أقَنَاعَة ً، مِنْ بَعدِ طُولِ جَفاءِ، |
بدنوِّ طيفٍ منْ حبيبِ ناءِ! |
بأبي وأمي شادنٌ قلنا لهُ : |
نَفْدِيكَ بِالأمّاتِ وَالآباءِ |
رشأ إذا لحظَ العفيفَ بنظرة ٍ |
كانتْ لهُ سبباً إلى الفحشاءِ |
وَجَنَاتُهُ تَجْني عَلى عُشّاقِهِ |
ببديعِ ما فيها من اللألآءِ |
بِيضٌ عَلَتها حُمْرَة ٌ فَتَوَرّدَتْ |
مثلَ المدامِ خلطتها بالماءِ |
فكأنما برزتْ لنا بغلالة ٍ |
بَيْضَاءَ تَحْتَ غِلالَة ٍ حَمْرَاءِ |
كيفَ اتقاءُ لحاظهِ ؛ وعيوننا |
طُرُقٌ لأسْهُمِهَا إلى الأحْشاءِ؟ |
صَبَغَ الحَيَا خَدّيْهِ لَوْنَ مدامعي |
فكأنهُ يبكي بمثلِ بكائي |
كيفَ اتقاءُ جآذرٍ يرميننا |
بظُبى الصّوَارِمِ من عيونِ ظِباءِ؟ |
يا ربِّ تلكَ المقلة ِ النجلاءِ ، |
حاشاكَ ممَّـا ضمنتْ أحشائي؟ |
جازيتني بعداً بقربي في الهوى |
وَمَنَحْتَني غَدْراً بِحُسْنِ وَفائي |
جَادتْ عِرَاصكِ يا شآمُ سَحَابَة ٌ |
عَرّاضة ٌ مِنْ أصْدَقِ الأنْواءِ! |
بَلَدُ المَجَانَة ِ وَالخَلاعَة ِ وَالصِّبَا |
وَمَحَلُّ كُلِّ فُتُوّة ٍ وَفَتَاءِ |
أنْوَاعُ زَهْرٍ وَالتِفَافُ حَدَائِقِ |
وَصَفَاءُ مَاءٍ وَاعْتِدالُ هَوَاءِ |
وَخَرَائِدٌ مِثْلُ الدُّمَى يَسْقِينَنَا |
كَأسَيْنِ مِنْ لَحْظٍ وَمن صَهْبَاءِ |
وَإذا أدَرْنَ على النَّدامَى كَأسَهَا |
غَنّيْنَنَا شِعْرَ ابنِ أوْسِ الطّائي |
فارقتُ ، حينَ شخصتُ عنها ، لذتي |
وتركتُ أحوالَ السرورِ ورائي |
و نزلتُ منْ بلدِ " الجزيرة ِ " منزلاً |
خلواً من الخلطاءِ والندماءِ |
فَيُمِرُّ عِنْدي كُلُّ طَعْمٍ طَيّبٍ |
من رِيْقِهَا وَيَضِيقُ كُلُّ فَضَاءِ |
ألشّامُ لا بَلَدُ الجَزيرة ِ لَذّتي |
و " قويق " لا ماءُ " الفراتِ " منائي |
وَأبِيتُ مُرْتَهَنَ الفُؤادِ بِمَنبجَ السّـ |
ـوداءِ لا " بالرقة ِ " البيضاءِ |
منْ مبلغُ الندماءِ : أني بعدهمْ |
أُمْسِي نَديمَ كوَاكِبِ الجَوْزَاءِ؟ |
ولَقد رَعَيْتُ فليتَ شِعرِي من رَعى |
منكمْ على بعدِ الديارِ إخائي؟ |
فحمَ الغبيُّ وقلتُ غيرَ ملجلجٍ: |
إنّي لَمُشْتَاقٌ إلى العَلْيَاءِ |
وَصِناعَتي ضَرْبُ السّيُوفِ وَإنّني |
مُتَعَرّضٌ في الشّعْرِ بِالشّعَرَاءِ |
و اللهُ يجمعنا بعزٍ دائمٍ |
و سلامة ٍ موصولة ٍ ببقاءِ
|