غَشِيتُ دِياراً بالبَقيعِ فثَهْمَدِ |
دوارسَ، قد أقوينَ من أمِّ معبدِ |
أربتْ بها الأرواحُ، كلَّ عشية ٍ |
فلم يبقَ إلاّ آلُ خيمٍ، منضدِ |
وغَيرُ ثَلاثٍ كالحَمَامِ خَوَالِدٍ |
وهابٍ محيلٍ، هامدٍ، متلبدِ |
فلمّا رأيتُ أنها لا تجيبني |
نهضتُ إلى وجناءَ كالفحلِ جلعدِ |
جُمالِيّة ٍ لمْ يُبْقِ سَيري ورِحْلَتي |
على ظَهرِها مِنْ نَيّها غيرَ مَحْفِدِ |
مَتى ما تُكَلّفْها مَآبَة َ مَنْهَلٍ |
فتستعفَ، أو تنهكْ إليهِ، فتجهدِ |
تردهُ، ولمّا يخرجِ السوطُ شأوها |
مروحٌ، جنوحُ الليلِ، ناجية ُ الغدِ |
كهمكَ، إن تجهدْ تجدْها نجيحة ً |
صبوراً، وإنْ تسترخِ عنها تزيدِ |
وتنضحُ ذفراها، بجونٍ، كأنّهُ |
عَصِيمُ كُحَيلٍ في المراجلِ مُعقَدِ |
وَتُلْوي برَيّانِ العَسِيبِ تُمِرّهُ |
على فَرْجِ مَحرُومِ الشّرابِ مُجدَّدِ |
تُبادِرُ أغْوَالَ العَشِيّ وتَتّقي |
عُلالَة َ مَلويٍّ منَ القِدّ مُحصَدِ |
كخنساءَ، سعفاءِ الملاطمِ، حرة ٍ |
مسافرة ٍ، مزؤودة ٍ، أمِّ فرقدِ |
غَدَتْ بِسِلاحٍ مِثْلُهُ يُتّقَى بهِ، |
وَيُؤمِنُ جأشَ الخائِفِ المُتَوَحِّدِ |
وسامِعَتَينِ تَعرِفُ العِتْقَ فيهِمَا |
إلى جَذرِ مَدلوكِ الكُعوبِ مُحَدَّدِ |
وناظرتينِ، تطحرانِ قذاهما |
كأنّهُما مَكْحُولَتانِ بإثْمِدِ |
طَبَاها ضَحاءٌ أوْ خَلاءٌ فخالَفَتْ |
إلَيْهِ السّباعُ في كِناسٍ ومَرْقَدِ |
أضَاعَتْ فلَمْ تُغْفَرْ لها خَلَواتُهَا، |
فَلاقَتْ بَياناً عندَ آخِرِ مَعهَدِ |
دماً، عندَ شلوٍ، تحجلُ الطيرُ حولهُ |
وبضعَ لحامٍ، في إهابٍ، مقددِ |
فجالتْ على وحشيها، وكأنها |
مسربلة ٌ، في رازقيٍّ، معضدِ |
وتَنفُضُ عَنها غَيبَ كُلّ خَميلَة ٍ، |
وتخشى رماة َ الغوثِ، من كلِّ مرصدِ |
ولم تدرِ وشكَ البينِ، حتّى رأتهمُ |
وقَدْ قَعَدُوا أنْفاقَها كُلَّ مَقعَدِ |
وثاروا بها من جانبيها كليهما |
وجالتْ، وَإنْ يُجشِمْنها الشدّ تجهدِ |
تبذُّ الألَى يأتينها، من ورائها |
وَإنْ يَتَقَدّمْها السّوابقُ تَصْطَدِ |
فأنقذها، من غمرة ِ الموتِ، أنها |
رأتْ أنها إنْ تنظرِ النبلَ تقصدِ |
نجاءٌ، مجدٌّ، ليسَ فيهِ وتيرة ٌ |
وتذبيبها عنها، بأسحمَ، مذودِ |
وجدتْ، فألقتْ بينهنَّ، وبينها |
غباراً، كما فارتْ دواخنُ غرقدِ |
بمُلْتَئِماتٍ كالخَذارِيفِ قُوبِلَتْ |
إلى جَوْشَنٍ خاظي الطّريقَة ِ مُسنَدِ |
إلى هَرِمٍ تَهْجِيرُها وَوَسِيجُها |
تروحُ من ليلِ التمامِ وتغتدي |
إلى هَرِمٍ سارَتْ ثَلاثاً منَ اللّوَى ، |
فَنِعْمَ مَسيرُ الوَاثِقِ المُتَعَمِّدِ |
سَوَاءٌ عَلَيْهِ أيَّ حينٍ أتَيْنَهُ، |
أساعة نحسٍ تتقى أم بأسعدِ؟ |
ألَيسَ بِضرّابِ الكُماة ِ بسَيفِهِ |
وفَكّاكِ أغْلالِ الأسِيرِ المُقَيَّدِ |
كلَيْثٍ أبي شِبْلَينِ يَحمي عَرينَهُ، |
إذا هو لاقى نجدة ً لم يعردِ |
ومدرهُ حربٍ، حميها يتقى بهِ |
شَديدُ الرِّجامِ باللّسَانِ وباليَدِ |
وثقلٌ على الأعداءِ، لا يضعونهُ |
وحمالُ أثقالٍ، ومأوى المطردِ |
ألَيسَ بفَيّاضٍ يَداهُ غَمَامَة ً، |
ثِمَالِ اليَتَامَى في السّنينَ مُحمّدِ |
إذا ابتدرتْ قيسُ بنُ عيلانَ غاية ً |
منَ المجدِ مَن يَسبِقْ إليها يُسوَّدِ |
سَبَقْتَ إلَيها كُلّ طَلْقٍ مُبَرِّزٍ |
سَبُوقٍ إلى الغاياتِ غَيرِ مُجَلَّدِ |
كفِعْلِ جَوادٍ يَسبُقُ الخَيلَ عَفوُهُ |
ـسراعَ وإن يجهدنَ يجهدْ ويبعدِ |
تقيٌّ، نقيٌّ، لم يكثرْ غنيمة ً |
بنكهة ِ ذي قربَى ، ولا بحقلدِ |
سوى ربعٍ، لم يأتِ فيها مخانة ً |
وَلا رَهَقاً مِن عائِذٍ مُتَهَوِّدِ |
يطيبُ لهُ، أو افتراصٍ بسيفهِ |
على دَهَشٍ في عارِضٍ مُتَوَقِّدِ |
فلو كانَ حمدٌ يخلدُ الناسَ لم يمتْ |
ولكنَّ حمدَ الناسِ ليسَ بمخلدِ |
ولكنّ منه باقيات وراثة |
فأورثْ بينكَ بعضها، وتزودِ |
تَزَوّدْ إلى يَوْمِ المَمَاتِ فإنّهُ، |
ولو كرهتهُ النفسُ، آخرُ موعدِ |