.
.
ذاكرةٌ من فوضى وِلدتْ من زمنٍ آخر...لايشبهُ معالمَها أيَّ تكرارٍ لئيم
أطرقتْ أبوابُ السماءِ ، وَضعتْ مولودَها في محطةِ آخرِ مساءٍ ...
مساراتُها المشوَّشةُ تحفرُ بتأنٍ نفقاً تُخفي ما تبقّى لديها من تاريخٍ مرصوصٍ بالذكرى
وبقايا من زهورِها المجفَّفة ..تقلبهما كلما سهرَ حنينُها ...
تنتظرُ يدَّ اللهِ سنداً لـ حيرتِها وحسرتِها على افتقادِ حروفِها من الألفِ إلى الياءِ
تمسكُ حقيقة تكوينها بطريقةٍ غريبةٍ ..تُغري خيوطُ الشمسِ تحتَ وهجَ الرحيل
تلفهما بـ فوضى عارمةٍ ..بذاك المسارِ المُنلفت من ذاكرةٍ ملؤها
فوضى وضجيج تحوطهما بشوقٍ ولهفةِ
علّها تُشكِّل بينَ مساماتِها لوحةً ترمزُ لحرفٍ أصابتهُ لعنةَ الإدمانِ
حينما أمطر السحابُ حبراً ينوءُ به السطرُ ضجراً حتى سابعَ سماء
تفاصيلها المُثقلة تنظرُ إلى ساعةِ الجدارِ .تُجرُّها الأوهامُ قسراً
بـ أنَّ الشمسَ قادمةٌ ليلاً والقمرُ سيطلُ من نوافذِها نهاراً
تقيسُ وحشةَ الحرفِ حينَ تحبسهُ متكسِّراً بينَ صدرِها وصفحةِ الكتابِ
لا تلمُّهُ كفٌّ ولا تبصرهُ عين ....لمْ تُجدِ محاولاتِها الكثيرةُ لملءِ الفراغات
بـ خاصيةِ الاحتواءِ ..رغبتُها في الوجودِ وإثباتِ الذاتْ بينَ قريناتِها
كانَ كُل ما يشغلها في خِضمِّ الزُّحام....وكـ عادتِها غيرِ المُجدية تهربُ
كُلَّ يومٍ من وجهِها وترتمي في قاعِ الغيابِ...يُلازمُ وحدتَها كرسيُّها الهزَّاز يُشعرُها بثقلِ المكان
تطأطِئُ رأسَها هروباً من جوابٍ...قد يطرقُ أبوابَ السؤالِ
التفَّتْ في أحدى زوايا غرفتها ونقرتْ حافة الطاولةِ بـ مللٍ ونفورٍ حتى تيقَّنتْ
بأنْ الخروجَ من حيِّزِ الكتابةِ وفكرةِ النسيانِ باتتْ وشيكةً جداا
وانتزعتْ من لغتِها العابرة تلكَ اللهجة المُتكسِّرة من ألفِ معنى ومعنى
يفوحُ من بين اعترافاتِها حرفٌ شهيٌّ مُبللٌّ بـ قطراتِ الندى النرجسي
كـ آخرِ معصيةٍ ترتديها وآخرِ مغفرةِ لم تدركها بعد
وياليتها تؤمنُ بـ أنْ الهزيمةََ في مُعتركِ الحياةِ بعضهُ انتصار
وبعض آثامِهِ عبادة ...
.
قلمي