غادرت فكتوريا نعمان العراق قبل 53 عاما بعد ان كانت قيد الاحتجاز، وسُحبت منها جنسيتها العراقية حيث اقترنت بالطبيب اللبناني قصدي الشهال، احد رفاقها في النضال، وانتقلت للعيش في طرابلس وعملت في التدريس وكانت ناظرة لاول مدرسة ثانوية رسمية للبنات هناك، حتى تقاعدها عام 1987. ولدت فكتوريا نعمان في البصرة ثم انتقلت الى بغداد لدخول المدرسة الثانوية. وفي عام 1941 دخلت كلية الحقوق وكانت مع زميلتيها سمية الزهاوي ونزيهة فرج الطالبات الثلاث الوحيدات المتميزات في الدفعة من مجموع مئتي طالب وطالبة . وحدث ان استمع اليها مدير اذاعة بغداد، حسين الرحال،وهي تلقي كلمة في حفل بالكلية، فأعجب بإلقائها ودعاها للعمل في قسم الأخبار. وبهذا أصبحت أول مذيعة عراقية عام 1943، يصل صوتها الى المستمعين مرتين كل يوم، في نشرتي الرابعة عصرا والثامنة مساء. نشطت فكتوريا نعمان في العمل الاجتماعي والثقافي منذ كانت صبية في البصرة، وأسست فرعا نسائيا لجمعية بيوت الامة وهي دون الخامسة عشرة، وكان شعار الجمعية: مكافحة الفقر والجهل والمرض. كما نشرت مقالات أدبية في جريدة "الناس" البصرية. ودفعها إحساسها بالبؤس الذي يعيشه الفلاحون الى التعاطف مع الحركة اليسارية. وانتمت الى الحزب الشيوعي العراقي وهي طالبة في الحقوق، وشاركت في تأسيس رابطة المرأة العراقية. بعد تخرجها سجّلت في نقابة المحامين، وشاركت في وفد المحامين العراقيين الذي سافر الى دمشق عام 1945لحضور مؤتمر المحامين العرب، وكانت المحامية الوحيدة بين الوفود الرجالية. ولاحظت فكتوريا نعمان ان الحركة الوطنية في الشام مزدهرة، وان الحزب الشيوعي كان يمارس نشاطه بشكل علني، فبقيت هناك وعملت في تدريس الادب العربي واللغة الانجليزية وواصلت نشاطها السياسي.لكن مسيرتها تعثرت بعد اعتقالها مع رفاقها اثر اعتراف الاتحاد السوفياتي بقرار تقسيم فلسطين. واعلنت فكتوريا الاضراب عن الطعام في سجن القلعة في دمشق، ولما أطلق سراحها عادت الى بغداد لتفاجأ بان السلطات تعتقلها ايضا وتودعها سجن النساء مع شيوعيات أخريات.وفي السجن جرى عقد قرانها برفيقها الدكتور الشهال الذي طلب لها الجنسية اللبنانية في محاولة لتخليصها من العقوبة التي كانت في انتظارها. وسحبت جنسيتها العراقية وأعطيت جواز عبور الى الشام، فلبنان حيث عاشت وأنجبت ابنتيها الكاتبة نهلة والمخرجة السينمائية رندة، وابنها الوحيد تميم. وفي الثمانينيات من القرن الماضي تلقت فكتوريا نعمان دعوة لزيارة وطنها الام، نقلتها اليها السيدة ليلى زوجة الدكتور عبد المجيد الرافعي، وكانت هناك إشارة الى رغبة في احتساب سنوات خدمتها منذ تاريخ تسجيلها في نقابة المحامين. لكنها اعتذرت عن عدم قبول الدعوة. وقالت فكتوريا نعمان،في أثناء زيارة لها الى باريس لرؤية ابنتيها، انها لم تكن سعيدة خارج وطنها، واضافت انها لم تنس البصرة ولا بغداد طوال سنوات الغربة، وأوصت بأن تدفن هناك في وطنها الأول وفي الارض التي ولدت فيها البصرة. انعام كجه جي
منقول