25 رجب ، انتصار وخلود السجين على السّجان
غالباً ما تتماثل وتتواءم جملة من الإحداث والمواقف إذا كانت تسير بنفس النسقيّة والمنهج الطردي مع الفعل الزمني السابق ويمكن استشفاف هذا الأمر عندما نسير في أروقة التاريخ ونفتح أبواب الأحداث ونبصر بعين الوعي والتجرد ، فكما كان يوم عاشوراء يمثل مرتكز انتصار ( الميت / الدم ) على ( الحي / السيف ) وهي معادلة ربما للناظر لها من فوق دون التبحر في حيثياتها ونتائجها على مر الزمان ربما يجد نوعاً من الغرابة لأنها تدخل ضمن إطار القفز على النواميس الطبيعية ومنظومة الأعراف المجتمعية ، لكن الوقوف على ما تتلمسه يد البقاء والخلود للقيم والمبادئ والمنهج والسلوك لا نجد لما أسميناه بـ ( الغرابة ) مكاناً بعد ذلك بل نجد صفة الواقع الحقيقي لما ندعيه هي الحاكمة والمُتسيدة على المشهد ، وفي 25 رجب تكرر هذا المشهد بنفس الصورة والمضمون ألا باختلاف الشخصيات فهناك ( الحسين (ع) / يزيد ) وهنا ( الكاظم (ع) / هارون ) ، ضاناً ومتوهما أن يكون التقييّد والتحجير على شخص الإمام (ع) من خلال حبسه سيكون كفيلاً في تضييق حركته الرسالية ومشروعه الإلهي ناسياً أو متناسياً أن الامتداد المعنوي والروحي للإمام (ع) هو أكبر من أن تحتويه زنزانة ظالم لأن الإمامة ومشروعها كالشمس التي ترسل أشعتها على أرجاء المعمورة تنفذ إلى الأعماق وتبصر طريق السالكين نحو طريق الحرية والمبادئ والقيم الحقة وكذا الأمر مع الإمام الحسين (ع) عندما أقدم على قتله يزيد محاولاً اجتثاثه مادياً ليخلص منه لكن هذه النهضة الحسينية نراها اليوم وبروحية متزايدة باضطراد والسبب في ذلك هو التكفل السماوي باستمرارية هذا الخط والمنهج ، لذا فأن يزيد وهارون سلكا نفس المسلك في قتل المصداق لكنهم فتحوا باب المفهوم على مصراعيه الذي أقض مضاجعهم فيما بعد وزلزل عروشهم الخاوية ، فروح الخوف التي تملكت وتسيدت على هارون العباسي بعدما أقدم على سم الإمام موسى بن جعفر (ع) تمثل قمة الانتصار للمشروع الإلهي الذي مثل مصداقه كاظم الغيض (ع) في قبال الطغمة الفاسدة التي اغتصبت شرعية الإمامة متمثلةً بهارون العباسي ولا أدل على صورة الانتصار هذه في التاريخ عندما تأتي إلى الكاظمية وترى قبة تناطح السماء وضريح يؤمه الملايين من المؤمنين ضم تحته جسدً طاهرا اسمه موسى بن جعفر (ع) وعندما تسأل أين من قال (إذهبي أنى شِئتِ فخراجُكِ سيأتيني) لا تجد له ذكراً ولا رسماً لان المعادلة الإلهية اقتضت بخلود المنهج الحق مفهوما ومصداقا .
فسلام عليك يا سيدي يا مولاي يا موسى بن جعفر يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيا شافعاً مشفعا.