الجمعة 16/5/1431 هـ - الموافق 30/4/2010 م


من يصنع الخلل الأمني في العراق؟

أعمال العنف المسلح أبرز مظاهر الخلل الأمني في العراق
لا يختلف اثنان في العراق على وجود خلل أمني، وإن اختلفا في من يصنعه ويقف وراءه، فيرى البعض أن كثرة الأجهزة الأمنية واختلاف فلسفاتها هو سبب الخلل، في حين يرى آخرون أن ولاء الأجهزة الأمنية لأحزاب سياسية متناحرة تسعى للمكاسب هو من يصنع الخلل الأمني.
ومظاهر هذا الخلل عديدة وضحيتها الأبرز هم المدنيون، ولكن عناصر الأجهزة الأمنية نفسها كثيرا ما تذهب ضحيتها.
وخير مثال على ذلك حادثة رجل الشرطة الذي صرخ في وجه رجال ملثمين ترجلوا من سيارات دفع رباعي مدعين أنهم حراس لمسؤول حكومي، ولكن قبل أن تكتمل صرخته الاحتجاجية عاجلوه بإطلاق نار فأردوه قتيلا.
ورغم اشتباك زملاء الشرطي مع المهاجمين ومطاردتهم لهم التي خلفت قتلى وجرحى أبرياء، فإن من وصفهم أحد زملاء الشرطي بالصبية لم يتم القبض عليهم، وإنما علم بعد حين أنهم سرقوا محال قريبة من موقع الحادث.
ولا يستغرب العقيد في الشرطة محسن عبد الرزاق الحادث "هذا ليس غريبا، فهذه مهمة رجل الشرطة. لا أستغرب أن تقوم مجموعة من الصبية أعمارهم بين 19 و25 بعمل بمثل هذه الفظاعة".
ويضيف "أعتقد أن الهجوم على زميلنا لم يكن هدفهم الأول، فيما بعد علمنا أنهم قاموا بسرقة ثلاثة محال تجارية في الحي المجاور بعد ثلاث ساعات من الحادثة".
ويؤكد عبد الرزاق "هؤلاء جزء من ثقافة الفوضى الأمنية التي شاعت خلال سنوات الخلل الأمني الأخيرة، وهي ثقافة أخذت تتقلص بعد التحسن الكبير في الوضع الأمني".

المداهمات إحدى مظاهر اختلاف نظريات العمل الأمني
السياسة وراء الخلل
ويتفق الرائد الحقوقي مسلم كنطار مع عبد الرزاق ولكنه يعزو الخلل الأمني إلى التناحر السياسي والسعي إلى تحقيق المكاسب، فيقول "نعم الفوضى الأمنية خلفت ثقافة خاصة، ولكن التناحر السياسي والسعي لجني المكاسب الحزبية تخلف نوعا من الجو العام الذي يساعد على بروز الخلل الأمني".
ولكن ضابطا سابقا في الأمن يعتقد أن حل أكثر من سبعة أجهزة أمنية كانت تحكم الشارع وتفرض سيطرتها عليه، وتسريح المنتسبين لها من أسباب الخلل.
ويرى أن وجود عشرة أجهزة حكومية رسمية وجهاز أمني خاص لكل حزب متنفذ في السلطة لكل منها فلسفته الأمنية الخاصة أمر يجعل الفوضى الأمنية تعم والخلل الأمني يزداد.

القوات جزء من الخلل
ويرى محسن مشكور -القيادي في مكتب الصدر- أن القوات الحكومية تساهم في الخلل الأمني، ويضرب مثلا بما وقع في مدينة الصدر بعد تفجيرات الجمعة الماضية التي قتلت 39 وأصيب فيها أكثر من 56 شخصا.
يقول مشكور للجزيرة نت "بعد الانفجارات قامت وحدات من الفرقة 11 حرس وطني بقتل وجرح العشرات من المدنيين عندما أخذ جنودها يطلقون النار عشوائيا على الناس في جو من الفوضى الأمنية".
ويوافقه في ذلك عباس عبد النور من القائمة العراقية إذ يقول للجزيرة نت "علينا أن نعترف أن القوات الحكومية ما زالت تعاني من الفوضى. والخلل الأمني يعم أعلى المفاصل في جهازي الشرطة والجيش".
ويضيف عبد النور -متهما الأحزاب بأنها وراء الفوضى الأمنية- "الجهازان (الشرطة والجيش) يضمان عناصر حزبية ترتبط بهذا أو ذاك من الأحزاب الرئيسية في العراق".
ويتهم الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة بأنها لا تحمل عقيدة أمنية ولا تعمل لصالح الوطن "إنها موالية للأحزاب وليست لها نظرية عمل أمني وطني محددة، وتلك هي جذور الخلل الأمني".