ذَهَبَ سامحٌ لزيارةِ جَارِهِ كريمٍ وقضاءِ بعضِ الوقتِ بصُحْبَتِهِ، وما إنْ دخل سامحٌ حُجْرَةَ كريمٍ حَتَّى شَعَرَ بالدَّهشةِ الشَّديدةِ، فقدْ كانتِ الحجرةُ تكتظُّ بعشراتِ اللُّعَبِ المختلفةِ.
ظَلَّ سامحٌ يلعبُ مع كريمٍ ولكنَّ عقلَه كان منشغلاً بالتَّفكيرِ في هذه اللُّعَبِ الكثيرةِ الَّتي تأخذُ حَيِّزًا كبيرًا من حجرةِ صديقِه، هل لديهِ الوقتُ كَيْ يلعبَ بكُلِّ هذهِ الألعابِ؟
حَاوَلَ سامحٌ أنْ يتجاهلَ الأمرَ ولكنَّهُ لم يستطعْ، ولذا سَأَلَ صديقَه عن سببِ وجودِ كُلِّ هذه اللعبِ في الحجرة، أخبرَهُ كريمٌ أنَّ مِنْ عادتِه أنْ يَحتفظَ بكُلِّ اللعبِ الَّتي يشتريها مُنْذُ صِغَرِهِ، وعلى مدارِ الأعوامِ تجمَّعتْ لديه هذه الثَّروةُ من اللُّعَبِ.
أخذ سامح يتأمَّل رُكْنَ الحجرةِ وفي رأسِه تدور فكرةٌ مَا، وبعدَ تفكيرٍ عميق قرَّر أنْ يطرحَ سؤالاً عَلَى صديقِه كريمٍ: كريمُ.. هل أنتَ في حاجةٍ لكلِّ هذه اللُّعَبِ؟
أجابه كريمٌ على الفور: كَلَّا بالتأكيدِ.. فهي تملأُ الحجرةَ وتجعل منظرَها غيرَ جَيِّدٍ.. ولكنْ أينَ أذهبُ بِهَا.. أنا مُضْطَرٌّ أنْ أتركَها.
لمعتْ عينا سامحٍ وقد نضجتِ الفكرةُ في ذهنِه وهو يقولُ: ما رأيك أن تكسبَ جبلاً من الحسناتِ ببعضٍ من هذه اللعبِ القديمةِ الَّتي أنتَ في غِنًى عنها؟
سأله كريمٌ في لهفةٍ: كيف؟.. أخبرني ولكَ الثَّوابُ والأجرُ.
اعتدل سامحٌ في جِلْسَتِهِ وبدأ طَرْحَ فكرتِه عَلَى صديقِه، أخبره أنَّ دارًا للأيتامِ تقبل مثلَ هذا النَّوْعِ من التَّبَرُّعاَتِ، وأنَّهُ من الْمُمْكِنِ أنْ يُهْدِيَ لهم بعضَ هذه اللعبِ الَّتي لا يحتاجُ إليها فيُدْخِلَ البهجةَ والسُّرورَ عَلَى قلوبِ الأطفالِ اليتامَى.
أعجبتِ الفكرةُ كريم وقرَّر على الفورِ تنفيذَها، وبالفعل أحضر كرتونةً كبيرةً وقامَ بوضعِ عشراتِ اللعبِ دَاخِلَها ليذهبَ مع نَسَمَاتِ الصَّباحِ كَيْ يُسْعِدَ أطفالاً يحتاجون مَنْ يتذكَّرُهم ولو بِمُجَرَّدِ لُعْبَةٍ.