يصف جويسم شلتاغ (67 عاماً ) المكان الذي كان يبيع فيه قناني الدواء الفارغة للوافدين من المرضى الى مستشفى " المجيدية " اواسط الستينات من القرن الماضي , بالقول : كنت اقف منذ ساعات الصباح الاولى امام المكان الذي تشغله الان مدرسة التمريض بالقرب من مبنى مدينة الطب الحالي , ليمر علي الفقراء المرضى مستصحبين عوائلهم وأطفالهم المرضى الى ..المجيدية ,, بسبب سمعة اطبائها الجيدة وانواع العلاج الممنوح لهم.
الصيدلية
وحول المفارقات التي حصلت مع الحاج شلتاغ قال:
حصل اثناء عملي الكثير من المفارقات منها أن بعض النساء يشترين مني في الصباح زجاجات الدواء الفارغة. من أجل أن يوضع فيها دواء " التركيب" التي تعطيه صيدلية " المجيدية" للمرضى وبعد خروجهن تفرغ هذه القناني ويكسر بعضها لانهن اخبرن الطبيب المعالج بان حالتهن الصحية تحتاج الى " ابرزرق " لان السائل الدوائي لاينفع من وجهة نظرهن د. ليلى نعمان / كلية الطب التي كان والدها الجراح المعروف نعمان داود يعمل في " المجيدية" نهاية الخمسينات قالت:
حكاية المستشفى تيدا من قرار المشجر رجب باشا عام 1897 الذي كان يشغل وظيفة المفتش العام في الجيش العثماني بان يتم تحويل المكان الذي كان يشغله المربي نصرت باشا وتحويله الى مستشفى للضباط والجنود في الجيش التركي بعدها اصدر أمراً جراء توسيطات بناء قاعات كبيرة والتي اصبحت بعد ذلك ردهات المستشفى الملكي , فيما زودت البناية بالاجهزة الطبية والادوات الفنية ليتم افتتاحها عام 1900 تحت اسم " المجيدية" نسبة الى يوم تولي السلطان عبد المجيد باشا الولاية .
المشنق العسكري
وبعد الاحتلال البريطاني للعراق عام 1917 اصبح المستشفى تحت سيطرة الجيش الانكليزي, وقد اجريت عليه تحسينات وجهز بادوات واجهزة طبية حديثة ليطلق عليه اسم المستشفى العسكري البريطاني وفي العام 1921 اضيف جناح للعمليات الجراحية بالاضافة لجراحة النسائية والتوليد.
وفي العام 1922 قامت وزارة الصحة بتقديم طلب الى رئاسة الوزراء انذاك ليكون المستشفى الرئيسي الذي تجمع فيه المؤسسات والمعاهد الصحية مثل المختبر المركزي ومعهد (باستور) ومعهد الاشعة والمختبر الكيميائي , وفي عام 1923 اصبح " المجيدية" مستشفى مخصص لعلاج اهالي بغداد ومدن العراق كافة.
الكلية الطبية
المتقاعد سعدون عزيز الموظف في وزارة الصحة منذ السبعينات استذكر حكاية انشاء الكلية الطبية في بغداد قائلاً :
كان د. سندرسن باشا عام 1927 هو اول مؤسس وعميد للكلية وبعد افتتاحها رسمياً ليقوم بتحويل الكلية في المستشفى الى مختبر كبير تم فيه تدريس مادتي الفيزياء والكيمياء وعلم الحياة اضافة الى اقسام اخرى للتدريس ودروس التشريح العملي وقد وضع " سندرسن" لافتة امام المبنى كتبت بالابيض والاسود باللغة العربية والانكليزية كتب عليها " الكلية
الطبية العراقية" ويمضي التمريضي المتقاعد متابعاً :
توسيع المجيدية
عام 1924 تم تنسيب د. الانكليزي دنلوب اول مدير للمستشفى يساعده د . صائب شوكت ليلحق بعد ذلك عدد من الاطباء المهرة ابرزهم ابراهيم الالوسي، شاكر السويدي , توفيق رشدي و د. عبد الرحمن المفيد لامراض العيون ,استمر المستشفى بعدها بسنوات بالتوسع والتطور بواجبه المزدوج العلاجي والتدريسي حيث اضيفت له ردهات جديدة ليكون عددها 20 ردهة ومعها بناية العيادة الخارجية المتجهة نحو منطقة باب المعظم صوب نهر
دجلة ومن المرافق الاساسية للمستشفى مدرسة التمريض التي تاسست عام 1933 حيث تحتوي على ثلاث قاعات للتدريس ومعهد للاشعة وغرفة للاقامة مزودة بوسائل الراحة
وبعد اضافة معهد الطب العدلي للمستشفى الذي ترأسه احمد عزت القيسي ليقوم بخدمات كبيرة للمستشفى من خلال علاقته بالقضاء والشرطة والقانون لتكون مادة الطب العدلي ضمن دروس الكلية الطبية العراقية.
ويختم المتقاعد الصحي قائلاً:
وفي العام 1970 اخليت بناية المستشفى التعليمي القديم وازيلت بعدها باشهر لتتحول الى بناية مدينة الطب لتكون " المجيدية" صرحاً حفر عميقا في ذاكرة العراقيين فقد قدم خدماته الطبية الجليلة لاهالي بغداد وتدريب وتخرج الالاف منهم ليسجلوا قائمة طويلة تصل الى مئات الاطباء من اجيال مختلفة خدموا شعبهم ووطنهم من خلال عملهم الدؤوب في مستشفى " المجيدية " .
منقول