صَحا القلبُ عن سلمى وقد كاد لا يسلو |
وَأقْفَرَ من سَلمى التّعانيقُ فالثّقْلُ |
وقد كنتُ مِن سَلمَى سِنينَ ثَمانياً |
على صيرِ أمرٍ ما يمرُّ، وما يحلُو |
وكنتُ إذا ما جئتُ، يوماً لحاجة ٍ |
مضَتْ وأجَمّتْ حاجة ُ الغدِ ما تخلو |
وكلُّ محبٍّ أعقبَ النأيُ لبهُ |
سلوَّ فؤادٍ، غير لبكَ ما يسلُو |
تَأوّبَي ذِكْرُ الأحِبّة ِ بَعدَما |
هَجعتُ ودوني قُلّة ُ الحَزْن فالرّمْلُ |
فأقسمتُ جهداً بالمنازلِ من منى ً |
وما سحفتْ فيهِ المقاديمُ، والقملُ |
لأرْتَحِلَنْ بالفَجْرِ ثمّ لأدأبَنْ |
إلى اللَّيْلِ إلاّ أنْ يُعْرّجَني طِفْلُ |
إلى مَعشَرٍ لم يُورِثِ اللّؤمَ جَدُّهُمْ |
أصاغرهُم، وكلُّ فحلٍ لهُ نجلُ |
تربصْ، فإنْ تقوِ المروراة ُ منهمُ |
وداراتُها لا تُقْوِ مِنْهُمْ إذاً نخْلُ |
وما يَكُ مِنْ خَيرٍ أتَوْهُ فإنّمَا |
وجِزْعَ الحِسا منهُمْ إذا قَلّ ما يخلو |
بلادٌ بها نادَمْتُهُمْ وألِفْتُهُمْ، |
فإنْ تُقْوِيَا مِنْهُمْ فإنّهُما بَسْلُ |
إذا فزعوا طاروا، إلى مستغيثهم، |
طوالَ الرماحِ، لا قصارٌ، لا عزلُ |
بخيلٍ، عليها جنة ٌ، عبقرية ٌ |
جَديرونَ يَوْماً أن يَنالُوا فيَستَعلُوا |
وإنْ يُقْتَلُوا فيُشْتَفَى بدِمائِهِمْ |
وكانُوا قَديماً مِنْ مَنَاياهُمُ القَتلُ |
عَلَيها أُسُودٌ ضارِياتٌ لَبُوسُهُمْ |
سوابغُ بيضٌ، لا يخرقُها النبلُ |
إذا لَقِحَتْ حَرْبٌ عَوَانٌ مُضِرّة ٌ |
ضروسٌ تهرُّ الناسَ أنيابها عصلُ |
قُضاعِيّة ٌ أوْ أُخْتُها مُضَرِيّة ٌ |
يحرقُ في حافاتها الحطبُ الجزلُ |
تَجِدْهُمْ على ما خَيّلَتْ همْ إزاءها |
وَإنْ أفسَدَ المالَ الجماعاتُ والأزْلُ |
يحشونها، بالمشرفية ِ، والقنا |
وَفِتيانِ صِدْقٍ لا ضِعافٌ ولا نُكلُ |
تِهامونَ نَجْدِيّونَ كَيْداً ونُجعَة ً |
لكُلّ أُناسٍ مِنْ وَقائِعهمْ سَجْلُ |
هُمُ ضَرَبُوا عَن فَرْجِها بكَتيبَة ٍ |
كبيضاءِ حرسٍ، في طوائفها الرجلُ |
مَتى يَشتَجرْ قوْمٌ تقُلْ سرَواتُهُمْ: |
هُمُ بَيْنَنا فهُمْ رِضًى وَهُمُ عدْلُ |
همُ جددوا أحكامَ كلِّ مضلة ٍ |
منَ العُقْمِ لا يُلْفى لأمثالِها فَصْلُ |
بعزمة ِ مأمورٍ، مطيعٍ، وآمرٍ |
مطاعٍ فلا يلفَى لحزمهمُ مثلُ |
ولستُ بلاقٍ، بالحجازِ، مجاوراً |
ولا سفراً إلاَّ لهُ منهمُ حبلُ |
بلادٌ بهَا عَزّوا مَعَدّاً وغَيْرَهَا، |
مَشارِبُها عذْبٌ وأعلامُها ثَمْلُ |
وهم خير حيٍّ، من معدٍّ، علمتهمْ |
لهم نائلٌ في قومهم ولهم فضلُ |
فَرِحْتُ بما خُبّرْتُ عن سيّدَيكُمُ |
وكانا امرأينِ كلُّ شأنهما يعلو |
رأى اللهُ، بالإحسانِ، ما فعلا بكمُ |
فأبْلاهُما خَيرَ البَلاءِ الذي يَبْلُو |
تَدارَكْتُما الأحلافَ قد ثُلّ عَرْشُها |
وذبيانَ قد زلت بأقدامها النعلُ |
فأصْبَحتُما منهَا على خَيرِ مَوْطِنٍ |
سَبيلُكُما فيهِ، وإن أحزَنوا، سَهلُ |
إذا السنة ُ الشهباءُ بالناس أجحفتْ |
رأيتُ ذوي الحاجاتِ، حولَ بيوتهم |
قطيناً لهم حتّى إذا أنبتَ البقلُ |
هنالكَ إنْ يستخبلوا المالَ يخبلوا |
وإنْ يسألوا يعطوا، وإنْ ييسروا يغلوا |
وفيهمْ مقاماتٌ، حسانٌ وجوهها |
وأندية ٌ، ينتابها القولُ، والفعلُ |
وإنْ جئتهم ألفيتَ حولَ بيوتهم، |
مجَالسَ قد يُشفَى بأحلامِها الجَهلُ |
وإنْ قامَ فيهِمْ حامِلٌ قال قاعِدٌ: |
رَشَدْتَ فلا غُرْمٌ عليكَ وَلا خَذْلُ |
على مكثريهم حقُّ من يعتريهمُ |
وعندَ المقلينَ السماحة ُ، والبذلُ |
سعى بعدهم قومٌ، لكي يدركوهمُ |
فلَمْ يَفعَلُوا ولم يُليموا ولم يألُوا |
فما كانَ، من خيرٍ، أتوه فإنَّما |
تَوَارَثَهُمْ آبَاءُ آبَائِهِمْ قَبْلُ |
هل ينبتُ الخطيَّ إلاَّ وشيجهُ |
وتُغرَسُ، إلاّ في مَنابِتِها، النّخْلُ |