بعد ساعات أمام الشبكة العنكبونية ، قرر الانسحاب و الاستسلام لسلطان النوم لعله يستريح قليلا و يريح عقله الشارد. أطفأ حاسوبه المحمول و وضعه بعيدا ، أراد أن يعيد الكرة مع هاتفه لكن عيناه التقطتا اشارة غريبة : انها رسالة واردة من سيدة لم تحدثه منذ شهور. دفعه الفضول على الاطلاع عليها و لم لا الرد كذلك. كانت الرسالة عبارة عن كلمات لطيفة من أخت رفيقته السابقة ، رد عليها بلطف و شكرها على هته المبادرة النبيلة ، و لأنه فتى لطيف أضاف بضع جمل يستفسر فيها عن حالها و حال العائلة. كثر القيل و القال ، و تحولت المراسلات من تفقد الأحوال الى دردشة مطولة أنسته هدفه الماضي ألا و هو التوجه الى السرير ليخلد الى النوم.
بعد أخذ و رد ، أخبرته على أن أختها و رفيقته السابقة ستحرر من قيود الدنيا لتسلم نفسها الى قاضي القفص الذهبي ، هناك ستمضي باقي حياته بعيدا عنهم ، كما تمضيها بعيدا عنه الأن. خبر لم يشعل نيران الحب المنطفئة في فؤاده منذ زمن ، لكنه أشعل فتيل مصباح ذكرياته ، فبحث في رفوف أرشيف السنوات الماضية عن صور لا زالت عالقة أو متساقطة فيه ! ليس بداعي الحب ، لكن من أجل اكرام ميته ، فهذا الفتى الكريم أبى أن يتركها في قبر مهجور في غياهب قلبه ، و لكنه قرر أن ينقل رفاثها بعيدا عنه و للأبد.
لم يتساءل عن رفيقها الجديد ، و لم يتسفسر عن شخصيته ، و لم يطلب أي توضيح عن حياتهما ، ببساطة لأنه لا يريد. و السؤال الوحيد الذي تبادر الى ذهنه ، هل من الجيد أننا افترقنا ؟ لم ينتظر كثيرا ليتلقى الاجابة ، فخفقات قلبه أرسلت اليه الجواب النهائي : لقد أحسنت القرار ، لقد أعطيت كل ما عندك يا فتى ، لقد قدمت كل ما تملك ، لكل منكما طريقه يا صديقي. فان كانت كل الطرق تؤدي الى روما ، فليست كلها تؤدي الى فينزيا و فيينا ، فلكي تصل لهناك مع احداهن يجب أن تجد من تصلح عيوبك من أجلها و من تصلح عيوبها من أجلك ، لا من تمضي معها اليوم في عد حسناتكما و مزاياكما :) فهذا جيد لكنه غير كاف. المهم يا صديقي أعلم أنك لست بحزين و لكنك تائه فمن الطبيعي أن تذهل عند سماع هذا الخبر . الأن بوح بما تريد أن تبوح ، تحدث بصراحة و أنعيها كما تريد.
استمع الفتى لحديث روحه ، ثم حمل ريشته و كتب الكلمات التالية :
لم يكتب شيءا لأن الصمت أحيانا هو خير الكلاملم يكتب شيءا حتى لا تتنزعج أميرته و فتاة الأحلاملم يحرك ريشته ، لم يفعل شيئا !
استلقى على فراشه ليتأمل المساء و السلام
منقول ..