النتائج 1 إلى 7 من 7
الموضوع:

سيرة حياة الأديب بولس سلامه

الزوار من محركات البحث: 532 المشاهدات : 3204 الردود: 6
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    من المشرفين القدامى
    تاريخ التسجيل: March-2011
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 7,525 المواضيع: 827
    صوتيات: 1192 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 3230
    آخر نشاط: 4/September/2019
    مقالات المدونة: 18

    سيرة حياة الأديب بولس سلامه






    في شرفة بيت جنوبي ، قمر مكتمل الوجه واللغة .. تلفه نجمات وغيمات ومدى أخضرمن الشجر والشعر ....

    هنا نبت ونشأ بولس سلامة في كنيسة أبيه وقرية تداني السبعين بيتا" ، وكان يظنها قطب العالم ومنتهى تخوم وحدود الدنيا .. وكان بولس يشعل فيها القناديل في صدع الظلام الضرير ، لينير دروب العمال والعاملات وهم يتبارون في النخوة بين صلصلة المعاول ، وحفيف المكاتل ، وطنين المساحي والرفوش ، وقد تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من جبين فلاّح يندّي التراب بعرق ساعديه ودمع عينيه .

    ابن خمس سنوات أدخل بولس سلامة مدرسة قريته بتدين اللقش – قضاء جزين / جنوب لبنان . الأشبه بالزريبة كما يصفها ... أو بالكوخ ذي الباب الواحد والنافذة التي يتنازعها في الشتاء العاصف نور شحيح داخلٌ ، ودخان كثيف خارجٌ .. مصدره حفرة في الأرض جُعلت مدفأة .. وكانت مقاعدها من جلود الكباش ، وكانت أساليب التدريس استظهارا" لمحفوظات من الشعر .

    وابن سبع سنوات نقل بولس الى مدرسة بكاسين القريبة من بتدين .. وكانت مؤلفة من ثلاثة غرف ، ومسقوفة بجذوع الصنوبر ، ومفتوحة على الضؤ الدائم .

    وفي عام 1913أدخل بولس مدرسة الاخوة المريميين (الفرير) في مدينة صيدا .. وفي ذلك اليوم خرج سلامة من تخوم وحدود دنياه من بتدين التي كان يظنها العالم الأكبر ، الى المدينة المتسعة لأكثر من حلم يراود فتى " من بتدين اللقش . وكان يترقب الطريق الطويل والدهشة تفرّمن وجهه وتعبر معه الطريق المؤدي الىبحر يغسل المدينة كل يوم .

    وفي سنة 1919 دخل بولس سلامة مدرسة الحكمة في بيروت ، وكانت ساحة مفتوحة على أمراء البيان ، من بشارة عبدالله الخوري الى محمد كرد علي وجبران خليل جبران ..

    وعلى لغة القرآن المجيد . وبعد أن درس فيها عاد اليها بعد ثلاث سنوات قضاها في جامعة الحقوق ، مدرّسا" للّغة العربية .

    ولما بلغ بولس سلامة التاسعة عشرة من العمر ، أقبل على المطالعة الأدبية ، وتفتحت قريحته على أسرار البلاغة ..وقد وقع ذات مطالعة على مختارات من الأدب القديم جمعت في كتاب ومن بينها رسالتين من الامام علي (ع) الى معاوية ، ومن خلالهما اهتدى الى نهج البلاغة ، وقد تبين لسلامة كما ذكر في مذكراته ، أن مطالعاته السالفة لم تكن الاّ تمهيدا" للبيان العجب ، وظهر له أن الحصيلة التي خلاّها في نفسه كل من بديع الزمان الهمذاني وأبي بكر الخوارزمي وابن المقفع وقصائد عنترة وأشياء منثورة وعتها ذاكرته واصطادتها سنارتها من هذا البحر وذاك .. كانت في خاطره أشبه شيء بالزمر البديدة التي تنتظر أميرا" يسودها ، فأطلّ أمير البيان أبو تراب علي ابن أبي طالب (ع) .


    ياأمير البيان نهجك بحرٌ تتلاقى الأرواح في أثنائه
    متعة السمع والقلوب رواء" وزئير الأقدار في أنوائه
    غضبة للتقى وللزهد دوت في سواد العراق في بطحائه
    خُلق الشمس حُرّة لا تداري أو تواري مزورا" في ريائه
    يا أمير الزهّاد صيتك أنقى من جبين العذراء قبل اصطلائه
    جلّ من يقطع الليالي صياما" ويرش النضار في فقرائه
    يبذل المال لليتامى جياعا" ويجلّ الاسلام في ضعفائه

    وأسلمه نهج البلاغة وهداه الى القرآن الكريم ، فقرأ سورة النجم فسحره السجع الذي يستزيد منه السمع ولا يملّه لرتوبة ، لأنه جُلّ عن التوازي والتوازن ،وأدهشته سورة الضحى فعكف على كتب التفاسير والسير والشروح واطلع على التجويد وما فيه من ادغام وغُنّة وامالة وفصل ووقف .

    وفي سنة 1947اقترح السيّد عبد الحسين شرف الدين على بولس سلامة أن ينظم (يوم الغدير) فنظمه بملحمة عنوانها عيد الغدير وهي مفتوحة في دائرتها التاريخية على أهل البيت (ع) وفي أهم مايتصل بهم منذ الجاهلية وحتى مأساة كربلاء .

    فانصرف بولس الى درس المراجع التأريخية وما أجمعت عليه السير النبوية ومؤرخو الاسلام فنظم أحداثها وكتب الشعر بالنبي (ص) وبالامام علي والحسين(ع) وقال بولس في مقدمة الملحمة :

    أجلّ اني مسيحي ينحني أمام عظمة رجل يهتف باسمه مئات الملايين من الناس في مشارق الأرض ومغاربها خمسا" كل يوم عن رجل ليس من مواليد حواء أعظم منه شأنا" وأبعد آثرا" وأخلد ّ ذكرا" رجل أطل ّ من غياهب الجاهلية فأطلت معه دنيا أظلها بلواء مجيد كتب عليه بأحرف من نور لااله الاّ الله الله أكبر .

    ويضيف قائلا" في الامام علي : ومع النبي رجل يذكره المسلمون فيقولون رضي الله عنه وكرّم الله وجهه وعليه السلام ، ويذكره النصارى في مجالسهم فيتمثلون بحكمه ويخشعون لتقواه ويتمثّل به الزّهاد في الصوامع فيزدادون زهدا" وقنوتا" ، وينظر اليه المفكر فيستضيء بهذا القطب الوضاء.... حقا" ان البيان ليسفّ وان شعري لحصاة في ساحلك يا أمير الكلام ولكنها حصاة مخضوبة بدم الحسين الغالي .

    كربلاءُ يامغرب الشمس غصّت بالشعاع الشهيد يوم انطفائه
    كيف باتت والكوكب الضخم يهوي فيهزّ البيداء عند انكفائه
    ضجّ في مسمع الزمان أنينٌ حين أودى الشريف في شرفائه
    من اذا قال يرهف المجد أذنا" ويتيه الفـخار عند انتمائه
    حنّكته كف النبي رضيعا" وغذته حنانها في صبائه


    كان بولس سلامة في الرابعة والثلاثين من عمره حين نكبه المرض سنة 1936وقد ملأت الآلام ليل جسده ونهار روحه فكتب عن شيء مشترك مع نبي الله أيوب فقال : اذا كنت أنت قد أصابك قرح من باطن قدمك الى قمة رأسك فأنا قد تغلغل دائي في العظام وقد تناوشتني المباضع فسالت روحي عليها تسع عشرة مرّة وسمرني الألم مستلقيا" على ظهري تسع سنين متواليات وانطفأت زهرة صباي في المستشفيات حيث قضيت من الأعوام سبعة .

    يا ساجيا" أكل الفراش ضلوعه وامتصّ جلده

    وفي سنة 1939دخل بولس سلامة المستشفى وقد أشرف على الموت وكان قد تعايش مع ألمه المزمن والذي وصفه الشاعر بأنه الطريق الضيق الى الله...
    واعتبر الحب وحده القادر على مواجهة الألم : فالبحب انتصر المسيح (ع) على الألم وبالحب وحده استطاع الشهداء ابتداع العجائب .

    ستون غاض دمي وجفّ روائي وأطلّ في الأفق الكئيب شتائي
    ومشت رسالات الفناء هواتفا" بلسان كل نذيرة بيضاء
    وشيت أسقام ٍ تدارك سيلُها من رائج لهج ٍ ومن غدّاء
    تبّا لهذا الفجر نوّر مفرقي فتحرّقت كبدي لقُرب مسائي
    أهي السنون أم الهموم تركتني شبحا" يرود منازل الأحياء
    امّا هممتُ الى العلاء بوثبة جمحت مُخيّلتي وبان عيائي
    فكأن عبقر لم تهزّ يراعتي وكأنني عبء على الشعراء .


    وبعد أن كتب بولس سلامة سنين أوجاعه ومايلجّ في قلبه من مشاعر وأفكار أفرغ آخر قطرة من دواة العمر وفارق الحياة سنة 1979وبعد أن قال :

    على شرفة السبعين ودّعت ماضيا
    وشيّعت لمّاح الرؤى والأمانيا
    فأمسيت أرجو الله لاعون غيره
    وقد غيّض الليل البهيمُ رجائيا
    وشقّ على أيّوب أنّي شأوتُه
    فخلّفته في حومة الخطب ثانيا
    الم تراني والهمُّ هدّ جوانحي
    أجود بروحي أو أبثّ وداعيا
    لقد سُؤت بي ظنّا" فها أنا راحلٌ
    فيا لي مرثيا " ويا لي راثيا .

  2. #2
    من المشرفين القدامى
    روح لايمسها عابر
    تاريخ التسجيل: October-2011
    الدولة: في طيات النسيان
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 5,590 المواضيع: 593
    صوتيات: 7 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 610
    مزاجي: هادئة
    المهنة: قطف ثمار الأمل من شجرة الصبر
    أكلتي المفضلة: ثمار الأمل
    آخر نشاط: 2/June/2012
    مقالات المدونة: 101
    شاعر مميز
    أحسنت على الاختيار الرائع
    شكراً لك على الطرح القيّم
    لك جل احترامي

  3. #3
    باقية في قلوبنا ما حيينا
    ☜ no LOVE no PAIN ☞
    تاريخ التسجيل: September-2011
    الدولة: Rented house in Mars
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 8,463 المواضيع: 692
    صوتيات: 2 سوالف عراقية: 9
    التقييم: 559
    مزاجي: Not ur business
    موبايلي: sgh-c270 & HTC HD2
    مقالات المدونة: 5
    شكرا جزيلا ع التقرير

    كل الود

  4. #4
    من المشرفين القدامى
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أريج الروح مشاهدة المشاركة
    شاعر مميز
    أحسنت على الاختيار الرائع
    شكراً لك على الطرح القيّم
    لك جل احترامي
    الرائع تواجدكِ المميز
    شكرا لكِ
    عزيزتي


  5. #5
    من المشرفين القدامى
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Midnight Dream مشاهدة المشاركة
    شكرا جزيلا ع التقرير

    كل الود
    الشكر لكِ عزيزتي
    الرائعه

  6. #6
    من أهل الدار
    تاريخ التسجيل: October-2011
    الدولة: في دفتر ذكرياتي
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 994 المواضيع: 72
    صوتيات: 0 سوالف عراقية: 5
    التقييم: 43
    مزاجي: حزين
    المهنة: nurse
    أكلتي المفضلة: اكل امي
    موبايلي: NOKIA C6
    آخر نشاط: 8/August/2018
    الاتصال: إرسال رسالة عبر Yahoo إلى حمود سطو
    مقالات المدونة: 2
    شكرا جزيلا

  7. #7
    من المشرفين القدامى
    شكرا لكَ
    عزيزي حمود

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال