13 رجب ، ولادة إنسان أم ولادة الأكوان
كل الموضوعات نستطيع أن نبدأ بها ونكتب ونحن نمتلك المقدرة على التعبير ألا موضوع اعتقد أنه فيه شبه استحالة لوصف وتشبيه وتبيان شخصية امتلكت العقول قبل القلوب ولا ندعي التأليه والغلو فيما نقول فنحن نمتلك دليلنا عندما نتكلم عن أمير المؤمنين وسيد الوصيين علي بن أبي طالب (ع) فهذا رسول الله ( ص وآله ) يصرح نهاراً جهاراً بقوله ( يا علي لا يعرفك ألا الله وأنا ) فإذا كان الخطاب المعرفي التخصيصي الذي أبداه رسول الرحمة ( ص وآله ) بحق معرفة شخص الإمام علي (ع) فكيف بنا نحن قاصري العقول أن ندرك كنه علي بن أبي طالب (ع) ، سيدي أمير المؤمنين أخشى أن أوصفك بكلام ربما أضيع منك الكثير الكثير من مكنون شخصك الطاهر فيقال أحيانا الصمت ابلغ إجابة لكن اكتفي بالقول ( أن علي هو علي ) ، فلنأتي ونحاكم التاريخ ونضع صفحاته بين قاضي الحق ونستنطق كلماته بحق سيد الوصيين ونقول له ، هل أنصفت عليا ، هل وضعت عليا موضعه الذي أراده الله له ، هل أخذ عليا دوره الريادي ، هل هل هل هل الأسئلة تطول والإجابات تتبعثر هنا وهناك لأننا متأكدين أن التاريخ لا يمتلك جواب ألا الخجل والإطراق برأسه إلى الأرض وأن أجاب فإنه يجيب باستحياء لما أقدم عليه من ظلم بحق من لا يظلم عدوه قبل صديقه وهنا سر التميز العلوي في حمله لتلك النفس الكبيرة غير المتناهية ، فإنّنا نرى الترجمة العملية والتطبيقية الحقة للقرآن الكريم من خلال الفعل السلوكي للأمير المؤمنين (ع) وهو ما عبر عنه (ع) بالقول ( أنا القرآن الناطق ) كيف لا يكون وهو الذي تربى وترعرع في حضن النبوة وشرب من منهلها العذب والدلالة التاريخية تشهد بذلك ( ولقد علمتم موضعي من رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بالقرابة القريبة والمنزلة الخصيصة ، وضعني في حجره وأنا ولد ، يَضمّني إلى صدره ويكنفني في فراشه ، ويمسّني جسده ، ويشمّني عرفه ، وكان يمضغ الشيء ثمّ يلقمنيه ، وما وجد لي كذبة بقول ولا خطلة في فعل ، ولقد قرن الله به ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من لدن أنْ كان فطيماً أعظم ملك من ملائكته ، يسلك به طريق المكارم ومحاسن أخلاق العالَم ، ليله ونهاره ، ولقد كنت أتّبعه اتّباع الفصيل أثر أُمّه ، يرفع لي في كلّ يوم من أخلاقه عَلَما ، ويأمرني بالاقتداء به 000) وبهذا نجد اننا أمام نبي بلا صفة نبوة ، ومما يميز الإمام (ع) ـ وكله مميز ـ انه جمع الأضداد في شخصه الطاهر فتراه صنديداً شجاعاً قسوراً في الحروب أما في جانبه الإنساني فترى الرقة والحنان والعطف والبكاء على الأيتام فقد جسد سلام الله عليه الجانب القيّمي والكمال الإنساني بأبهى صوره ، ومهما حاولت الأقلام بشقيها الإيجابي والسلبي أن تصل عمق الشخصية العلوية لم ولن تستطع بلوغ الغاية فالجانب الإيجابي مهما حاول أبراز فضائل الإمام (ع) يبقى قاصراً وبالمقابل الجانب السلبي يبقى يترنح في سوق بضاعته الفاسدة لان الحقيقة ناصعة لا تغطى بغربال وهنا استذكر قول محمد بن إدريس الشافعي إمام المذهب الشافعي ، أنه قال في جواب من سأله عن علي ـ عليه السلام ـ : ما أقول في حق من أخفت أولياؤه فضائله خوفا ، وأخفت اعداؤه فضائله حسداً؟ ، وشاع من بين ذين ماملاً الخافقين .
وأنا أقول كيف لا يملأ الخافقين لشخصية أراد الله ـ عز وجل ـ لها الخلود الأبدي في ضمائر الأحرار عندما كتب لها الولادة في بيته المعظم واستشهاده في بيته الطاهر، فسلامَ عليك يا سيدي ومولاي يا أمير المؤمنين ويعسوب الدين يوم ولدت ويوم أستشهدت ويوم تُبعث حيا شافعاً مشفعا .