يتميز المجتمع العراقي بتعدد أطيافه وقومياته وقبائله،ولذلك تتباين وتتنوع عاداته وتقاليده تبعاً لذلك التعدد.
إن التطور الحضاري المرافق لمسيرة الحياة ناتج من تحرر المجتمعات من قيود التقاليد والعادات القبائلية ،والطغيان عليها وانبثاق شيء جديد منها يكون أكثر انفتاحاً وملائمة للحياة الحضارية العصرية ومع التقدم المستمر ومواكبة الازدهار الحضاري تحول ولاء الفرد من الولاء للقبيلة (العشيرة) إلى الولاء للدولة والوطن وبذلك ازدهرت المجتمعات التي شهدت ذلك التحول وسادت فيها عوامل التماسك والألفة الاجتماعية التي هيأت لها التطور السريع .
والمجتمع العراقي كباقي تلك المجتمعات واكب ذلك التطور ولكن بصورة مختلفة ، إذ لم يتجرد الفرد من عاداته وتقاليده القبلية وإنما ظل متمسكاً بها وأضاف عليها مكتسبات الثقافة الحضارية الجديدة مضافاً لبقائه متمسكاً بالولاء للقبيلة بينما يكون الولاء وتطبيق أوامر السلطة المسيرة للدولة والوطن رمزي ، كما أن الفرد في المجتمع العراقي يهتم بالمصلحة الذاتية الفردية ومن ثم القبائلية على مصلحة المجتمع العامة والتي هي أساس للمجتمع المتحضر الحديث ، وهذه إحدى الأسباب الأخطر على المجتمع لأنها السبب الرئيس لوجود الطبقة الفقيرة وما دونها والتي يعاني منها المجتمع العراقي اليوم.
والآن يمكن القول : إن تقاليد الثقافة القبائلية وتقاليد الحياة الحضارية لا يمكن إن تجتمعان في كفة واحدة ،
وكان نتيجة اجتماعهما في الفرد العراقي وممارستهما في آن واحد تهيئة للعوامل المناسبة لجرثومة التفكك والانقسام والخلاف في الرأي الذي يعاني منه المجتمع العراقي اليوم، ولم يبقَ سوى الغزو المتبادل بين القبائل العراقية الذي بات على الأبواب ولكن بصورة حضارية .