إزالة إسرائيل من الوجود ، حقيقة أم خيال ؟
أحمد الحباسى
ممكن في نظر البعض ، مجرد أوهام في نظر الكثيرين ، لكن حتى نفهم ، لنعيد السؤال بشكل آخر ، من يريد من العرب بقاء إسرائيل ؟ أي هل هناك إرادة سياسية ، عسكرية ، اقتصادية ، تكنولوجية ، علمية ، عربية لإزالة إسرائيل من الوجود ؟ ثم لنسأل ببساطة كيف يمكن إزالة إسرائيل من الوجود ؟ يبقى السؤال الأهم ، هل سيقف العالم الغربي متفرجا على حادثة إزالة الكيان الصهيوني من المنطقة ؟ و إذا تحرك العالم لنصرة إسرائيل كما حدث في حرب أكتوبر 1973 و في مراحل عدة كثيرة في السابق ما هي الخطة المعتمدة لهذه المواجهة بين الشرق و الغرب ؟ ثم من هم حلفاء العرب من الدول و المنظمات الأجنبية في هذه الحرب المعقدة لإزالة الأخطبوط الصهيوني من المنطقة ؟ …
في ذهن سماحة السيد حسن نصر الله يمكن أن تزول إسرائيل من الوجود ، هذه قناعة راسخة طالما كررها سماحته في عديد المناسبات ، يوجز سماحته كالعادة الجواب على كل الأسئلة بجملته الشهيرة …” إسرائيل أوهن من بيت العنكبوت ” ، بما معناه أنه يمكن هزيمة إسرائيل عسكريا بما يترتب عليه بكامل البساطة زوال هذا الكيان و اضمحلاله بقوة و فعل القوة العسكرية ، يعنى أن الانتصار العسكري على إسرائيل ممكن بتجمع الإرادة و التخطيط و حسن و سرعة التنفيذ ، هذا ما خلصت إليه كل التقارير الصهيونية عقب حرب أكتوبر 1973 و عقب هزيمة تموز 2006 في لبنان ، بما يؤكد النظرية القائلة أن السلاح وحده ليس ضمانا للنصر في المعارك الفاصلة بل العزيمة و الإصرار على الانتصار هما العنصران الفاعلان في تحديد ملامح النصر.
هل يمكن للسلاح النووي الصهيوني أن يقف حائلا دون زوال إسرائيل ؟ حول هذا الموضوع تجمع كل التقارير و الدراسات العلمية و العسكرية الجادة أن هذا السلاح لن يكون فعالا في حالة مواجهة عسكرية مباغتة للكيان و أن احتمال استعمال هذا السلاح من طرف إسرائيل ضعيف و ضعيف جدا و أن تأثيراته ستكون محدودة ، فعملية اقتحام خط بارليف الشهير في حرب 1973 لم تستغرق بعض الساعات و كلفت إسرائيل من 40 إلى 50 في المائة من قوتها العسكرية و البشرية ، بمعنى أن الحرب الخاطفة من كل الجهات بإمكانها تدمير القوة الصهيونية بالكامل و شل حركة الطيران الصهيوني بما يمنع الطلعات الجوية و استعمال السلاح النووي أو ما يسمى بأسلحة ” يوم القيامة الإسرائيلية ” ، يضاف إلى ذلك أن تدمير المطارات الصهيونية سيعيق وصول “الإغاثة” العسكرية الغربية و يعطى للعرب الفرصة لمزيد تدمير ما تبقى من القوات على الأرض في حين تتكفل أجنحة المقاومة الفلسطينية و اللبنانية ( حزب الله تحديدا ) بالتعامل مع القوات الصهيونية على عديد المحاور و تخرق صواريخها المختلفة حاجز القبة الحديدية لخلق حالة من الارتباك القصوى في المنظومة الدفاعية الصهيونية .
يدرك المتابع الجيد لما يفرزه المطبخ السياسي و العسكري الصهيوني أن العقل الاستراتيجي للعدو قد توصل إلى قناعة بان عامل الزمن لا يخدمه ، بالمقابل تعمل المقاومة و إيران و سوريا بالخصوص على تنمية قدراتها في كل المجالات استعداد لمتطلبات حرب قادمة بإمكانها إزالة هذا الكيان من الوجود ، و لعل إصرار إسرائيل على مواجهة 2006 ثم مواجهة غزة 2008 ثم مواجهة سوريا كامل فترة المؤامرة الأخيرة هو نتاج لتفكير يقتضى إجهاض هذا الثالوث المعادى قبل أن يصبح الأمر مهمة مستحيلة ، و بالرجوع إلى تقرير فينوغراد الشهير يتبين أن إسرائيل و رغم تفوقها العسكري الساحق فإنها فشلت فى أهم عنصر من عناصر ربح الحروب و هو عامل المعلومة أو ما يسمى ببنك المعلومات حول نقاط قوة المقاومة و أمكنة تحصين صواريخها و كوادرها المهمة على الصعيدين السياسي و العسكري ، و بالتالي فقد انتهى التقرير بالإشارة إلى عديد مناطق الضعف في المنظومة العسكرية و القيادية الصهيونية لا شك أنها مدار متابعة و استخلاص عبر من المقاومة و من سوريا و إيران ، بمعنى أنه يمكن البناء على هذه الحقائق لصناعة انتصار في المعركة القادمة .
من المهم الإشارة أن تخلى سوريا عن سلاحها الكيمائي ليس عملا اعتباطيا أو فعلا سياسيا فرضته الضغوط و الظروف الدولية ، بالعكس سوريا لم تكن ملزمة بهذا القرار لكنها تدرك أن هذا السلاح لم يع فعالا في أي مواجهة قادمة مع إسرائيل ، و أن ما كان يصلح بالأمس لم يعد نافعا اليوم في العلم العسكري ، و من المتابعة ندرك أن الحرب القادمة هي حرب صواريخ بالأساس و حرب سرعة و انقضاض على العدو و حرب متعددة المحاور و على كل الجبهات ، هذه الحرب لا يجب أن تستمر أكثر من ساعات معينة حتى تضطر الدول الغربية بقبول حالة الأمر الواقع و أن تدخلها لإنقاذ إسرائيل سيجعل إيران تدمر كل المضايق الدولية لمنع تصدير النفط و تتعرض إلى القوات الغربية لشلها عن التدخل في المساحة الصهيونية لحين انتهاء المعركة الخاطفة .
في مقابلة مع صحيفة الوحدة الإسلامية في فيفرى 1989 ، علق سماحة السيد حسن نصر الله بالقول : “إن المستقبل هو مستقبل حرب ضد إسرائيل ، وليس تسوية؛ إن الخط الذي يتبعه ياسر عرفات لن يؤدي به إلا إلى باب مغلق، وسيأتي اليوم الذي ستصبح فيه الحرب والقضاء على إسرائيل هي الخيارات الوحيدة المتاحة “.بل لنقل الآن أن العرب قد فاتتهم محطات كثيرة للقضاء على إسرائيل سواء لسوء التخطيط أو لعدم تحديد الهدف من الحرب ، و أن خيار محو إسرائيل من الوجود هو الخيار الوحيد الذي يمكن أن يسترجع به العرب فاعليتهم الاقتصادية و العسكرية و يطرح على الغرب بل يفرض عليه الدخول في شراكة متوازنة و ندية في علاقته بالعرب ، لذلك نعيد السؤال ، من من العرب يريد إزالة إسرائيل من الوجود ؟ .
خاص بانوراما الشرق الاوسط