كيف وصل ضحايا غزة الى ادلب السورية؟ انتحار الساموراي ..
بقلم نارام سرجون
الاعلام الأميريكي والغربي عموما يجعل الفلسطينيين في غزة غزاة معتدين والاسرائيليين ضحايا أبرياء .. لايلام الاعلام الغربي في أنه جعل فلسطين يوما أرضا بلا شعب .. واليهود شعبا بلا أرض ..
ولكن الاعلام العربي في الربيع العربي تخصص في نوع جديد من قلب الحقائق .. فهو ينقل الجثث عبر الحدود ويقوم بتبديل الضحايا ونقل الجرحى من مكان الى مكان حسب الضرورات الصحفية .. الاعلام العربي مثلا كان يصور الضحايا برصاص وسكاكين المعارضة السورية والمسلحين الجهاديين على أنهم ضحايا النظام طوال ثلاث سنوات .. هكذا ببساطة يمكنك اذا قتلت بساطور أن تتوقع أن تجد صورة وجهك المشطور بالساطور في اليوم التالي تزين احدى افتتاحيات الصحف العربية البكائية التي تكتب تحت وجهك المشطور .. (من ضحايا النظام السوري المجرم الذي قتله شبيح نصيري) ليتم توزيعها في العالم والتسول على وجهك المشطور وتجنيد المجاهدين والمجاهدات للقتال والنكاح ..
لكن مهما بلغت قدرتك على التخيل فلن يمكنك أن تصل الى ابداعات الاعلام العربي في نقل جثث الضحايا عبر الحدود وتبديل الجرحى كما لو كانوا بضائع .. الا أن الابداع الدنيء هو أن يتم تبادل الضحايا بين غزة وسوريا في هذه الأيام العصيبة والدامية في غزة .. كما فعلت صحيفة القدس العربي (أورشليم) في عددها الصادر يوم أمس 29 تموز 2014 ..
القدس العربي قامت بنقل أجساد الضحايا من غزة الى ادلب .. وعلى طريقة فيصل القاسم الذي حيا الجيش الاسرائيلي على أخلاقه الرفيعة بالقياس الى لاأخلاقية الجيوش العربية وخص السوري منها .. فان أخلاقيات القدس العرب - وهي صحيفة تتبرع دوما بتقديم نفسها على أنها صحيفة القضية الفسطينية والشعب الفلسطيني وشعارها المسجد الأقصى - أخلاقيات هذه الصحيفة نشرت خبرين منفصلين الأول هو (سبعة قتلى وعشرات الجرحى بغارة جوية على قرية بشمال سورية) ووضعت صورة طفل جريح يتأوه وينزف من رأسه .. وتحدثت بالتفصيل عن قصف الجيش السوري للأطفال والمدنيين ووو .. وبقية المعزوفة المعروفة ..
ولكنها في خبر ثان في نفس العدد وضعت صورة لطفل آخر جريح وينزف من رأسه وكتبت خبرا عنوانه (ثلاثة عشر شهيدا فلسطينيا في قثف مدفعي اسرائيلي على جباليا) ..
الخبران عاديان في أجواء الحرب .. ولكن ماهو غير عادي ويعبر عن جنوح نحو الرذيلة والدناءة هو أن الصورتين هما لنفس الطفل .. ومن يدقق في الصورتين ولون فانيلة الطفل وجرحه ينتبه الى أن الصورة فعلا لنفس الطفل ولكنها أخذت من زاويتين مختلفتين وبأبعاد مختلفة ..
لاأدري من اين هذا الطفل صراحة .. ان كان في سورية أم في غزة أم في زلزال باكستان .. لكن ماأعرفه هو أن العملية ليست بريئة .. وفيها ألاعيب نفسية واعلامية قذرة .. فالخبران يريدان أن يقولا للقارئ العربي: لاتعتقد أن هناك كبير فرق بين العدوان الاسرائيلي الشرس والضاري على أهل غزة وبين عدوان الجيش السوري على شعب سورية .. فالجيشان يقتلان نفس الضحايا ويمارسان نفس القتل .. وعندما يختلط الخبران والصورتان في الذاكرة اللاواعية يصبح التشابه كبيرا أيضا بين الجيشين في اللاوعي العميق خاصة ان خلفية الصورتين واحدة ..
مافعلته القدس العربي هو أنها اما نقلت صورة من غزة وألبستها لطفل في مدينة سورية وبالتالي فانها نقلت دم الغزاويين الذي سفكه الاسرائيلي الى سورية لتلوث به ثياب العسكري السوري .. ونقلت جثث الضحايا الى سورية .. وبذلك تخلص الاعلام الاسرائيلي والعسكري الاسرائيلي من صورة من الصور القبيحة وألصقها بالجيش السوري ..
واما ان القدس العربي نقلت صورة طفل سوري .. الى خبر غزة ..لالتبرئة الجندي السوري بل للدلالة على أن لافرق بين القاتلين .. فالقاتل واحد .. الجندي السوري هو جندي صهيوني ..
وقد لاتكون الصورة من سورية أو من غزة .. ولكن المزج بين الصورتين في خبرين مختلفين جعلها ملكا مشتركا للجيش السوري والاسرائيلي يتقاسمانها سويا في قتل شعب غزة وشعب سورية .. وهي دمج للحربين ليختلط الحابل وبالنابل ..
هذه اذا عينة من الاعلام العربي الذي لم يعد احد يجهل نفاقه ودمويته وخيانته .. وهي عينة تكشف كيف أن مجموعة من الصحفيين العرب لم يكونوا الا جنودا من جنود داعش الملثمين بورق الصحف ولكن لهم عقل داعش وسكاكين داعش لأنهم كانوا يذبحون الناس بما يكتبون وينشرون الأعناق بمناشير الكذب .. عشرات آلاف الصور التي نسبت للجيش السوري اكتشفنا يوما أنها كانت من حروب غزة .. وبعضها كان من حروب نكبة فلسطين ومن مجازر صبرا وشاتيلا كما كان يضعها الشيخ رائد صلاح المؤمن متباهيا على صفحته الشخصية ولايرف له جفن في الكذب ولاتأخذه في الكذب لومة لائم .. بل ان بعض الصور التي نسبت للجيش السوري كانت من ملفات الجريمة في اميريكا الجنوبية والوسطى والهند ..
صحيفة القدس العربي التي يفترض ألا تتاجر بدم فلسطيني واحد احتراما لاسمها ولقرائها الذين يعتقدون مخدوعين أنها فلسطينية لاتبالي بذلك .. بل تحتقر الفلسطينيين قبل كل الناس .. وتبيع دمهم كما تبيع البضائع والأحذية والدخان وعجلات السيارات .. لأنها صحيفة تأسست في الموساد كما وثق ذلك بدقة الأستاذ اسامة فوزي في موقع عربتايمز بمقالة مذهلة عن رئيس تحرير القدس العربي السابق الصحفي الطبال عبد الباري عطوان .. وبعد عطوان قررت قطر المالكة للصحيفة تكليف رئيسة تحرير جديدة خفية اسمها سناء العالول .. واعتقد أن اسمها الحقيقي هو "سناء العال" نسبة الى شرطة الطيران الاسرائيلية "العال" .. التي اقتنصت فرصة حرب غزة لتذكير الناس بالجيش السوري لأن الناس نسوا الشأن السوري وقد لطخ رذاذ الدم الغزاوي وجوه الجميع وعيونهم .. العالم يبحث عن القاتل .. وسناء والعرب يريدون أخذ يد العالم الى سورية .. كما يفعل أردوغان الذي لم يفعل شيئا لغزة ولكنه مصمم على أن يحارب مصر ويشد الانتباه الى مصر .. ولكنه لو قام بشء واحد من الضجيج ضد اسرائيل أو طرد السفير الاسرائيلي كما يفعل الأميريكيون الجنوبيون فلاشك انه سيحرج المصريين ويدفعهم لتغيير موقفهم دون استفزازهم ..
للأسف الاعلام العربي حاليا انتقل الى يد الأمراء النفطيين الذين يقطرون في عيني الأمة الصور المزيفة والكراهية .. ويحقنون في أوردة الناس الخديعة والمهلوسات .. ويسقون الأمة الاسرائيليات الخالصة والصافية .. وهؤلاء الأمراء أكثر عبرانية من تيودور هرتزل .. واسحاق وايزمن ..
الاعلام العربي والنفطي تحديدا يبتلع تدريجيا كل الثقافة التلمودية ويهضمها في معدته ويتغوطها في صحف عربية ومقالات وكتاب واعلاميين .. رائحة اسرائيل تفوح من الغائط ومن وجوه وأفواه وكتابات هذا الرعيل الأجرب من المثقفين والاعلاميين العرب والمؤسسات الصحفية العربية ..الخليجية التمويل ..ولانبالغ ان استنتجنا أن كم التغلغل الصهيوني في اعلام العرب أكبر منه في صحف تل أبيب .. وأكثر منه في الواشنطن بوست ومحطة فوكس نيوز .. وأننا نحتاج عملية تدمير شاملة لهذا الاعلام بمقاطعته واقتلاعه من جذره والغاء تأثيره .. وضمه الى قائمة مايقاطعه "مكتب مقاطعة اسرائيل" .. المكتب الذي صار مقاطعا من الدول العربية التي افتتحت بدلا عنه مكتب مقاطعة سورية .. وانضمت اسرائيل الى عضويته وتسلمت رئاسة الدورة الأولى فيه !! ..
كنا يوما نسخر من الاعلامي المصري الشهير أحمد السعيد ونحمله أسباب الهزيمة وأنه باعنا الوهم وخدّرنا حتى وجدنا الاسرائيلي يغسل قدميه في قناة السويس وبحيرة طبرية ونهر الاردن .. وهذا كان اتهاما لتلافي المسؤولية الحقيقية عن الهزيمة التي كانت لها أسباب معقدة .. ولكن ألم يكن أحمد السعيد أفضل من هذا الواقع الاعلامي المهين المتسخ والقذر .. ألم يكن حذاء أحمد السعيد أشرف وأنظف من اي فم أو لحية تقبل نعل الأمير .. وقفا الأمير .. وتملأ فمها من غاز الأمير .. كما يفعل فيصل القاسم ومذيعو الجزيرة الذين جعلوا الذوق العربي متسخا والعقل العربي معتوها دمويا يتقاتل مع نفسه ويبيع نفسه الوهم ويخدر نفسه بالهيرويين؟؟ .. اليس الاعلام المصري اليوم في حال كارثي وهو ينتج مخلوقات مشوهة للذوق والحس الأدبي والنفسي وللمشاعر الانسانية ومخلوقات هوجاء تتحدث لغة ركيكة وتنشر ثقافة مخجلة وحوار الشوارع الخليعة التي لاتفتح فيها مدارس ولامساجد بل كازينوهات ..أمثال عمرو أديب واخيه وبقية الاعلاميين الذين رقصوا لموت الأطفال في غزة وحيوا الجيش الاسرائيلي؟؟ عمرو أديب هاجم يوما القرضاوي ببذاءة لما تسبب به من هلاك للشعوب العربية التي عددها عمرو واحدا واحدا .. مرتين .. لكنه أغفل أن يعد الشعب السوري من بين ضحايا القرضاوي .. مرتين .. ابتلع لسانه الشعب السوري بملايينه ال 23 .. كما ابتلع حوت النفط الأسود لسان العرب كله .. من لغاليغه .. وألسنة المثقفين والاعلاميين العرب كلها .. من لغاليغها ..
لو كنت شخصيا صحفيا في صحف تتبع دول الخليج العربي المحتل لما كفاني أن أستحم في مياه المحيط الهادي لأغتسل من العار الذي نقله الي الانتماء الى هذا العالم الدنيء لأن ماء المحيط سيصبح عكرا من جسدي المتشرب بالانحطاط الأخلاقي والبشري .. ولما كفاني أن أفقأ عيني بيدي كما فعل أوديب الذي اكتشف أنه قتل أباه وتزوج أمه .. لأن هؤلاء يقتلون أمهاتهم ويتزوجون آباءهم !! .. ولو كنت صحفيا او كاتبا في اعلام الدعارة لما كفاني أنني ألقيت نفسي على سيف مستند الى الأرض كما يفعل الساموراي عندما ينتحر .. عقابا لنفسي على هذا الاثم والرزية ..
لكن في اعلام النفط لايوجد أوديب ولاأديب .. ولاساموراي واحد .. ولاحذاء ساموراي .. بل مجموعة من المتسولين البائسين المتنافخين شرفا .. ومجموعة من الطهاة الذي يقفون بأدب على بعد خطوات من مائدة الأمير ليسكبوا له طعامه .. ويمسحوا له لحيته كلما تبللت بالدم .. ولايشبهون الا الخدم الذين يمسكون المناديل أمام دورات مياه الأمراء والأثرياء ليمسح بها الأمير وضيوفه أيديهم واشياء أخرى ..
لقد آن أوان البيان والتبيين .. ويجب أن ينتهي عصر التهافت والمتهافتين .. وعصر التزوير والتخدير .. وعصر الساموراي الذي يرمي هؤلاء المتهافتين جميعا على سيف دمشقي .. يمتد من غزة .. الى ادلب ..