ان تيمية، وهو أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن محمد ابن تيمية، تقي الدين أبو العباس النميري ولقبه «شيخ الإسلام» ولد يوم الإثنين 10 ربيع الأول 661 هـ أحد علماء الحنابلة[3] أشتهر في مجالات عدّة أهمها : الفقه و الحديث والعقيدة وأصول الفقه والفلسفة والمنطق والفلك و كما أنّه كان بارعًا في شرح الحساب والجبر، وهو القائل بأن العلوم الطبيعية أفضل من العلوم الرياضية وذلك ردًّا على فلسفة المشائين والذين تبنّوا رأي أرسطو القائل بأن أجلّ الفلسفة هي الفلسفة الإلهية ثم الفلسفة الرياضية ثم الفلسفة الطبيعية.[4] كما أنّه نقض الفلسفة الإلهية واستحسن الفلسفة الطبيعية (كالفيزياء وغيرها) و الفلسفة الرياضية وكل هذه الأمور تتجلّى معرفتها من خلال قراءة كتبه: الرد على المنطقيين ودرء تعارض العقل والنقل و الرسالة العرشية[5]
ولد في حران وهي بلدة تقع حاليا في الجزيرة الفراتية بين الخابور والفرات، وحران تقع حاليا في الأقاليم السورية الشمالية داخل الحدود التركية على مقربة من الحدود السورية. وحين استولى المغول على بلاد حران وجاروا على أهلها، انتقل مع والده وأهله إلى دمشق سنة 667 هـ فنشأ فيها وتلقى على أبيه وعلماء عصره العلوم المعروفة في تلك الأيام. كانت جدته لوالده تسمى تيميَّة وعرف بها. قرأ الحديث والتفسير واللغة وشرع في التأليف من ذلك الحين. بَعُدَ صيته في تفسير القرآن واستحق الإمامة في العلم والعمل وكان من مذهبه التوفيق بين المعقول والمنقول. يقال عنه أنه كان مقترحا متحمسا للجهاد والحكم الشرعي, وقد كان أيضا شخصا مؤثرا في نمو حركة الإسلام السياسي.[6][7].
كثر مناظروه ومخالفوه من علماء عصره، ومن جاء بعدهم، (ذكر منهم ابن حجر الهيتمي: تقي الدين السبكي، وتاج الدين السبكي، وابن جماعة، وابن حجر الهيتمي نفسه، وغيرهم من الشافعية والمالكية والحنفية[8])وانتقدوا عليه أمورا يعتقدون أنه قد خرج بها على إجماع علماء عصره، منها: القول بقدم العالم بالنوع، والنهي عن زيارة قبور الأنبياء، وشد الرحال لزيارة القبور والتوسل بأصحابها، ومسألة في الطلاق بالثلاثة هل يقع ثلاثة[9]. حتى اشتكوا عليه في مصر فطُلِبَ هناك وعُقِدَ مجلس لمناظرته ومحاكمته حضره القضاة وأكابر رجال الدولة والعلماء فحكموا عليه وحبسوه في قلعة الجبل سنة ونصفا مع أخويه وعاد إلى دمشق ثم أعيد إلى مصر وحبس في برج الإسكندرية ثمانية أشهر وأُخرج بعدها واجتمع بالسلطان في مجلس حافل بالقضاة والأعيان والأمراء وتقررت براءته وأقام في القاهرة مدة ثم عاد إلى دمشق وعاد فقهاء دمشق إلى مناظرته في ما يخالفهم فيه وتقرر حبسه في قلعة دمشق ثم أفرج عنه بأمر السلطان الناصر محمد بن قلاوون واستمر في التدريس والتأليف إلى أن توفي في سجن قلعة دمشق عن 67 عاما.
صنف كثيرا من الكتب منها ما كان أثناء اعتقاله. من تصانيفه: (فتاوى ابن تيمية) و(الجمع بين العقل والنقل) و(منهاج السنة النبويه في نقض الشيعة والقدرية) و(الفرقان بين أولياء الله والشيطان). حضّ على جهاد المغول وحرّض الأمراء على قتالهم، وكان له دور بارز في انتصار المسلمين في معركة شقحب. يراه البعض كأحد مجددي الإ
حياته الخاصة
نسبه
أعلام ومشاهير آل تيمية من القرن السادس إلى التاسع الهجري
هو الشيخ تقي الدين أبو العباس أحمد بن الشيخ الإمام شهاب الدين أبي المحاسن عبد الحليم بن الشيخ الإمام شيخ الإسلام مجدالدين أبي البركات عبد السلام بن أبي محمد عبد الله بن أبي القاسم الخضر بن محمد بن الخضر بن إبراهيم بن علي بن عبد الله النميري الحراني ثم الدمشقي.[10][11][12]
أما سبب شهرة الأسرة بإبن تيمية؛ فهو أن جده محمد بن الخضر حج وله امرأة حامل ومر في طريقه على درب تيماء -بلدة قرب تبوك- فرأى هناك جارية طفلة حسنة الوجه قد خرجت من خبائها فلما رجع إلى حران وجد امرأته قد ولدت بنتا فلما رآها قال: ياتيمية يعني أنها تشبه التي رآها بتيماء فلقب بذلك.[13] وقيل أن جده محمدا هذا كانت أمه تسمى تيمية، وكانت واعظة فنسب إليها هو وبنوه[14].
عائلته
وأسرة الإمام تقي الدين أحمد عريقة في التدين والمعرفة والعلم، وقد عرفوا بذلك من زمن طويل، ويعتبرون من حماة المذهب الحنبلي[14]. فجده أبو البركات مجد الدين من أئمة المذهب الحنبلي وسمي بالمجتهد المطلق، وقال عنه الإمام الذهبي:"حكي لي شيخ الإسلام ابن تيمية بنفسه أن الشيخ ابن مالك كان يقول: لقد ألان الله الفقه لمجد الدين ابن تيمية كما ألان الحديد لداود."[15] وقد توفي سنة 652 هـ[14]
ووالده عبد الحليم بن مجد الدين كان له كرسي بجامع دمشق وولى مشيخة دار الحديث السكرية بالقصاعين، وبها كان سكنه وقد توفي سنة 682 هـ بدمشق ودفن في مقابر الصوفية.[16] ولابن تيمية عدة أخوة منهم زين الدين عبد الرحمن الذي كان تاجرا وعاش بعد وفاة أخيه تقي الدين، وشرف الدين عبد الله المولود بحران سنة 666 هـ.[17]
طفولته وشبابه
ولد تقي الدين أحمد بن تيمية يوم الإثنين 10 ربيع الأول 661 هـ الموافق 22 يناير 1263م في حران وهي بلدة تقع حاليا في جزيرة الشام بين نهري الخابور والفرات في ما يعرف حاليا بمنطقة الجزيرة. وعاش فيها إلى أن اتم السن السابعة في سنة 667 هـ، حيث بدأت التهديدات المغولية على تلك المناطق والفظائع التي ارتكبتها تلك الجيوش بالظهور بشكل ألزم العديد من الأهالي بالنزوح إلى مناطق أكثر أمنا، فهاجرت أسرة ابن تيمية حاملة متاعها إلى دمشق. فما أن وصلوا إليها حتى بدأ عبد الحليم والد تقي الدين بالتدريس في الجامع الأموي في دار الحديث السكرية[18] بالقصاعين ولم يفارقها إلى أن تُوفى [14].
بداية عمله بالتدريس
بدأ تقي الدين حياته بتعلم القرآن، فحفظه صغيرا وتعلم التفسير والفقه، وقد افتى وله سبع عشرة سنة، وشرع في الجمع والتأليف من ذلك الوقت[19][20]. وماكاد أن يبلغ من العمر الحادية والعشرين حتى توفي والده عبد الحليم فقيه الحنابلة سنة 682 هـ / 1283 م فخلفه فيها ابنه تقي الدين أبو العباس وقد كان عمره إذ ذاك 22 سنة. وقد كان يجلس بالجامع الأموي بعد صلاة الجمعة على منبر قد هيء له لتفسير القرآن العزيز[21].
حروب المغول
- مقالات مفصلة: غزوات المغول للشام
- فتوى ماردين
بدأ سلطان مغول الإلخانات محمود غازان بالمسير مع جيوشه إلى الشام في محرم 699 هـ / أكتوبر 1299 م. وتمكن جيشه من الاستيلاء على حلب، وقد هزم المغول وحلفاؤهم المماليك في معركة وادي الخزندار بتاريخ 27 ربيع الأول 699 هـ / 23 أو 24 كانون الأول/ديسمبر من عام 1299، وتقدمت جيوش غازان ودخلت دمشق في الفترة ما بين 30 ديسمبر 1299 و6 يناير 1300 ونهبوها، ولكن صمدت امامهم قلعتها، ورفض الأمير علم الدين سنجر المنصوري نائب قلعة دمشق المعروف بأرجواش الخضوع لغازان وتحصن في القلعة. واصل المغول تقدمهم ونهبوا الأغوار في طريقهم حتى بلغوا القدس، ووصلوا إلى غزة حيث قتلوا بعض الرجال في جامعها[22].
لقاء ابن تيمية مع غازان
- طالع أيضًا: دخول المغول دمشق سنة 699
بعد انتصار جيش غازان عاث جنوده في البلاد، فدبت الفوضى فيها خاصة بعد أن فر والي دمشق ومحتسبها إلى مصر، لذا فقد اجتمع ابن تيمية بأعيان دمشق يوم الإثنين 3 ربيع الآخر 699 هـ / 28 ديسمبر 1299 م واتفقوا على السير إلى السلطان غازان الموجود في بلدة النبك المجاورة والتحدث إليه[14]. فلما وصلوا إلى غازان ودخلوا عليه أخذ ابن تيمية يحث السلطان بقول الله ورسوله بالعدل ويرفع صوته ويقرب منه في أثناء حديثه حتى قرب ان تلاصق ركبته ركبة السلطان، والسلطان مع ذلك مقبل عليه ومصغ لما يقوله. وقال ابن تيمية للترجمان: "قل لغازان أنك تزعم أنك مسلم ومعك قاض وإمام وشيخ ومؤذنون على ما بدا لنا فغزوتنا وأبوك وجدك كانا كافرين وماعملا الذي عملت، عاهدا فوفيا وأنت عاهدت فغدرت وقلت فما وفيت وجرت"[14]. ومع أن ابن تيمية حصل على وثيقة أمان من غازان إلا أنهم نقضوها واستمروا في نهب المدينة عدا القلعة التي أرسل قبجق إلى نائبها ليسلمها إلى التتار فرفض أرجواش تسليمها وامتنع أشد الامتناع، فجمع له قبجق أعيان البلد فكلموه أيضا فلم يجبهم إلى ذلك، وصمم على عدم تسليمها إليهم وبها عين تطرف. وكان الشيخ تقي الدين بن تيمية قد أرسل إلى نائب القلعة يقول له ذلك: لو لم يبق فيها إلا حجر واحد، فلا تسلمهم ذلك إن استطعت[23].
ولما نكب دير الحنابلة في ثاني جمادى الأولى قتلوا خلقاً من الرجال وأسروا من النساء كثيراً، ونال قاضي القضاة تقي الدين أذى كثيرا، ويقال إنهم قتلوا من أهل الصالحية قريباً من أربعمائة، وأسروا نحواً من أربعة آلاف أسير، ونهبت كتب كثيرة من الرباط الناصري والضيائية، وخزانة ابن البزوري، وكانت تباع وهي مكتوب عليها الوقفية، وفعلوا بالمزة مثل ما فعلوا بالصالحية، مما حدا بابن تيمية ومعه جماعة من أصحابه يوم الخميس، 20 ربيع الآخر لمقابلة محمود غازان ليشكو إليه ما جرى من المغول بعد زمان الأمان الذي منحه لأهل الشام، غير أنه لم يتمكن من مقابلة غازان، فاجتمع بوزيره سعد الدين محمد الساوجي ورشيد الدين الهمذاني فذكروا له: "أن جماعة من المقدمين الأكابر -أي المغول- لم يصل إليهم من مال دمشق شيء، ولا بد من إرضائهم"[23].
ابن تيمية المجاهد
مع اقتراب المغول لغزو دمشق من جديد عام 1303 خلال عهد المماليك بدأ ابن تيمية بتحريض أهل الشام في دمشق وحلب وانتدبه الناس للسفر إلى مصر لملاقاة سلطانها الناصر محمد بن قلاوون، وحثه على الجهاد، فأعاد نشر فتاويه في حكم جهاد الدفع ورد الصائل ثم سافر إلى أمير العرب مهنا بن عيسى الطائي فلبى دعوة ابن تيمية لملاقاة التتار.
وبعد استكمال الاستعدادات اجتمعت جيوش المسلمين من الشام ومصر وبادية العرب في شقحب أو مرج الصفر جنوبي دمشق في شهر رمضان فأفتى ابن تيمية بالإفطار وأنه خير من الصيام وأخذ يلف على الجند يأكل من طعام في يده يشجعهم على الأكل، واندلعت الحرب بقيادة السلطان الناصر والخليفة المستكفي بالله الذي كان يقيم في القاهرة فدامت يومين انتهت بانتصار المسلمين وبانتهاء معركة شقحب لم يدخل التتار الشام والعراق ومصر والحجاز. وتعتبر معركة شقحب من المعارك الفاصلة في التاريخ الإسلامي ضد المغول بعد عين جالوت، وهي الوحيدة التي شارك فيها الشيخ ابن تيمية وكان له الفضل في تشجيع الناس والشد على عزيمة الحكام وجمع الأموال من تجار دمشق لتمويل جيش الدفاع عن دمشق وكان على رأس جيش دمشق الذي حارب وهزم المغول وطاردهم شرقاً في داخل سورية حتى نهر الفرات. كان ابن تيمية أول الواصلين إلى دمشق يبشر الناس بنصر المسلمين ولما أحس بخوف السلطان من أن يستغل ابن تيمية حب الناس له فيثور عليه قال: "أنا رجل ملة لا رجل دولة".
وفاته
دخل السجن في شهر شعبان سنة 726 هـ.بسبب مسألة المنع من السفر لزيارة قبور الأنبياء والصالحين.[24]. ومكث فيه حتى مرض الشيخ قبل وفاته بعشرين يوما. وقد مات في ليلة يوم الإثنين لـ20 من ذي القعدة سنة 728 هـ.[25]. ولم يعلم أكثر الناس بمرضه حتى فوجئوا بموته. ذكر خبر وفاته مؤذن القلعة على منارة الجامع وتكلم به الحرس على الأبراج فتسامع الناس بذالك واجتمعوا حول القلعة حتى أهل الغوطة والمرج وفتح باب القلعة فامتلأت بالرجال والنساء وصلي عليه بعد صلاة الظهر وكانت جنازته عظيمة جدا وأقل ما قيل في عددهم خمسون ألفا والأكثر أنهم يزيدون على خمسمائة ألف ثم دفن في مقبرة الصوفية قبل العصر بقليل.[26]
بعض شيوخه
شيوخ ابن تيمية الذين سمع منهم أكثر من مئتي شيخ.[27] ومنهم أبوه الشيخ عبد الحليم بن تيمية الحنبلي والشيخ زين الدين ابن المنجا ومجد الدين ابن عساكر وغيرهم.[28]
بعض تلامذته
- شمس الدين ابن قيم الجوزية وهو من أشهر تلاميذه ولازمه 16 عاما وسجن أيضا في القلعة منفردا عن شيخه وخرج منها بعد وفاة ابن تيمية.
- أبو عبد الله محمد الذهبي صاحب (سير اعلام النبلاء).
- إسماعيل بن عمر بن كثير. صاحب التفسير وكتاب البداية والنهاية.
- محمد بن عبد الهادي المقدسي.
- أبو العباس أحمد بن الحسن الفارسي المشهور بقاضي الجبل.
- زين الدين عمر الشهير بابن الوردي
- علم الدين البرزالي.
- وغيرهم.[29]