناس انه قال ) والذي علمنا كيف نحب بعضنا البعض وحدد لنا درجات حُبنا ...؟
فبدأ بتحريضنا بحب خالقنا سبحانه وتعالي ووالدينا والبر بهما ....فركز لنا بالتحديد علي هذه النقطة علي حب الوالدين ، ومن الأولي في الحب والرعاية..
فأوصي بالأم ....نعم أوصي بالأم ....نعم أوصي بالأم ...
ثم الأب...
وأوصي كذلك، بنوع خاص من الأمومة، وهي أُم ليس بالأم أي المرتبطة علاقتها بنا بالدم
( الرابط البيولوجي )... فبالفعل عملنا بهذا الأمر ...وأحببنا والدينا وأمهاتنا لأننا نعلم علم اليقين بأن الجنة تحت أقدام أمهاتنا....فالجنة ثمنها المعاملة الطيبة والبر بهنّ ، والمليء بالحب والرأفة والرعاية والإيثار بالنفس والنفيس .......
ولكننا نسينا وتناسينا اُمّا والتي عرّفنا الله عليها وبينها لنا ، عن قصد أو غير قصد .وهو حب أمهاتنا نحن وزوجاته هو....اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلي آله وصحبه وسلم
تسليما كثيراً........
نأتي بأحد وصاياه ، فقد..أوصي بالبر والعطف والرعاية لنوع من الأمومة.أكدها الله سبحانه وتعالي وهن زوجاته ( رضوان الله تعالي عليهنّ ) ..وتأتي أهميتهن في أنهن تم ذكرهُن في القرآن الكريم..
مبيناً فضل أزواجه صلي الله عليه وسلم...في الحُرمة والاحترام ....وقد قال ابن كثير : وكذلك في التوقير والإعظام والإكرام ....حيث قال تعالي...
{النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ}
الأحزاب 5
فكان لزاما علينا وواجبا أن نحب أمهاتنا ....ونذود عنهم بكل ما نستطيع من أنواع الحماية والرعاية ...
وقد قال القرطبي أيضا :.
أي في وجوب التعظيم والمبّرة والإجلال والتقدير بأن جعلهن الله تعالي أمهات المؤمنين...
.وتأكيداً علي ذلك قال الله سبحانه تعالي أيضا في كتابه الكريم
{وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا 34}الحزاب 34
وقال تعالي هذه الآيات لتبين تزكيته لهن ويبلغهن ما يشاهدنه في بيت النبوة من العلم والحكمة ..
.وقال أيضا تأكيدا علي أنهن لسنا كأحد من النساء ..ففي هذه الآية الكريمة قال :
{يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء } الاحزاب32
وقال ابن كثير :: فإنه لا يشبههن أحد من النساء،في الفضل والشرف والمكانة ...
وفي قوله تعالي عن أهل البيت :
{ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا {33}الأحزاب 33.
والمقصود أن الله يريد أن يذهب الرجس عن أهل البيت ويطهرهم تطهيراً...
وذكر أن زوجات النبي صلى الله عليه وسلم من آل البيت بدليل الآيات السالفة من سورة الأحزاب....... ،
قال القرطبي رحمه الله تعالى: وقد اختلف أهل العلم في أهل البيت، من هم....؟
فقال عطاء وعكرمة وابن عباس: هم زوجاته خاصة، لا رجل معهن. وهناك من فسر الآيات علي أنها تخص أهل البيت
( أي بيت الرسول صلي الله عليه وسلم ) ابتدأ من زوجاته وبناته والحسن والحسين وأبوهم علي ( رضي الله عنه ) والذي يظهر من الآية أنها عامة في جميع أهل البيت من الأزواج وغيرهم ، وآل البيت الكريم مكون من الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم وزوجاته الطيبات الطاهرات أمهاتنا ، نعم أمهاتنا في الحب والفضل والمكانة والمقام ....وأحدي أمهاتنا أصبحت علي السنة شُذاذ الآفاق والمأجورين ...فتسلطوا عليها
بالسب واللعن والطعن في الشرف ..بحجة حبهم للنبي الكريم .صلي الله عليه وسلم..!!
وقد نسوا أن التي طعنوها هي حبيبة الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم...وبالتالي كأنهم طعنوا فيه شخصيا وطعنوا أيضا في اختيار الله لها لتكون زوجة نبيه صلي الله عليه وسلم وهي احدي أمهاتنا الكريمات الشريفات السيدة الفاضلة عائشة
( رضي الله عنها)
من هي أمنا عائشة
( رضي الله عنها وأرضاها ) ...؟
فتاريخها الناصع البياض وشرفها ومقامها ومكانتها عند الله وعند نبيه وآل بيته...كل هذا ،
للرسول الكريم صلي الله عليه وسلم متمثلاً في حُبنا لزوجاته هو....وأمهاتنا نحن...
فشرف لنا أن تكون لنا أمهات كأمثال الفاضلة عائشة وخديجة وباقي أمهاتنا
بالإضافة لجوانب من شخصيتها ، وقربها من معلمها الأول وحبيبها الأول والذي أحبته وأحبها ، وهو الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم ...وما مدي تأثيره عليها وعلي علمها من ناحية وعلي زهدها وتقوتها من ناحية أخري ، والذي أنعكس بالتالي علي كل من عاشرها
( عاش زمنها ) ، أو تتلمذ علي يديها ،فأصبح من الرواد والرائدات المهمين والمهمات في التاريخ الإسلامي
الصدِّيقة بنت الصدّيق عائشة ـ رضي الله عنها
عائشة بنت( أبي بكر ) عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد ين تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب القرشي التيمي ..وتلتقي في سلسلة نسبها مع الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم ، من ناحية أبيها في الجد السادس
( مُرة بن كعب )
ويكني أبوها أبي بكر، بالعتيق، ولقب بألقاب كثيرة منها
( الصديق ) ، و ( الصاحب ) ، ( والاتقي ) ، ( والأواه ) ،
( ثالث ثلاثة )
وكل هذه الألقاب، تدل علي مكانته ومقامة الرفيع وعلي حسبه الطيب وقربه من الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم....
وكان جدها لأبيها يكني بأبي قحافة ....فقد أسلم يوم فتح مكة...
أمّا جدتها لأبيها ...هي سلمة بنت صخر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم ،...
وقد أسلمت الفاضلة عائشة ( رضي الله علنها ) مبكراً..فقد ولدت في ظلال الإسلام فنالت الفضل من كل جوانبه ونالت الشرف من سائر وجهه وكما قالت: لم أعقل أبوي إلاّ وهما يدينان الدين .....
..( أي يدينان بالدين الإسلامي الحنيف ) أما أمها فهي
( أم رومان )
( أم رومان..وأسمها زينب بنت عبد دُهمان )... أسلمت قديما وبايعت وهاجرت إلي المدينة وتوفيت في زمن النبي الكريم صلي الله عليه وسلم. في المدينة .وقد ولدت السيدة الفاضلة عائشة ( رضي الله عنها ) ..
في السنة( الخامسة من البعثة النبوية )......
وكان لها ثلاث أخوة هم:
(عبد الله، وعبد الرحمن، ومحمد ) وأختان هما ...
( أسماء وأم كلثوم )
فحاشا للحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم ، أن يلقب الفاضلة عائشة ( رضي الله عنها ) بلقب يهينها ويهين أبيها ، بالأضافة ، لم يثيت عن الرسول صلي الله عليه وسلم ، أنه أستعمل لفظاً فيه إنقاص من كرامة الأنسان ، الذي كرّمه الله سبحانه وتعالي ، ...بأسباغ الألقاب الغير أخلاقية علي أي كان ، فما بالك بأحد أقرب زوجاته ....
فقد كان الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم ، كما وصِف ، أن سلوكه وتصرف ، قرآن يمشي علي الأرض ، فقد قال تعالي في كتابه الكريم :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ {11}الحجرات 11 .....
فكيف تنزل عليه آيات كريمة تنهي عن السخرية والتنابز بالألقاب .....ويكون الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم ...هو من يسخر ويطلق الألقاب النابية...؟
فحاشا للحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم أن يكون كما يقولون
فقد كانت السيدة عائشة ( رضي الله علنها ) طويلة نحيلة الجسم...
وكما قلت فقد ولدت في ( السنة الخامسة ) من البعثة وخطبها النبي الكريم وهي بنت ست سنوات ...وتزوجها وهي بنت تسع سنوات ..وكان ذلك في السنة الثانية للهجرة...وزواجه منها حدث بعد وفاة السيدة الفاضلة خديجة بنت خويلد ( رضي الله عنها ) بعدة سنوات وفي المدينة بعد الهجرة بسنتين ... وبعد أن رحلت خديجة بنت خويلد( رضي الله عنها ) إلي جوار ربها .. والتي قضى معها النبي صلى الله عليه وسلم قرابة ربع قرن وكان قد تجاوز مرحلة .الشباب، وكانت ابنته فاطمة الزهراء
( رضي الله عنها ) صغيرة في السن وتحتاج الي رعاية منيقوم مقام الأم ..فعرضت عليه ( خولة ابنة حكيم ) أن يتزوج السيدة الفاضلة أم المؤمنين( سؤدة بنت زمعة ) ...والتي مات عنها زوجها( السكران بن عمر العامري ) عقب عودته مع سؤدة من هجرته للحبشة
وقد كانت ( سؤدة ) امرأة مُسنة ..خشيت أضطهاد أهل مكة لها ..وخافت علي دينها من أن يفتنها فيه أهل مكة....فأختارها النبي الكريم صلي الله عليه وسلم لرعاية ابنته فاطمة...وليس هذا الاختيار بسبب مال أو مكانه فقد كانت لا تملك من هذا ولا ذاك..لا جمال ولا مال ...
وقد عبّرت هي ذلك بنفسها للرسول الكريم صلي الله عليه وسلم فقالت:
والله ما بي علي الزواج من حرص ، ولكني اُحب أن يبعثني الله يوم القيامة زوجا لك ....وكانت التي اقترحت خطبت السيدة عائشة ( رضي الله عنها ) خولة بنت حكيم التي عرضت علي النبي الكريم صلي الله عليه وسلم أيضا الزواج من سؤدة بنت زمعة ...في نفس الوقت ...أي تزوج من سؤدة بنت زمعه ...