راحَ القطينُ بهَجْرٍ بَعدَما ابتَكَرُوا |
فَما تُواصِلُهُ سلمَى ومَا تذَرُ |
مَنْأى الفَرُورِ فَما يأتي المُريدَ ومَا |
يَسلُو الصدودَ إذا ما كانَ يقتدرُ |
كأنَّ أظْعانَهُمْ في الصُّبْحِ غادِيَة ً |
طَلحُ السَّلائلِ وَسطَ الرَّوْضِ أوْ عُشَرُ |
أو باردُ الصَّيفِ مسجورٌ، مزارعُهُ |
سُودُ الذوائِبِ مما متعتْ هَجرُ |
جَعلٌ قصارٌ وعيدانٌ ينوءُ بِهِ |
منَ الكوافِرِ مكمومٌ ومهتصرُ |
يَشربَنَ رفْهاً عِراكاً غيرَ صادِرَة ٍ |
فكُلُّها كارِعٌ في الماء مُغْتَمِرُ |
بينَ الصفَّا وخليجِ العَينِ ساكنة ٌ |
غُلْبٌ سواجدُ لم يدخُلْ بها الحَصَرُ |
وَفي الحُدوجِ عَرُوبٌ غَيرُ فاحِشَة ٍ |
رَيّا الرَّوادِفِ يَعشَى دُونَها البَصَرُ |
كأنَّ فاها إذا ما الليلُ ألْبَسهَا |
سَيابَة ٌ ما بِها عَيْبٌ ولا أثَرُ |
قالتْ غداة َ انتَجَيْنا عندَ جارَتها: |
أنتَ الذي كنتَ، لوْلا الشّيبُ وَالكِبرُ |
فقلت: ليسَ بَياضُ الرَّأسِ من كِبرٍ |
لوْ تَعلمينَ، وعندَ العالِمِ الخَبرُ |
لوْ كانَ غيري، سليمى ، اليومَ غيرهُ |
وقعُ الحوادِثِ، إلى الصارمُ الذَّكرُ |
ما يمنعُ الليلُ مِنّي ما هَممْتُ بِهِ |
وَلا أحارُ إذا ما اعتادَني السَّفَرُ |
إنَي أُقاسي خُطوباً ما يَقُومُ لَهَا |
إلاَّ الكِرامُ على أمْثالِها الصُّبُرُ |
مِن فَقدِ مولى ً تَصُورُ الحيَّ جَفنَتُهُ |
أوْ رُزْء مالٍ، ورُزْءُ المالِ يُجْتَبَرُ |
والنِّيبُ، إنْ تَعْرُ مِنّي رمَّة ً خَلَقاً |
بَعْدَ المَمَاتِ، فإنّي كنت أثَّئِرُ |
وَلا أضِنُّ بمَعروفِ السَّنَامِ إذا |
كانَ القُتارُ كَما يُستروَحُ القُطُرُ |
ولا أقولُ إذا ما أزْمَة ٌ أزَمَتْ |
يا وَيْحَ نفسيَ ممّا أحدَثَ القدَرُ |
وَلا أضِلُّ بأصْحابٍ هَدَيْتُهُمُ |
إذا المُعَبَّدُ في الظّلْماء يَنتَشِرُ |
وأُرْبِحُ التَّجْرَ إن عَزَّتْ فِضالُهُمُ |
حتى يعودَ، سليمى ، حولهُ نفرُ |
غَرْبُ المَصَبَّة ِ مَحْمُودٌ مَصَارِعُهُ |
لاهي النهارِ لسيرِ الليلِ محتقرُ |
يروي قوامحَ قبلَ الليلِ صادقة ً |
أشبَاهَ جِنٍّ عَلَيها الرَّيْطُ والأُزُرُ |
إنْ يُتْلِفوا يُخلِفوا في كلِّ مَنْقَصًة ٍ |
ما أتلفوا، لابتغاء الحمدِ، أوْ عَقَرُوا |
نُعطي حُقوقاً على الأحسابِ ضامِنة ً |
حَتّى يُنَوِّرَ في قُرْيانِهِ الزَّهَرُ |
وأقطَعُ الخَرْقَ قد بادَتْ مَعَالِمُهُ |
فمَا يُحسُّ بهِ عينٌ ولا أثَرُ |
بِجَسْرَة ٍ تَنْجُلُ الظُّرَّانَ ناجِيَة َ |
إذا توقَّدَ في الدَّيمومة ِ الظُّرَرُ |
كأنّهَا بَعْدَما أفْنَيْتُ جُبْلتها |
خَنْساءُ مَسْبُوعَة ٌ قَد فاتَها بَقَرُ |
تَنْجُو نَجَاءَ ظَلِيمِ الجَوِّ أفْزَعَهُ |
ريحُ الشَّمَالِ وشَفّانٌ لها دِرَرُ |
باتَت إلى دَفِّ أرْطاة ٍ تحفِّرهُ |
في نَفْسها من حَبيبٍ فاقِدٍ ذكرُ |
إذا اطمَأنَّتْ قليلاً بَعدَما حَفَرَتْ |
لا تطمئنُّ إلى أرطاتِها الحفَرُ |
تبني بيوتاً على قَفْرٍ يهدِّمُها |
جَعْدُ الثّرَى مُصْعَبٌ في دَفّه زَوَرُ |
لَيْلَتَها كُلَّها حتى إذا حَسَرَتْ |
عَنها النّجومُ، وكادَ الصُّبحُ يَنسَفِرُ |
غَدَتْ على عَجَلٍ، والنّفسُ خائفَة ٌ |
وآيَة ٌ مِنْ غُدُوٍّ الخائِفِ البُكَرُ |
لاقَتْ أخَا قَنَصٍ يَسْعَى بأكْلُبِهِ |
شَئْنَ البَنانِ لدَيْهِ أكلُبٌ جُسُرُ |
وَلَّتْ فَأدْرَكَها أُولَى سَوَابِقِها |
فأقْبَلَتْ ما بِها رَوْعٌ وَلا بَهَرُ |
فقاتَلَتْ في ظِلالِ الرَّوْعِ واعتكَرَتْ |
إنَّ المُحاميَ بَعدَ الرَّوْعِ يَعْتَكِرُ
|