أُقلّب قنوات التلفاز بحذر، لا أريد أن يقع بصري على قناة أخبار ، أتحاشاها أهرب منها ، و لا أدري لمَ ؟؟ خاصة و أن الجميع يتكالب عليها هذه الأيام ...
أقصد قنوات محلية بحثًا عن المتعة والضحك ! لا أجد شيئا ، فأزور قناة إخبارية على مضض ...
" كانت الفوضى تدوّي ، أيام تمر على قصف غزة ، غزة التي صرت أخجل من النظر في صور دمارها ،،، أحاول تمالك نفسي ،،،أتقوّى على الصواريخ المقذوفة هنا و هناك ...لتنزل دموعي عند ذاك المشهد :
أطفال فلسطينيون و سط الركام ، يلعبون ! و أي لعبة ؟؟ يبنون بيوتًا صغيرة من الحجارة المنثورة نتيجة هدم بيوتهم ! ، ينظرون للكاميرا بعيون سوداء بريئة ، لكنها أبدا لم تكن خائفة ! كان فيها شيء مختلف ...
مازلت أُصرّ بيني و بين نفسي أن لعبتهم تلك رسالة لكل العرب ،" سنبقى في بلادنا لآخر نفس و نعيد بناءها ، لكننا أبدا لن نجبن و نستكين لليهود مثلكم ! "
حاولت تغيير القناة هربًا من تلك المناظر لكني لم أستطع ، خاصة بعد اعلان المذيعة عن بث صور من مستشفى "شهداء الأقصى " ، جاءت الصور !
كان الدم منظرا عاديا ، كانت الأرجل المقطوعة أمرا بديهيا ، كان دوي المدافع سمفونية مألوفة ...لم أستطع تحمل أصوات النواح و البكاء ، ضعفتُ و شعرت بالخزي أكثر لما واجهتْ احدى النساء الكاميرا قائلة :
" حسبي الله و نعم الوكيل فيكم يا عرب ، أين الحكومات العربية ، انجدونا "!
تبادر لذهني أن المرأة تنادي على الحكام العرب ، ليس لينجدوها بل ليقتلوا ( فلسطين ) كما يقتتلون فيما بينهم ، بريئة جدا تلك المرأة لتعتقد أن حاكمًا عربيا " فاضي " لها و لبكائها ! ( لعن الله الثورات العربية )
أغيّر القناة ، قفزا على محطة اخبارية أخرى ، لأجد الحديث ساخنا جدا عن ( ليبيا ) : "مقاتلون من جهتين مختلفتين ، يرمون المطار بقذائف هاون و أر بي جي ، يحطمون طائرات بقيمة مليارات ،لتصبح رمادا في ثوان"
دبّتْ ضحكة كبيرة في بطني ، لكني كتمتها " خجلا " ، أردت الضحك لسبب مهم و هو أني عرفتُ أخيرا مدى غباء أولئك المتقاتلين فيما بينهم ، أ لم يكن يجدر بهم اقتسام الطائرات فيما بينهم ،
كل واحد بطائرة ليعيش مليونيرا سعيدا لما تبقى من عمره، و يبتعد عن الفوضى، الفكرة لا تحتاج ذكاءًا كبيرا !
ثم لم أفهم لماذا كانوا يقتتلون فيما بينهم !!! كانت صورهم و هم يرمون القذائف على بعض تبين مدى سرورهم و فرحهم و كأنهم في عرس !
أخيرا ضحكتْ ، لم أستطع كتمها أكثر لأنهم بحق أغبياء ...
خبر عاجل آخر بعدها " مقاتلو تنظيم " داعش " النّاعش ، الناعس ، البائس ، الدّاخِس ... يهاجمون الجيش الحر في سوريا ! ماالذي أخذ ذاك التنظيم و خليفته هناك ؟؟ أتذكر بسخرية كبيرة، ما قرأتُه عن
ذاك "الخليفة الأمير " حينما كان يضع ساعة بماركة " رولكس " السويسرية الثمينة ( أعتقد هذا اسمها ) مع ملابسه التقليدية التي تشبه ملابس الخلفاء ( على حسب تفكيره ) !
قال لهم : " لن نقاتل اليهود في فلسطين لأن القرآن لم يأمرنا بذلك بل أمرنا بمقاتلة المنافقين " ...مهرّج و ربي ، داعشي مهرج !
لن أتحدث عن " مصر و تونس و اليمن "! ؛؛؛؛ ستعرف المرأة الآن أين الحكّام العرب و مقاتلوهم !
لا يتعجّب أحد أبدا ان سمع يوما بميلاد تنظيم مقاتل جديد اسمه " كمشة " لأني سأكون قائدته ! و سأضع له صورة جذابة " كمشة أو قبضة يد قوية " كشعار رسمي ، ستكون قبضة رجالية أكيد ...!
لا تحاسبوا أحدا ان رأيتموه يقتل أهله و جيرانه و عشيرته ، من دون سبب ؛؛؛ إنها موضة !
و مع اقتراب عيد الفطر السعيد ، احذروا " كلاشينكوفات " الأطفال " و مسدساتهم الصغيرة " قد تطلق عليكم رصاصًا حيا !
عذرًا غزة ، عذرًا .....لا أملك لكِ سوى الدعاء .