السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..في الحقيقة كانت هذه القصة مخصصة لمسابقة تحدي الأقلام، ولكنني ارتأيت أنها لا ترقى لأن تكون في المسابقة، بل حتى أنها لا ترقى بأن توضع هنا، ولكنها محاولة بسيطة مني، رغم أن الفكرة قد خانتني في كتابتها..
استند على كرسي مكتبه يستمع لأغنية لجون دانفر، وذكريات الماضي تعانق روحه المغتربة، التي كانت تحن للقاء الوطنين. وطنه الأم، "وحبيبته" - موطن قلبه- ... ذهب إلى الثلاجة وجلب بضع قوارير من الجعة، وعاد يجلس على كرسيه.. فتح القارورة الأولى وجعل يدلق منها وكأنه يحاول إسكان نيرانه الملتهبة. نظر في الفضاء وأطلق تنهيدة حسرة وكمد. تراجع بمقعده للوارء قليلا ثم سحب درج المكتب وأخرج تبغا وولاعة، فلمح قلمه الذي أهدته إياه حبيبة قلبه فحمله. قلَّبه مهلة وهو يستحضر ذكرياتها.. لقد ذكره القلم بها وزاد من أجيج نيران الشوق في فؤاده، فلبث وهلة ثم أخرج ورقة من الدرج.. أغلق الدرج ثم استند على مكتبه، أشعل سيجارته.. ونفث أول خيط من الدخان في الفضاء، ثم حمل القلم وراح يحكي للورقة حكايا الحنين التي كانت تخالجه..." لست أدري من أين البداية.. أنا أستمع إلى أغنيتنا يا حبيبتي، وقد أرهقني سماعها بدونك، أعيش مرارة التحسر كل يوم بأرض الغربة.. أحن لك، أحن لكل شيء فيك... أحن لمداعبة شعرك الأشقر... أحن لأن .... أهمس في أذنيك عذب الكلام الذي تعشقينه، أحن لقهوتك الصباحية التي ألقاها بابتسامتك النجلاء التي تفيض قلبي فرحا وسرورا، وتجعلني أشعر أنني أسعد رجل في هذا الكون.. أجل أنا أعني ما أقوله.. فتواجدي في الغربة جعلني أدرك أنه لا يمكنني العيش بدونك، تماما كالأكسجين الذي أتنفسه، وأنا الآن أتخبط مثل سمكة انتشلت من الماء تحاول الرجوع إلى حيث تنتمي، كذاك أنا إليك أنتمي يا حبيبةُ فكيف العيش بدونك؟أعدك يا حبيبتي أنني سأعود فور انتهائي من هذا العمل اللعين، وسأسافر مع أول رحلة في الطائرة، ونعود معا إلى هنا حيث يمكننا العيش في هناء."حينما فرغ من كتابة الرسالة، وقع اسمه اسفلها، تمعنها بحزن، ثم طواها، وعنون على الظرف عنوان الوطن. انتشى بسيجارته ثم انسحب والكمد يقهر قلبه...تراه لماذا لم تَزُل عنه الحسرة رغم رسالة الأمل التي خطها؟ في الحقيقة لم تكن أول رسالة يبعث بها لحبيبته، فقد أعياه فعل ذلك، لكنه لم يَرِده رد على أي رسالة منذ وطئت قدماه أرض لندن. لقد جن تماما وصار معتوها ينتظر جوابا من شخص صار غير موجود... لقد تركته بلا رحمة.
منقول ..