ارتجاجات الرأس تؤدي إلى تغيرات عاطفية لدى المراهقين
الإصابات الرياضية تؤثر على حالتهم النفسية


القاهرة: د. هاني رمزي عوض
على الرغم من الفوائد المتعددة لممارسة الرياضة أثناء فترة المراهقة وأثرها الإيجابي على الصحة البدنية والنفسية؛ فإن الأمر لا يخلو من السلبيات البسيطة بطبيعة الحال، وأهم هذه السلبيات احتمال الإصابة في الرأس، خاصة في الألعاب التي تتطلب احتكاكا مباشرا مثل الألعاب القتالية أو التي تساعد في بناء الجسم أو الألعاب الجماعية مثل كرة القدم أو السلة أو حتى ركوب الدراجات النارية.. وغيرها. وهناك العديد من الدراسات حول إصابات الملاعب سواء بالنسبة لطب العظام أو طب الأعصاب أو الجراحة العامة.

* ارتجاجات الرأس
أحدث الدراسات ناقشت الآثار الناتجة عن الارتجاجات في الرأس جراء إصابات الملاعب في مؤتمر الأكاديمية الأميركية لطب الأعصاب American Academy of Neurology الذي أقيم في شيكاغو في الولايات المتحدة منتصف يوليو (تموز) الماضي. وأوضحت الدراسة أن بعض المراهقين يكونون أكثر عرضة من أقرانهم للتغيرات العاطفية بعد ارتجاجات الرأس، بمعنى أنهم يخضعون إلى سيطرة مشاعر القلق من عدم تمكنهم من ممارسة الرياضة مرة أخرى أو يصابون بالاكتئاب. والمراهقون هؤلاء الذين يعانون من هذه الأعراض هم المراهقون الذين يعانون من الحساسية من الضوء الساطع أو الضوضاء بعد الإصابة.
وأشار الباحثون إلى أن أعراض ما بعد الارتجاج يمكن أن تختلف اختلافا كبيرا من مراهق لآخر على كل المستويات؛ سواء الجسدية أو العاطفية أو حتى يمكن أن تؤثر على الإدراك والفهم. وبينما تأخذ حالة الإصابة في المعتاد نحو أسبوع حتى تتماثل للشفاء، نجد أن الأمر يختلف في بعض المراهقين الآخرين الذين يمكن أن تصل مدة العلاج لديهم إلى أسبوعين أو ثلاثة أسابيع تبعا لعدة عوامل.
شملت الدراسة نحو 37 رياضيا تتراوح أعمارهم بين 12 و17 عاما عانوا من أعراض لمدة تصل إلى شهر بعد تعرضهم لإصابات الرأس سواء كانت هذه الأعراض صداعا أو آلاما في الرأس أو حساسية مفرطة للضوء أو الضوضاء، وجرى استثناء المراهقين الذين عانوا من أمراض نفسية سابقا أو عانوا من أي مؤثر عاطفي بغض النظر عن الإصابة.

* اختلال عاطفي
ومن المراهقين في الدراسة كان هناك 22 مراهقا عانوا من أعراض عدم الاتزان العاطفي بعد الإصابة مثل الاكتئاب والتوتر والقلق والعدوانية وتغير المزاج باستمرار، فضلا عن تراجع الإدراك وعدم التفاعل الكافي مع الأمور، بينما لم يعانِ بقية المراهقين الـ15 من أي أعراض تتعلق بالاتزان العاطفي، مع العلم بأن المجموعتين لم يكن هناك أي اختلاف بينهما سواء في شدة الإصابة أو التعرض للإغماء بعدها، بمعنى أنهم كانوا على القدر نفسه من الإصابة.
وقد وجد الباحثون أن ضمن المراهقين الـ22 الذين عانوا من التغير العاطفي كان هناك خمسة مراهقين عانوا من الحساسية الشديدة للضوء، وهو ما يمثل نسبة 23 في المائة من العينة، وأيضا كان هناك ثلاثة مراهقين عانوا من الحساسية للضوضاء، وهو ما يمثل نسبة 14 في المائة من العينة. وبالمقارنة مع الـ15 مراهقا المتبقين الذين لم يعانوا من التغير العاطفي، لم يعان أي مراهق منهم على الإطلاق من الحساسية للضوضاء، بينما كان هناك اثنان فقط من المراهقين عانيا من الحساسية للضوء، وهو ما يمثل نسبة 13 في المائة من العينة.
ولم يكن هناك رابط بين الإصابة بالتغيرات العاطفية بعد الإصابة في الرأس واحتمالية أن يكون هناك تاريخ عائلي من الإصابة بأي من الأمراض النفسية، ومن هؤلاء المراهقين الذين عانوا من القلق كان هناك نحو 55 في المائة يعانون من نقص الاهتمام أكثر من الذين لم يعانوا من القلق. ومن بين الذين عانوا من العدوانية والتوتر كان هناك نحو 35 في المائة عانوا من نقص الاهتمام أكثر من الذين لم يعانوا من العدوانية. وأشارت الدراسة إلى أن التغيرات العاطفية لا بد أن تخضع للعلاج وعلى أثرها يجري تحديد الوقت المناسب للعودة للملاعب.

* أعراض نفسية
وكانت دراسة نشرت في مارس (آذار) الماضي في «مجلة صحة المراهق» Journal of Adolescent Health قد أشارت إلى أن المراهقين الذين تعرضوا لارتجاجات جراء إصابات الرأس في الملاعب أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب من غيرهم من المراهقين الذين لم يتعرضوا لإصابات الرأس. وأوصت تلك الدراسة بأن يجري عرض المراهقين الذين تعرضوا لإصابات الرأس باستمرار على الأطباء النفسيين للتأكد من أنهم لا يعانون من مشكلات نفسية. وأوضحت الدراسة أن إصابة الرأس يمكن أن تحمل خطورة الإصابة بالأعراض النفسية مثل الاكتئاب والتوتر.
وكانت الدراسة قد قامت بفحص بيانات عن المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و17 سنة، وكان عددهم نحو 36 ألف مراهق في الفترة من عام 2007 وحتى عام 2008. وكانت نسبة نحو 2.7 في المائة قد تعرضوا لإصابات الرأس، ومن بين هؤلاء الذين تعرضوا للارتجاج كان هناك نسبة ثلاثة في المائة منهم تعرضوا للاكتئاب، خاصة المراهقين أكبر من 15 عاما، وأيضا كان هؤلاء عانوا من تغيرات حادة في المزاج وأصيبوا بنوبات من الغضب.
يذكر أن العديد من هؤلاء المراهقين لم يسبق تعرضهم للاكتئاب من قبل، وأوضح الباحثون أن السبب الحقيقي لحدوث الاكتئاب ليس معروفا تماما، وقد يكون نتيجة للإصابة الطفيفة التي تسبب ارتجاجا للمخ، أو قد يكون بسبب الفترة التي يقضيها المراهق في عزلة أثناء الراحة والعلاج.
وفى النهاية يجب عدم التعامل مع إصابات الرأس بالشكل الإكلينيكي الصرف فقط؛ ولكن أيضا بالتأكد من أن الإصابة لم تسبب مشكلات نفسية للمراهق.