الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده
عباد الله شهر رمضان قد انتصف فمن منكم حاسب نفسه فيه لله و انتصف من منكم قام في هذا الشهر بحقه الذي عرفمن منكم عزم قبل غلق أبواب الجنة أن يبني له فيها غرفا من فوقها غرفا ألا إن شهركم قد أخذ في النقص
فزيدوا أنتم في العمل فكأنكم به و قد انصرف فكل شهر فعسى أن يكون منه خلف و أما شهر رمضان فمن أين لكم منه خلف
تنصف الشهر و الهفاه و انهدما ** و اختص بالفوز بالجنات من خدما
و أصبح الغافل المسكين منكسرا ** مثلي فيا ويحه يا عظم ما حرم
من فاته الزرع في وقت البدار فما ** تراه يحصد إلا الهم و الندما
طوبى لمن كانت التقوى بضاعته ** في شهره و بحبل الله معتصما [1]
أيها الناس إن شهركم هذا قد انتصف فهل فيكم من قهر نفسه وانتصف وهل فيكم من قام فيه بما عرفوهل تشوقت هممكم إلى نيل الشرف أيها المحسن فيما مضى منه دم وأيها المسيء وبخ نفسك على التفريط
ولم إذا خسرت في هذا الشهر متى تربح وإذا لم تسافر فيه نحو الفوائد فمتى تبرح
كان قتادة يقول كان يقال من لم يغفر له في رمضان فلن يغفر له
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:ارتقى النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر درجة فقال :آمين ، ثم ارتقى الثانية فقال : آمين ، ثم ارتقى الثالثة فقال : آمين ثم استوى فجلس ، فقال أصحابه : على ما أمنت ؟
قال : أتاني جبريل فقال : رغم أنف امرئ ذكرت عنده فلم يصل عليك ، فقلت آمين ،
فقال : رغم أنف امرئ أدرك أبويه فلم يدخل الجنة ، فقلت : آمين ،
فقال : رغم أنف امرئ أدرك رمضان فلم يغفر له ، فقلت ، آمين [صححه الألباني بشواهده]
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أتاكم رمضان شهر مبارك ،فرض الله عز وجل عليكم صيامه ، تفتح فيه أبواب السماء ، وتغلق فيه أبواب الجحيم ،
وتغل فيه مردة الشياطين ، لله فيه ليلة خير من ألف شهر ، من حرم خيرها فقد حرم [صححه الألباني]
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل علي ،و رغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له ، ورغم أنف رجل أدرك عنده أبواه الكبر فلم يدخلاه الجنة [صححه الألباني]
إذا الروض أمسى مجدباً في ربيعه ** ففي أي حين يستنير ويخصب
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال الله : كل عمل ابن آدم له إلا الصيام ،فإنه لي وأنا أجزي به ، والصيام جنة ، وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب ،
فإن سابه أحد أو قاتله فليقل : إني امرؤ صائم . والذي نفس محمد بيده ، لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك .
للصائم فرحتان يفرحهما : إذا أفطر فرح ، وإذا لقي ربه فرح بصومه [صحيح البخاري]
عباد الله فرحة الْحِسِّ عند الإفطار تناول الطعام وفرحة الإيمان بالتوفيق لإتمام الصياميا هذا قدم دستور الحساب قبل الغروب فإن وجدت خللا فارقعه برقعة استغفار فإذا جاء السحر فاعقد عقد الزهد في الدنيا
عند نية الصوم وتجرع جرعة دمعة في إناء ركعة لعلك تطلع على خبايا خفايا ما أعد للصائمين من مستور
( فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون )[2]
والله أعلم
______________________________ ____________________________________________[1] الحافظ ابن رجب رحمه الله - لطائف المعارف - ترقيم الشاملة: (1/196)[2] الخطيب ابن الجوزي رحمه الله - التبصرة -ترقيم الشاملة: (2/72) / (2/73) بتصرف
الله اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه
يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك