النتائج 1 إلى 3 من 3
الموضوع:

صفحات قذرة...مما راق لي

الزوار من محركات البحث: 22 المشاهدات : 333 الردود: 2
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    من المشرفين القدامى
    تاريخ التسجيل: February-2014
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 14,434 المواضيع: 1,469
    صوتيات: 13 سوالف عراقية: 2
    التقييم: 9393

    صفحات قذرة...مما راق لي

    الكاتبُ نقطةٌ قذرة. يجري بها المطاف إلى مستنقع مظلم لتعلق فيه، فتنمو فيه معالمي الوحشة،
    متطفلٌ في طعامِه يُهلكُ كالزرع قوى محتضنه. في داخل هذه الظلمة ومن نور الحياة. بدأت كتابة حروف.
    هل ليست حروف بل بضع ورقات صغيرات أشبهُ بقصاصات. مجموعها تسعُ ورقات.
    ثلاثة منها إهداء من أبي إلى أمي كنت أنا بطلها.
    وثلاث ورقات أكون فيها أفكاري واستجمع فيه ما لا استطيع أن اجمعه لما أنا هنا.
    ثلاثٌ أعاني فيها من طرد داخلي لداخلي. تطردني الحياة لماذا لأكون كتابي الذي سيوضع في مكتبة الحياة كما غيري ،
    فأكتب فيها مقدمة الكتاب هذه، وبينما أنا أُحضّر للكتابة تدفعني وحشية دنيوية للإغتراب من وطني،
    كاتبٌ اغترب أول عمره وسطر حروفه في المهجر ماذا سيكتب؟!.
    مسقطُ رأسي يطرِدُني رحمُ أُمي، ويلتاه طردٌ منذُ البدء، وفي طريقي الموحشة الضيقة اسمعُ صراخ الحياة، استجمع ذاكرتي إني اعرف هذا الصوت،
    نعم نعم هو صوت أمي ولكن لماذا ؟! صرخات عهدتُها رقيقة ولكن هذه المرة صراخها يمُتُّ عن جزع،
    تُرى لما هي جزعة هكذا؟
    !. لما تطردني من داخلها؟! أهي فرحة بطردي؟! أُجيب: لا لأنها تُحبني؟!. ربما كرهتني،
    لا اعرف فأقلامي صغيرة ولا امتلكُ القدرة على معرفةِ أنواع الصراخات,
    نسيت شيئاً هي أرادتني أن ابدأ بخطِّ سطوري ربما هذا ندائها،
    وصلت إلى نور أعمى عيني مجموعة من الأشرار في الانتظار كلهم جزعين خائفين,
    عرفت ماذا يريدون يريدون سلب أمنية أمي واخذ أوراقي التسع،
    لا أريد أن اخرج سأعود ولكن هناك قوة خفية تمنعني من العودة لقد كرهني وطني،
    سأخرج باكياً عسى أن تمتلكهم الرأفة بي وأثير ُشفقتهم .
    خرجت وأنا أبكي نظرت إلى صفحاتي وإذا بها مليئة بالأوهام وأشخاص َمجرمين،
    وقد مُسح ما كتبته داخل وطني، أبكي حُزناً لما كتبت وهم ضاحكين,
    سخرية القدر بداية كتابي شماتة، جهلتُ ما سأكتب ففضلت الصمت قليلاً.


    الجزء الأول (طفولة):

    صفحات بيضاء، مليئة بالأحلام , كلها حب وعشق لما تحتويه, لما أخطها بقلمي لأني عاجز عن تعلم الكتابة,
    فذهبت وجمعت أوراق الشجر وأوراق الزهر واقتطعت خيطاً من نور الشمس وحِكْتُ لدميتي بها ثوباً ورسمتُ لها صورة وألصقت ثوبها في الصفحات،
    كتبتُ بجوارها اسمي واسم من أحببت، وأضفت لها لمسات من عالميَّ المجهول،
    حاولت أن أوصفها لكن لروعتِها وجمالِها عجزت عن وصفها فدوماً أجملُ الأشياء نتلعثمُ في وصفها،
    طفلٌ أنا لا أقدر على وصف المجهول ولو كان جميلا فلم تبلغ ملكاتي درجة وصف رائع لشعور جميل ،
    سأعبر عنها بكلماتي الطفولة ، بحثت في غابات أحلامي عن كلمات لوصفها حتى وصلت إلا مستنقع وغرقتُ بها دونما أن أجد حرفاً لوصفها.

    الجزء الثاني ( مستنقع الشباب):

    مرحلة حاولت فيها أن أجاري سرعة الأيام،
    اركضُ لاهثاً تعِباً خلف القدر، أقف لاستجمع حطامي وأُعاودُ الركضَ مُجدداً، في ظلماتٍ لا أرى شيئاً،
    وكأن الدنيا أضحت وحشاً أُسطوريّ، أركضُ متخوافاً النظر للوراء, استرقُ النظر لحظةً وإذا به يقتل طفولتي وهي تستغيث أن أنقذها،
    ركضت وركضت ومعالم البراءة تتساقط من قدماي ودماء طفولتي تعطي دليلاً للحياة عن طريقي (أين ذهبت)،
    أشحتُ بعيني باحثاً حولي لأجد نفس لم أغادر مكاني،
    قدماي مغموسة بمستنقع الحياة، أُحاول الهربِ لأجد طيفيّ مقتولاً على الطرف الأخر فأُفضل الموت في المستنقع،
    أغرق وأغرق ولكن عندما لم يتبقى إلى عيناي شهادتُ فستان لُعبتي فعاودتني الآمال,
    حركت قدماي وإذا بهما شلتا، وقفتُ يائساً متأملاً فمع كلِّ حركة نجاة زاد انغماسي بالوحل،
    وهنا توقفت عن الكتابة, ليس لعجزي ، ولكن لسقوط قلمي في الوحل.


    الجزء الثالث (عالم الشيخوخة):

    صفحات قذرة في نهاية كتاب الحياة، ملخص لما قد حدث فيها، صفحات سوداء مهترئة،
    خط فيها قلمي الكثير، فكان لي في هذه الصفحات كلماتي الخاصة ومقاطع اقتبستها من كتب أخرى،
    ككِتابُ الشخص الذي تخلد على الأرض، وكم كنت اقتبس في كلماتي ومواقفي،
    عندما انتهيت من كتابة كلماتي وما سرقته من كتب أخرى كانت الظلام يُحيط بصفحتي، فحاولتها أن أزينها من صور قد طبعتها في مخيلتي،
    كانت جميلةً في نظري، وعندما ألصقتها زادت صفحات الصور ظلاماً وغموضاً، بحث عن السبب فلم أجده, فبكيت كما الأطفال،
    فاستعدت ببكائي شريط الطفولة،
    لو عرفت هذا لبكيت سابقاً ولكني كنت أتمنعُ كثيراً فبكيت أول عمري وضحك الناس على بكائي كان خوفي أن يضحكوا مرة ثانية،
    ولا أحب التكرار في صفحات كتابي كي لا يضحي مملاً،
    فبدموعي أعدتُ لموتِ صفحات كتابي شريطا يعيد للميت صفة الحياة، سال دمعي على يدي فالتصقت بصفحات هذا الكتاب اللعين، استغثت فتحركت كلمات كتابي كشياطين الظلام ظننتُ للوهلة الأولى،
    أنها تُقبِلُ لِتُقَبّلَ يدي لأنها خطتها وأخرجتها لكتاب الحياة فأصبحت بفضلي واقعاً,
    مُزّقَ شجون صوت دمعي علو قهقهة الفرحة,
    فاقتربت وعندما لمست يدي تساقط لحم يدي خجلاً لم قالته هذه الكلمات، فاستغثت طالباً من يساعدني.

    الخاتمة (الموت)

    صرختُ كثيراً حتى لُثمتُ بالصمت، على طيفِ غريبٍ يقترب،
    ومع سرعة اقترابه أطفئت أنوار شمعي التي لا تضيء شيئاً فهي أشبه ما تكون لمصابيحَ تُشعُّ ظلمة,
    منذ زمن لم يستمع لندائي شخص وأذكرُ المستنقع ،
    فكيف سمع نداءاتي، وفي وقت اقترابه كانت دماء يدي تمضي آخر حروف كتابي، اقترب أكثر،
    ولكن مازال بعيداً، أُحسهُ بجانبي ولكني لا أراه,من يكون يا ترى؟ ذاكرتي هرمة تعجز عن تذكر ما كتبت في لحظة مجيئه, أهذا شبح طفولتي؟ لا لقد كانت طفولتي بريئة!! أم هذا ملك مستنقع غرقت به سابقاً جاء ليحاسبني على امتهان مملكته؟ سأنتظر قليلاً ليعرف عن نفسه.
    انه الموت، آخر كلمات كتابي ويحمل ختم عليه إمضاء لكتابي، الموت هي الكلمة الوحيدة التي عجزت عن كتابتها، خططتُ مجلداً لكلمات حياتي, ومهزلةُ القدر أنني عاجز عن وضع الخاتمة بكلماتي الخاصة, فوضعها من كنت أجهله،
    كم تمنيت أن أعرفَه لأقول له دعني اكملها، دعني أُشرف أمي بوضع كلمات كتابي الأخيرة، لكن لم يكون لصوتي أن يخرج ولا هو يسمع فهو دكتاتور متسلط لا يسمع وأنا عجوزٌ هرم بالكاد اسمع ما تقوله نفسي
    , أغلق كتابي وقال لي: ها قد جئتُ لآخذك لمكان لطالما حلُمت أن تعود إليه إنّه رحم الحياة القبر،
    أخذني بيده كطفلٍ صغير أركض للاحق خطواته المتسارعة وعيني على صفحات كتابي التي تناثرت هنا وهناك وفتحت النوافذ لتأخذ الريحُ للشمسِ الصفحة التي سرقت فيها خيوطها,
    حينها عرفت أن الريح عبدُ الشمسِ, وأنني عبدٌ للكلمات, أجاريه علي أسبقه فقد سحبني من مستنقع كلماتي ولكن قدماي لازالتا مُتسختان بوحل مستنقع حياتي،
    والرائحة القذرة النتنة تنبعث منهما, فخفت أن لا يقبلني أهل الآخرة معهم لرائحة كلماتي ،
    وان أعيش لوحدي في برزخ بين الحياة والموت, طوال حياتي الأبدية,
    ولكن إن كان هذا قدري فلا بأس إنْ جاء أحدكم بكتابي لعلي أُعدل بعض ما ذُكر فيه.



  2. #2

  3. #3
    احساس شاعر
    تاريخ التسجيل: July-2014
    الدولة: بغداد الحبيبة
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 61,710 المواضيع: 17,442
    صوتيات: 2 سوالف عراقية: 3
    التقييم: 88556
    مزاجي: متقلب جدا
    المهنة: كرايب الريس
    أكلتي المفضلة: الباجه
    موبايلي: نوت ٢٠
    آخر نشاط: منذ 14 ساعات
    الاتصال: إرسال رسالة عبر ICQ إلى فقار الكرخي
    مقالات المدونة: 17
    كلام شهد
    تسلم الايادي عالطرح الراقي
    ودياتي

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال