من حسن التوفيق الصبر في الملمات .قال تعالى ((ياأيُها الذين آمنوا اصبروا و صابرو ))
أي أصبرو على ما فرض الله عليكم ،اصبروا و صابروا على عدوكم .
وقال النبي محمد عليه الصلاة والسلام :(( الصبر مطيّة لا تكبو ،و القناعة سيف لا ينبو)).
والصبر على ستة أنحاء (والكل ممدوح):
الأول :الصبر على أمتثال أمر الله تعالى و الأنتهاء عما نهى عنه ،لانّ به تستقيم العبودية ، فيصلح الدين ، فيستحق الثواب الدائم ،قال تعالى :((انّما يوفى الصابرون أجرهُم بغير حساب )).
وهذا النوع من الصبر يكون لشدة الخوف و الرجاء .
الثاني :الصبر على ما أنقضت أيامه من رزية قد أجهده الحزن عليها ، أو حادثة قد استكدّه الهمّ بها ،فان الصبر عنها يعقبه الراحة منها ،ويكسبه المثوبة بها . فان صبر طائعا ً،والا احتمل همّاً لازماً و صبر كارهاً آثماً.
الثالث :الصبر على ما فات أدراكه ، فان الصبر عنه يعقب السلوة منه،و الأسف بعد اليأس خرق.
قال بعض الحكماء : اجعل ما طلبته من الدنيا فلم تنله ، مثل الذي لم يخطر ببالك .وقال بعضهم أيضا:اذا كنت تجزع على ما فات من يدك ،فاجزع على ما لم يصل الي.
الرابع:الصبر على ما يخشى حدوثه فلا يتعجل بهّم ما لم يأت ،فان كثيراً من الهموم حادث ،و الأغلب من الخوف مدفوع .
فعن النبي :بالصبر يتوقع الفرج ومن يدمن قرع الأبواب يلج .
الخامس: الصبر على ما يتوقعه من رغبة يرجوها أو نعمة يأملها .
فانه اذا أندهش التوقّع لها ،وأذهله التطلع اليها ،وأنسدت عليها سبل المطالب ،أما اذا كان مع الرغبة وقوراً ، وعند الطلب صبوراً،ارتحلت عنه عماية الدهش ،فأصبر رشده ،وعرف قصده.
السادس:الصبر على ما نزل من مكروه ،أو رحلّ من الخوف ، فالصبر في هذا يفتح وجوه الاراء ويستدفع به مكائد الأعداء ،فان قل الصبر ،اشتدّ الجزع وعزب الرأي فصار المرء مرتع الهموم وفريسة الغموم...