من المعروف منذ فترة طويلة أن السعادة تتوقف على كثير من الظروف المختلفة في حياتنا اليومية.
والآن وضع العلماء معادلة رياضية يمكنها التنبؤ بالسعادة اللحظية.
ووجد الباحثون أن المشاركين يكونون أكثر سعادة عندما يؤدون عملهم بصورة أفضل من المتوقع خلال المهام التي تنطوي على مخاطر للحصول على مكافآت.
وكشفت أشعة للمخ أن درجات السعادة ترتبط بالمناطق المعروفة بكونها مهمة للرفاهية.
ويقول الفريق البحثي إن المعادلة، التي نشرت في مجلة PNAS، يمكن أن تستخدم للنظر في اضطرابات الحالة المزاجية والسعادة على نطاق واسع. ويمكن أيضا أن تساعد الحكومة البريطانية على تحليل الإحصاءات المتعلقة بالرفاهية، والتي تجمعها منذ عام 2010.
وقال روب رتليدج، المؤلف الرئيسي للدراسة ودكتور بجامعة يونيفرستي كوليدج في لندن: "يمكننا أن ننظر إلى القرارات والنتائج الماضية للتنبؤ بالضبط بمدى سعادتك في أي لحظة".
المعادلة الرياضية للتنبؤ بالسعادة
وأضاف لبي بي سي: "يحاول المخ معرفة ما يتعين عليك القيام به في العالم لكي تحصل على مكافآت، ولذا فإن جميع القرارات والتوقعات والنتائج هي معلومات تستخدم للتأكد من اتخاذ القرارات السليمة في المستقبل. وتجتمع التوقعات والمكافآت الأخيرة لتحديد مدى سعادتك في الوقت الحالي"
فعلى سبيل المثال، لو فكرت في الذهاب إلى أحد المطاعم ولديك توقعات أقل لهذا المكان، ثم وجدت الطعام أفضل من المتوقع فإن هذا سيجعلك أكثر سعادة، ولكن إذا كان لديك توقعات إيجابية فإن هذا قد يزيد من سعادتك حتى قبل بدء الوجبة، وذلك لأنك تترقب هذا الحدث.
قال مو فرح "هذه هي أفضل لحظة في حياتي" عندما فاز بسباق 5,000 متر لنهائي للرجال في أولمبياد لندن 2012
وحلل الفريق البحثي نتائج 26 شخصا يؤدون مهمة يختارون خلالها بين مكافآت نقدية واضحة ومؤكدة من جهة وبين مكافآت أخرى محفوفة بالمخاطر، وكان يطلب منهم الكشف عن مستوى سعادتهم بعد مرور بضعة تجارب.
وصور الباحثون مخ المشاركين باستخدام الرنين المغناطيسي الوظيفي ووجدوا أن النشاط في منطقتين من المخ يرتبط بشكل إيجابي بمستوى السعادة؛ المنطقة الأولى هي "المخطط البطني" التي تعد مصدرا رئيسيا لإفراز مادة الدوبامين، أما المنطقة الثانية فهي "القشرة الإنعزالية"، وهي منطقة من المخ تؤثر على العديد من المشاعر، بما في ذلك السعادة.
وأجريت المعادلة على أكثر من 18,000 شخص شاركوا في لعبة على الهاتف الذكي تنطوي على مخاطر للحصول على مكافآت.
وقال رتليدج إن التجربة كانت بالطبع بسيطة بالمقارنة بأحداث العالم الحقيقي، مضيفا: "كان من دواعي سرورنا أن نرى أن المعادلة تمكنت بشكل جيد من توضيح أسباب السعادة. وحتى في ضوء هذه المجموعة الكبيرة من المشاركين، ثمة علاقة ثابتة بين المكافآت والتوقعات والسعادة".
وأضاف: "أنا متفائل بأن هذه المعادلة الرياضية ستمكننا من فهم الأشياء التي نهتم بها بصورة أفضل، مثل شعورنا بالسعادة بشكل عام".
كشفت الدراسة أن درجات السعادة ترتبط بالمناطق المعروفة بكونها مهمة للرفاهية
وقال توم ستافورد، باحث معرفي بجامعة شيفلد، من الرائع أن تتنبأ المعادلة بمستوى السعادة بهذه الدقة "لاسيما في ضوء صعوبة التنبؤ بمشاعر البشر".
وأشار إلى أنه من غير الواضح ما إذا كانت الدراسة قادرة على التطرق لبعض "الأسئلة الكبرى" المتعلقة بالسعادة في حياتنا الحقيقية، مثل اختيار شريك العمر على سبيل المثال.
وقال أندرو أوسوالد، اقتصادي معرفي بجامعة وارويك: "وجدت الدراسة أيضا أن الشعور الفوري بالسعادة يعتمد على حجم الفجوة بين ما تنجزه وما تتوقعه".