وداعا عيدي ،يا أفراحي حتى أنت أحلامي....
تَمتمت بهذه الكلمات التي لم تتجاوز حُدود حلقها خوفا أنْ تَطْرُق طبلة أُذن مُتَطَفّلة.
أغلقت الباب بحذر حتى لا يُحدث ضجيجا قَدْ يُوقظ أوجاعا لَمْ تََخمد بعد ، بابًا حتى الأمسالقريب كانت تهتزّ دواخله بصدى فرحها حين ترتمي بحضن أمها ؛ و قلب أب راض عنها تنحني لتقبيل يده بامتنان ، وأخ يكبرها و يشاكسها في فناء بيتهم فتنتشر ضحكاتهم أرجاءه.حتى الباب تعمد أن يكون وداعه لها باردا وساكنا كباقي ما خلفتهم هنا.جَرّت حقيبتها بتثاقل كأنها تجر خَيْبَتَها و مُصابها الصاعق الذي سحقها كبُرعم داستْه الأقدام قبل أن يغتظ عوده و يحضن السماء.قلوب قاسية مثل الجلمود ،أي شيطان رجيم أنزل لعنته عليها فاستباح قتل طفلة فيها .سلمى جميلة الحي وفرحة أهلها؛هاجمها هاجس المراهقة فأوقد لهيب الحب في قلبها الفتي فأحرق كل صفحات حياتها لتصير رمادا نثرته الرياح وسط الشوك صعب عليها لمه .منعها خجلها المفرط وحياءها من الجنس الاخر أن تجد حبا حقيقا في واقع مخيف ، فعرفتها صديقاتها على الحب في الشبكة العنكبوتية .يومها أهداها -الفايس بوك - شابا وسيما حسب ما لمحته في صورته أعلى الصفحة ،.هدية من السماء في عيد ميلادها الذي أطفأت شماعاته السبع عشرة فعاهدت نفسها بالوفاء فكان الحبيب الأول والحب كله .فتحت باب قلبها على مصراعيه وترتع ومرح الحب في أرجاءه ، أسرها لحد الجنون بوقع كلمات الغزل على مراهقة اشد من وقع النبيذ الغالي عند أول رشفة.سحر وشعر وسهر ألهب خيالها فأشعل مشاعرها ليوقظ فيها جنون انثى عاشقة حتى الثمالة ،حلقت بها الكلمات التي بعثها الحبيب بطقطقة الكيبورد بعيدا عن الواقع لتبني لنفسها عالما النقاء فوق سحابة بيضاء .أغرمت بكلمات بلاده البعيدة فتعلمتها وسعدت فحفظت أغاني لهجته لتزيدها تعلقا به. ما يعكر صفوة حبها أنه من المشرق البعيد فمتى يكتب اللقاء للأجساد.تجدد الأمل بوعده أن الصيف القادم سيكون فارسها وسيكون قرانهما معه ، وسيحمل صورهما التذكارية في حفلهم الاسطوري لينثرها في برزخ الحب الخالد وتدخل قفصه الذهبي ليحتفل معها بالحب الابدي. تخدر العقل وسلم القلب ليتراقص مع الحب عبر شاشة باردة وخانة دردشة في صفحة قاتمة.فاستسلمت لكل اهواءه ليرميها بتعاويذ شيطانيه ،تخلع عنها ثوب الطهارة و العفيف الذي يحجب تفاصيل الجسم الفتي الناصع البياض ،فارتعدت السماء لبراعة صانع نحث تضاريسه المميزة بدقة متناهية .فتكسر القيد لتترامى أطراف ستارة نافذتها لتستر عذراء طاهرة استباح الشيطان روحها وجسدها وتحجبها عن ثقب العين السحرية اللعينة .عل الاميرة تستفيق من غفلتها قبل أن تبلع تفاحة الحب المميتة بخفة جدد طقطقاته ليرسل اشارته لتسدل شعرها ا الاسود الطويل ليعانقا نهديها في عرس ذئب ماكر .-غبية ساذجة .كدمية متحركة بخيوط مالك زمامها كانت معه ، لم تطلب سماع صوته او ترى وجهه ..طعم سهل وغنيمة وافرة....لتصعقها الصدمة وترميها بأهوال جحيم سعير ، ذاك الصباح الكئيب بوجهها البشوش توجهت الى دراستها ،لتجد زملاءها يتهامسون في مجموعات علهم يحضون مزيدا من المشاهد لذاك المباح المحظور في حضرة الكبار .تناقلت الايادي الصغيرة تلك اللقطات عبر رسائل الفون ونشرتها على صفحات-الفايس بوك -كأنها نار اشعلت في هشيم .لم تستوعب ما حصل سوى أنها ضحية لمكيدة نسجتها صديقةطفولتها التي لعبت معها لعبة العرائس في بهو بيتهم كما لعبتها صغيرتان لكن هذه المرة مزجتها وتعويذة شيطان سحقتها .كانت عذراءها الجميلة حتى الأمس ؛ لتصبح داعرة ساقطة فاسقة عاهرة حيث ما مرت وحلت في مدينتها ، لعنتها عمت لتحل بأهلها فمسهم من الغضب واللعان اكثر ما مسها .تنبهت لحقيبتها التي سقطت من يدها الراجفتين ، لتنحني وتحملها من جديد ،تعلقت عيناها بلافتة على شرفة بيتهم بخط عريض _منزل للبيع -.تابعت السير وأمها تسبقها بخطوات مكسورة تحترق بين ناريين ، فلذة كبدها و رجل رفيق عمر استسلم في أول محنة ويمين طلاق بذنب لم تقترفه سوى أنها سمحت لشيطان أن يقبع في بيتها وهي أمية حتى في حروف أبجدية.فكيف أن تفهم لعنة هذا الجهاز .سحقتهما لعنة الفايس بوك، فهل تنبعث من رماد كطير الرخ الاسطوري .
منقول ..