فلسطينُ افتحي الطرقاتِ بابا أتاكِ المجدُ يسألكِ انتسابا
وجاءتكِ القوافلُ مثقلاتٍ بخفقِ القلبِ تلتمسُ اقترابا
تسابقتِ الأماني مشرعاتٍ لتلقى عندَ كفيكِ الرغابا
تشدُّ الخيلُ أسرجةَ التلاقي وتنفضُ حينَ تلقاكِ اكتئابا
تردّينَ الغزاةَ بخيلِ نصرٍ تشقُ الريحَ تنسكبُ انسكابا
كأنَّ الصخرَ تغزلهُ الحكايا فيصعدُ ثمَّ ينصبُ انصبابا
تنادى البحرُ بسملةً فقامتْ بلادُ الخيرِ وانتفضتْ شبابا
تراكضت الشوارعُ عاصفاتٍ تلمُّ السهلَ تحتضنُ الهضابا
يطلُّ الشعبُ من فجرِ القوافي ويملأ حينَ ينتشرُ الشعابا
كأنَّ الأرضَ قد لبستْ شموخاً فكان الشعبُ للأرضِ الثيابا
يشدُّ الزهرُ أشرعةَ الثواني ويأخذُ كلَّ ثانيةٍ شـهابا
إذا الشهداءُ للأمطارِ غنوا تهادى الفجرُ يحتضنُ الترابا
كأنَّ الفجرَ قد أدناهُ فجرٌ فطابَ الوعدُ حينَ العهدُ طابا
ترى الأشجارَ مطلقةً خطاها بها الأغصانُ قد نهضتْ حرابا
تضيءُ أصابعُ الأطفالِ عشقاً وتلثمُ من تشوقها القـبابا
تلمُّ الريحَ في حجرٍ وترمي فتلتهبُ المسافاتُ التهابـا
فللأحجارِ حمحمةٌ ورعدٌ بغيرِ القصفِ ما عرفتْ خطابا
تراوغُ ثم تندفعُ اندفاعاً وتتركُ حينَ تنقضُّ اضطرابا
فحيناً تبصرُ الأحجارَ طيراً تحلقُ ثمَّ تنصبُ انصبابـا
وحيناً تبصرُ الأحجارَ خيلاً تردُ الليلَ تقتحمُ الصعابا
تخط حروفها في كل شبرٍ إلامَ الشمسُ تنتظرُ الإيابا
إلامَ الجرحُ يبقى في نزيفٍ يكابدُ في تقلبهِ العذابـا
وعودُ الأهلِ قدْ زادتْ وفاضتْ وظلَّ الفعلُ من يدهمْ سرابا
يرشونَ الدروبَ بألفِ عهدٍ وكلُّ عهودهمْ باتت كِذابا
إذا قرعوا طبولَ الحربِ مالوا إلى الجيرانِ ينهونَ الحسابا
جيوشٌ حينَ تطلبُها تراهـا تعضُ لحومها تثبُ احترابا
وللأعداءِ في الأقصى ولوغٌ يرونَ العزَّ إنْ نشروا الخرابا
على الطرقاتِ ينتشرونَ قبحاً لغيرِ الشرِّ ما عرفوا الذهابا
أتوا من آخرِ الدنيا سواداً يباري ليلُ ظلمتهِ الغرابـا
تساندهم يدٌ للظلمِ طالتْ ومالتْ حينَ أطلقتِ الذئابا
وراحت تكتبُ التاريخَ زوراً وتنسفُ في تملقها الصوابا
تكاثرتِ الجراحُ بكلِّ درب وزادت حينما اتسعتْ مصابا
تلمُّ القدسُ دمعتها فتهمـي بكلِّ شوارعِ الدنيا عتابـا
كأنَّ اليتمَ سربلها بحـزنٍ نما في ضوءِ مقلتها انتحابـا
تسائلُ ثم تسألُ عن رجـالٍ إذا نادتهمُ كانوا الجوابــا
ترى الفرسانَ قد سبقوا خطاهمْ لساح الحرب يرجون الثوابا
فبسمِ الله ينتشرونَ نــوراً: وبسمِ الله يطوونَ الصعابـا
خيولُ النصرِ قد شدتْ ومدتْ وراحتْ تمطرُ الوعدَ اقترابا
فكيفَ نميلُ إنْ مالتْ بـلادٌ وسلمتِ المضاربَ والركابا
وهل نبقى على صهواتِ ريحٍ نمدُّ الخطوَ نمتدُّ اغترابـــا
ونفتحُ دفترَ الأيامِ صفحـاً وننسى كلَّ ما أخذَ اغتصابا
وكيفَ ننامُ إنَّ الذئبَ ذئبٌ وإنْ أخفى عن الأنظار نابا
فلا والله لا نرضى بــذلٍ وإن خضنا من البحرِ العبابا
شبابُ الخيرِ قد هبوا وشدوا ومدوا الخطوَ وانتفضوا غضابا
تنادوا ثم نادوا واسـتزادوا فكانَ الفجرُ في غدهمْ جوابا