آثاري: تعد أقدم مستوطنة في تاريخ العراق القديم
كربلاء – علي لفتة:العراق يطفو على بحر من آثار مغمورة تحت سطح الأرض، حتى ان أي منقب للآثار لا يجد صعوبة في أن يحدد أي مكان آثاري لأن تحت بقعة من أرض العراق توجد آثار حتى لو كانت في عمق الصحراء..
وفي كربلاء وباتجاه الصحراء الغربية وبالقرب من بحيرة الرزازة هناك آثار لما تزل مطمورة وأخرى شاخصة تعود الى فترات زمنية متباعدة ما بين العصور الاولى للتاريخ والعصر الإسلامي الحديث وجميعها تحدت عوامل التعرية والاندثار بكل قوة وهي تنتظر معاول التنقيب والبحث والتحري أو أيادي الإعمار والصيانة وإعادة الحياة لها.
كهوف التاريخ
من بين هذه الآثار التي تعود الى آلاف السنين قبل الميلاد هي آثار الطار التي يقول عنها الباحث حسن مهدي الوزني إنها تقع على بعد حوالي 40 كيلو مترا إلى الجنوب الغربي من مدينة كربلاء المقدسة.. وهي تقع الى الغرب من بحيرة الرزازة وبأقل من 15 كم جنوب قصر الاخيضر، وأكد الوزني في حديثه لـ"الصباح"، أنها "سميت بالطار لأنها ترتفع عن الأرض بأكثر من 65 مترا مثلما تسمى المناطق التي ترتفع عن الهور بذات الاسم لأنها ترتفع عن الارض، ويصل عدد هذه الكهوف الى أكثر من 400 كهف وحين تنظر اليها تدرك عظمة انسان وادي الرافدين الذي كان ينحت نحتا كل ما يريد بناءه وكان بذلك انسانا مبدعا".
ويشير الوزني الى أن "بعثة يابانية اكتشفت أن الكهوف مبنية على شكل طبقتين: الأولى وهي الكهوف المرتفعة عن الوادي المجاور لها، ولكل كهف فتحة للدخول يبلغ ارتفاعها مترا ونصف المتر وعرضها نصف متر وهي تأخذ شكل الغرف أو الحجرات الصغيرة، أما الثانية فهي فوق الكهوف الأولى مكونة طبقة ثانية وهي تختلف في طريقة بنائها وتصميمها عن الأولى لأنها أكثر تطورا وعمرانا".
وأوضح الوزني ان "البعثة اليابانية توصلت من خلال طريقة البناء الى أن الكهوف مرت بثلاثة أطوار حضارية، الأول: إنها حفرت من قبل الإنسان في العام (1200ـ 1300ق.م) واتخذت كمساكن للناس. والطور الثاني بالاعتماد على فحوصات جهاز كاربون (14) اتضح أن الكهوف قد استخدمت كقبور في الفترة مابين (300ق.م ـ إلى العام 300 م)، اما الطور الثالث فيقول الوزني عنه إنه طور العصر الإسلامي. حيث عثرت البعثة اليابانية على 2000 قطعة أثرية مختلفة من ضمنها ملابس مختلفة تبين الفترة الزمنية ان هذه الكهوف اتخذت كمواقع دفاعية، وأنا اعتقد أن كهوف الطار تعود إلى العصر الحجري وهي أقدم مستوطنة في تاريخ العراق القديم.
شكوى ولغز
لكن الوزني يعبر عن شكواه بقوله انه من المؤسف حقا عندما بحثت عن هذا الموضوع في كتب التاريخ ولاسيما الكتب التي تناولت تاريخ العراق القديم والتي ألفها كبار مؤرخينا الاجلاء أمثال طه باقر واحمد سوسة، لم أجد أي شيء يذكر عن كهوف الطار ويبدو تجاهلها ونسيانها واضحا.. ففي كتاب (تاريخ حضارة وادي الرافدين) للأستاذ احمد سوسة لم نجد سوى إشارة بسيطة مفادها: تم الحصول على لقى أثرية ما قبل التاريخ قرب الرزازة لواء كربلاء، إما كتاب (مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة) للأستاذ طه باقر فلم نجد فيه سوى معلومة بسيطة أيضا حيث يقول: استخرج الباحث الجيولوجي فوت في العام 1955 بطريقة الحفر بعض الأدوات الحجرية من نوع المقاشط تعود إلى الدور المستيري (إي العصر الحجري القديم) في منخفض أبي دبس الرزازة. فيا ترى هل يقصد المؤرخون بهذه المعلومات كهوف الطار أم أثرا في مكان آخر؟.
ودعا الوزني هيئة الآثار العراقية ودائرة آثار محافظة كربلاء إلى إعادة النظر في منطقة الصحراء الغربية وتحديدا كهوف الطار ومعاودة التنقيب والتحري في
هذا الأثر المجهول لعلها تكتشف كنوزا أثرية أخرى ومرحلة جديدة قد تغير تاريخ العراق القديم. وربما تضع وجود كهوف الطار مع حقبة كهف شانيدر وهزار ميرد وكهف زراري
كاردينيا