رافق منتخب العراق نظيره الأردني للدور الحاسم للتصفيات الآسيوية المؤهلة لنهائيات كأس العالم المقررة في البرازيل 2014، ليتأهل منتخبين عربيين عن المجموعة الأولى وهو انجاز يسجل لكرة القدم العربية في الوقت الذي فقدت فيه الصين وسنغافورة آمال المنافسة رسمياً.

المواجهة التي انتهت اليوم الثلاثاء، بفوز العراق على الأردن (3-1) تستحق القراءة نظراً لأهميتها وما حفلت به من مشاهد الإثارة، حيث أنهى منتخب (النشامى) الشوط الأول متقدما بهدف حسن عبد الفتاح بالدقيقة (16)، لكن (أسود الرافدين) رفضوا الترويض في الشوط الثاني وردوا الصاع بثلاث عبر نشات أكرم (هدفين) وقصي منير.

زيكو نجح في رد الإعتبار للكرة العراقية أمام شقيقتها الأردنية، وأثبت بما يدعو مجالا للشك بأنه مدرب كفؤ يتمتع بنظرة ثاقبة في قراءة المباريات، بعكس المدير الفني للمنتخب الأردني عدنان حمد الذي لم يكن موفقا البتة بقراءة مباراة اليوم ليتعرض لأولى الهزائم في مشواره التصفيات.

منتخب العراق أعلن عن أفضلية هجومية ملحوظة مع بداية المباراة وكان الأفضل انتشارا والأكثر استحواذا على الكرة فيما لم يأت عدنان حمد بجديد ولعب بأسلوبه الاعتيادي الذي بات مكشوفا لكافة المنتخبات.

وبعكس سير المجريات تماما، خطف منتخب الأردن هدف السبق عبر حسن عبد الفتاح عندما كشفت تمريرة أحمد هايل وهن الخط الدفاعي العراقي، فيما كان الحظ يدلي بلسانه لعامر ذيب عندما ارتطمت الكرة بالعارضة، ليغيب بعد ذلك المنتخب الأردني عن المباراة حيث عانى من بطء الايقاع في ألعابه الهجومية وبعد المساحات بين لاعبيه، فيما كان منتخب العراق يفرض السيطرة والنفوذ ويبحث عن التعديل لكنه لم ينجح في فك شيفرة الخط الخلفي لمنتخب الأردن ليخرج خاسرا مع نهاية الشوط الأول بهدف.

الشوط الثاني وهو شوط المدربين كما يقولون، وتفوق فيه زيكو على حمد، وتحديداً عندما دفع زيكو بسلاحه الفتاك كرار جاسم الذي ظهر واضحاً بأنه في طريقه أن يحدث الفارق ويقلب الموازين في حال لم يتدخل حمد لايقاف خطورته، لكن حمد لم يتنبه لخطورة كرار فعلا ليوقع نفسه بالمحظور، حيث كان كرار (يسرح ويمرح) من الجهة اليسرى كيفما يحلو له ومن إحدى غزوته كان يضع زميله نشأت أكرم في مواجهة شفيع ليسدد ويعلن هدف التعادل في الدقيقة (56).
وبعد الهدف كان يجب على حمد التدخل بعدما استفحلت خطورة كرار وظهر واضحاً عدم قدرة المدافع بني عطية على مجراته، لكن حمد أصر أن لا يحرك ساكناً ولم يستوعب أهمية سحب أو تبديل مركز بني عطية الذي يفتقر للخبرة الدولية بدليل أنه لم ينجح في ايقاف خطورة كرار التي (تكررت) أكثر من مرة لينجح بمفرده في صناعة أهداف العراق الثلاثة ويصيب كرار منتخب النشامى بالدوار.

وثمة نقطة تتعلق بعدم قيام حمد بإجراء تبديلات تحدث التغيير وتعزز خطورة منتخب النشامى، فهو قام بسحب عبدالله ذيب والدفع بعدي الصيفي ، وفي الوقت الذي اعتقدنا فيه أن حمد سيدفع بأحد المهاجمين محمود شلباية وحمزة الدردور ليلعب الى جانب هايل ، كان حمد يلجأ لتبديلات دفاعية رغم خسارته حيث زج بحاتم عقل مكان أنس بني ياسين، مما آثار استغراب المتابعين، ولا نعرف حقيقة لما اكتفى حمد بإجراء تبديلين رغم أن دكة البدلاء تعج باللاعبين الجيدين وتحديدا الذين يمتلكون النزعة الهجومية.

ومن المآخذ التي سجلت على حمد في هذه المباراة مبالغته الشديدة بالاحتفاظ بتشكيلته الرئيسية منذ بداية التصفيات وحتى الآن مما سهل على زيكو قراءة أوراق حمد بسهولة، حتى أن زيكو أعلن في المؤتمر الصحفي الذي سبق المباراة بيوم وحد بأنه سيجد الطريقة المناسبة لوضع حد لخطورة عبدالله ذيب وعامر ذيب وحسن عبد الفتاح ونجح في بلوغ مراده وكان الأولى على حمد احداث التغيير والتعديل على طريقة اداء منتخب الأردن وبالتالي يربك حسابات زيكو... نقول كل ذلك ونحن نبقى نحترك قدرات حمد الذي قاد الكرة الأردنية لأهم الانجازات لكن في هذه المباراة جانبه الصواب على ما يبدو.

بهذه النقاط المختصرة نستطيع أن نوجز أسباب خسارة منتخب الأردن ، فيما نجمل أسباب فوز العراق المستحق بإجادة زيكو لقراءة المباراة واستثماره للورقة الرابحة عبر (كرار جاسم) بعكس حمد الذي ظهر بأنه لا يمتلك أية ورقة رابحة، كما لا نغفل بأن دافع منتخب العراق لتحقيق الفوز كان يفوق دافع منتخب الأردن، فمنتخب العراق كان يتطلع لتحقيق الفوز لضمان التأهل أولا ومن ثم رد الاعتبار لخسارته أمام الأردن ذهابا (0-2) وثالثا تعزيز حظوظه في خطف الصدارة من منتخب الأردن.

عموماً، المباراة جاءت مثيرة وعكست المستوى المتطور للمنتخبين العربيين، والأهم من حسابات الفوز والخسارة هو تأهل المنتخبين العربيين الشقيقين الأردن والعراق للدور الحاسم.