الاستخدام المفرط للقوة ؟ …ياه ، ياه ، ياه








أحمد الحباسى

أنا خجلان ، في غاية الخجل ، أنا ألطم وجهي كالولايا كما يقول الأهل في الشرق ، أنا لست حمساويا و لا فتحاويا ، أنا مجرد عربي خجلان من عروبته ، أنا أبحث عن مفردات لأعرى بها نفسي ، لأفضح خجلي ، لاتهم غباوتي ، أنا عربي بائس ، مجرد عربي لا راح و لا جاء ، أنا أندد بنفسي ، كل مصطلحات لغة الضاد في الرفض و التنديد، في الشجب و الصراخ لا أجدها بعد أن أستنفذها عرب لغة التنديد و حكام التنديد لمجرد التنديد ، فماذا بقى لمسكين مثلى ليفعل سوى التنديد بأهل التنديد.في غزة لا مكان إلا للدم و الأشلاء و البكاء على الأشلاء ، في غزة هناك مشهد تعجز لغة الضاد عن وصفه و توصيفه ، في غزة ماكينة قتل تدور على مدار الساعة و شعب يموت على مدار الساعة ، في غزة لم يعد هناك معنى للوقت و لا للحياة و لا للشهادة، فالموت أسرع من الشهادتين و القاتل مسرع في القتل حتى يعلن انتصاره على ركام الجثث و التراب المدمر ، في غزة و حول غزة و بجانب غزة هناك صمت عربي فاسق مأجور ، و لأنها غزة من تذبح فهناك من العرب من يرقص و فيهم من يغنى و بينهم من يزكى و هناك من يساند القاتل الصهيوني المتدرع بسلاح الأمريكان الممول من أموال نفط آل الخليج السفهاء الأقزام .
في غزة دفنت الكرامة العربية ، أو ما تبقى منها ،و هذه الحرب الدموية بنكهة أمريكية نازية تعرى إلى الأبد حكام العرب الخونة ، أو ما تبقى منهم بعد رياح ما يسمى بالربيع العربي، هنا في غزة يسعى جيش ” الدفاع” الصهيوني لاستعادة أسطورة الجيش الذي لا يقهر بعد أن مرغها حزب الله في التراب صيف تموز 2006 ، في غزة تغذى السيولة المالية النفطية الخليجية حربا صهيونية على إخوة عرب فلسطينيين من نفس الجنس و الدين ذنبهم الوحيد أنهم عرب ، في غزة جيش ماكر يصطاد الأطفال، يقلع الأشجار ، يحرق الزرع ، يحسن تدمير العشب ، يدفن الأحياء ، في غزة هولوكوست بطعن عربي نذل مذل ، و في غزة مقاومة تستنزف نفسها لتصنع نصرا اعجازيا بإمكانيات بسيطة تكاد لا تذكر .
شكرا أمريكا ، شكرا فرنسا ، شكرا ألمانيا ، فمن شابه إسرائيل ما ظلم ، أو من تشبه بإسرائيل فما ظلم ، نعم ، نعم ، من حق إسرائيل ” الدفاع ” عن نفسها ، حتى أن جيشها يسمى بجيش ” الدفاع ” أليس كذلك ؟ ، و من حق الرقطاء سوزان رايس أن تعلن تخصيص 225 مليون دولار لتسريع بناء القبة الحديدية الصهيونية المتمثلة بنظام صاروخي “دفاعي” ( مرة أخرى ) يحمى المدن المحتلة من…الصواريخ الفلسطينية “الهجومية ” ، من حقها تجديد التزام الفرعون الأمريكي بحماية التفوق العسكري النوعي الصهيوني ، من حقها أن تصوت بلا بالبنط العريض ضد تشكيل “لجنة” لتقصى الحقائق بخصوص الضحايا الفلسطينيين .على الجانب “الآخر ” ، يتمثل موقف الجامعة العربية في استنكار و شجب الممارسات “العدائية ” الصهيونية و دعوة الطرفين إلى ” ضبط النفس ” و بطبيعة الحال تكرار التمسك بإقامة دولة فلسطين المستقلة علي حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية وفقا لمبادرة السلام العربية التي أقرتها قمة بيروت 2002 وقرارات الشرعية الدولية المتمثلة في قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمـــن ذات الصلة رقم 242 و 338 و 194 و 252 ومبدأ الأرض مقابل السلام ومرجعية مدريد ورفض جميع الإجراءات والخطط والسياسات الإسرائيلية الهادفة إلي تغيير الواقع الديموغرافي في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية.هناك أمران لا يغيبان عن الذاكرة العربية فيلم رابعة العدوية و بيان الجامعة العربية ، كل ذلك من فرط التكرار ، و في نفس المناسبات و في كل المحطات ، غير أن هناك من كتاب إعلام الخزائن المالية الخليجي من لا يستحى من إعلان مواقف هذه الدول الذي لا يتعدى الاستنكار و الشجب مع أنه يناور دائما بكون هذه الدول تتبنى القضية الفلسطينية و ترفض “المساس ” بها ، و ستدافع عنها بكل “القوة” اللازمة ، مع أن نفس هذا الإعلام المارق هو من يستهزأ من فرط الغباء بمقولة حلف المقاومة “سنرد في الوقت المناسب ” ، فهل أن تبنى القضية هو بهذا الشكل ، و هل أن الرفض هو مجرد بيان بائس ،و هل أن الدفاع عنها هو بمطالبة الصهاينة ب”ضبط النفس” ، بالنهاية انتظرنا الرئيس مبارك الثاني ، رئيس مسافة السكة ، حصلت المفاجأة ، لان غاية الموقف المصري هو استنكار ” الاستخدام المفرط ” للقوة من الجانب الصهيوني ” ، ياه ، ياه ، ياه ، مفرط يعنى إيه ؟ بمقاييس إيه ؟ و مسافة السكة يعنى إيه ؟ فلسطين و القدس لا تستأهل مسافة السكة ؟ القوة الصهيونية المفرطة لا تستدعى خيار مسافة السكة ؟ ياه ، ياه ،ياه يا ريس مسافة السكة



خاص بانوراما الشرق الاوسط -