ساقتني قدماي نحو شاطئ البحر ألتمس شئ من الهدوء عد أن كان هذا الشاطئ يفيض صخبا وقهقهات
وتشق أمواجه أكتاف السابحين والمتنعمين بدفئ الشمس على صفحات رماله الذهبية
أنا من عشاق البحر بصخبه وجنونه نهارا وبهدوئه وسكونه ووحشته ليلا
وكأني أفترش وحدتي على شاطئه أحدثه بصمت وأشكو أليه قسوة الزمان والأنسان وأشعر به يشعر بي
في كل رذاذ بارد منعش يتطاير لحظة أعتناق أحدى موجاته بصخور الشاطئ
جلست على الرمال ويداي تعبثان بذرات الرمل وفي حناياي الكثير مما كنت أروم البوح به لعشقي البحر
حين سمعت صوت بكاء هادئ وعبرات مختنقة يقطعها نشيج وجع بكاء مر
تجمدت يداي عن العبث ورئتاي عن التنفس وعيناي عن النظر وجسدي عن الحركة
أنقطعت حبال تفكيري وتلعثمت كلماتي التي أناجي بها البحر
كانت السماء صافية إلا ان القمر غائب عنها والصمت مخيم على الكون كله
حتى البحر كان هادئا هدوءا غريبا وكأنه تجمد مثلي وأصاخ بسمعه نحوها
مضت ساعة أو تزيد تباطأت نوبة البكاء وأخذت تلملم ماتبقى من دموعها فوق خديها
وتشهق بقوة لتسترد أنفاسها وبعضا من آهاتها
ثم قامت بتثاقل تجر جسدا أعياه الألم والأنكسار وروحا أتعبها الوجع حد الأحتضار
تحركت نحو البحر ولاشئ بي يتحرك سوى عيناي تتبعانها خوفا وقلقا
حتى وصلت المياه حد خصرها توقفت ثم ضمت يداها الى صدرها وأخذت تحادث البحر بصوت مسموع
عاتبته وصرخت فيه وأسترضته ومزحت معه ضحكت بكت ثم ضحكت
خشيت أن تكون قد جنت فصحت بها حذاري من امواج البحر فهي غادرة
ألتفتت نحوي وفي عينيها أمتزجت مشاعر الذهول والمفاجأة والغضب والخجل ولم تنبس شفتاها بحرف
أستدارت وخرجت من البحر حتى وصلت قريبا مني فقالت :
أمواج البحر أقل غدرا من نفوس البشر
قلت لها هل أساعدكِ بشئ أو أرافقكِ لمكان
قالت لاتتعب نفسك معي فأنا أمرأة لست من هذا الزمان أمرأة بدون عنوان
أكملت مسيرها بعيدا عني وشفتاها تتمتمان أن وداعا ياشقيق العشق
وظل البحر محتفظا بسرها طي الكتمان
منقول