كتب ـ أحمد عبدالحميد:


قالت الشيخة مي بنت محمد آل خليفة وزيرة الثقافة إنه لا عودة عن قرار منع الخمور عن فنادق الثلاث نجوم، مؤكدة أن القرار لم يغلق أي فندق، حيث اتاح لهم استخدام كل المرافق الأخرى ماعدا الخمور، مشددة على أنه لا خوف على الاستثمارات الفندقية كما يردد البعض. وأكدت في حوار خاص مع «أخبار الخليج» أنها لا تجامل أحدا، وحول تلويح أصحاب هذه الفنادق باللجوء إلى القضاء، قالت الوزيرة: ليذهبوا إلى القضاء إذا كانت لديهم الحجة أو المنطق، ونحن لا نحجر على حركة أحد.




(التفاصيل)


بخطى واثقة تسير وزيرة الثقافة الشيخة مي بنت محمد آل خليفة نحو وضع البحرين في المكانة الثقافية والسياحية التي تستحقها، حيث أكدت بنبرات صوتها الحاسمة خلال الحوار الخاص مع «أخبار الخليج» عدم تراجعها عن تحقيق الجودة والحفاظ على التراث، والوصول إلى سياحة نوعية تليق بالمملكة.
وكشفت عن أن يومي الأربعاء والخميس القادمين سيتم الإعلان فيهما عن مستقبل خريطة السياحة في المملكة، مشددة على عدم التراجع عن تطبيق قرار منع الخمور في فنادق الثلاث نجوم، من أجل الحفاظ على سمعة البحرين، التي تمتلك المقومات السياحية والثقافية، ولفتت إلى أنه لا خوف على مستقبل الاستثمارات الفندقية التي ستأتي إلى المملكة خلال الفترة المقبلة.
- ما هي آخر المستجدات التي أقدمت عليها وزارة الثقافة لدعم قطاعي الثقافة والسياحة؟
نحن عقدنا لقاءات عديدة سواء مع غرفة التجارة والصناعة أو مع أصحاب فنادق الأربع والخمس نجوم لشرح استراتيجية الوزارة المستقبلية، خاصة أن لدينا رؤية واستراتيجية للارتقاء بالسياحة، والوصول إلى المستوى الرفيع الذي نتطلع إلى تحقيقه خلال الفترة المقبلة بما يليق بالبحرين التي اشتهرت بالرقي والجمال والذوق، لذلك نحرص على أن تكون سمعة المملكة دائما كما عهدناها راقية وتقدم الأفضل.
ولدينا أنشطة ثقافية، ومرافق ذات مستوى الأربع والخمس نجوم، نتمنى أن تكون في الأطر التي ترقى بمستوى السياحة في البحرين، ويخرج عن هذا التجاوز الذي يقدم عليه البعض.
اذا أخذنا في الاعتبار مسمى منشأة فندقية، ونجد أن المردود من إشغالها كفنادق هو النسبة الضئيلة، والباقي يأتي من مرافق أخرى غير المطاعم فلا يجوز هذا، لأننا نهدف للارتقاء بالسياحة.
- لكن الارتقاء بالسياحة يتطلب وضع معايير واضحة للعمل في هذا القطاع الحيوي، ما هذه المعايير، وكيفية تطبيقها؟
بالتأكيد من المهم وضع هذه المعايير، ويوم الأربعاء القادم هناك شركة متخصصة في ضبط وتقييم المعايير التي يطبقها المشتغلون في القطاع الفندقي، والتي يجب أن يكونوا على علم بها، ومع الأسف ليس الجميع على المواصفات اللازمة لذلك القطاع الحيوي.
-هل هي معايير جديدة تختلف عما كان مطبقا في السابق؟
لم يكن هناك معايير متوفرة، ولذا البعض قد يسأل لماذا تم الترخيص إذن؟ إلا أننا نؤكد أن الترخيص جاء مع اشتراط الارتقاء بالمعايير ولكنه لا يتم، ونحن رخصنا المنشأة وانتظرنا أن يتم التطوير والارتقاء ولكن لم يتم هذا التطوير.
- الأمر إذن يحتاج إلى تصحيح أوضاع كما يتضح من القرار الخاص بالفنادق ذات الثلاث نجوم، وليس الغلق؟
بالتأكيد القرار ليس إغلاقا لأي فندق حيث إن الخدمة الفندقية مستمرة، والاستثناء الوحيد الذي تم هو منع الخمور فقط، وباقي المرافق مستمرة، كالمطاعم وصالات الأعراس، ولكنهم مصرون على جزئية واحدة لا ترتقي بمستوى السياحة في البحرين.
الجميع يعلم الفرق بين المطاعم الراقية، وبين المرافق والأمور الأخرى، التي لا نريد أن نذكرها حتى.
- لكن بعد صدور القرار شهدنا هجوما على الوزارة من أصحاب الفنادق المتضررين من القرار، ما رأيك؟
نحن لا نستمع إلى الهجوم غير المبرر، وهناك قانون يأخذ مجراه.
- هل رصدتم تجاوزات خلال السنوات الماضية؟
لدينا سجل من التجاوزات تم رصدها وتم إنذار هذه المنشآت، ويجب أن نشير إلى أن بعض الفنادق ذات الثلاث نجوم ليس لديهم مواصفات الفنادق، وقد سبق لكم في «أخبار الخليج» نشر صورة لأحد هذه الفنادق، التي تكشف أن هذه المنشأة لا تصلح لتكون فندقا، كأنها جراج وعليه يافطة الفندق.
نحن لا نتطلع إلى هذا النوع من الفنادق في البحرين على الإطلاق.
- ألا ينبغي أن يكون هناك شراكة بين وزارة الثقافة والمستثمرين في قطاع السياحة للارتقاء بهذه المعايير؟
اللقاءات مع الفنادق الأربع والخمس نجوم مستمرة؛ لأنهم يتجاوبون مع هذه التوجهات الإيجابية، والدليل على ذلك اللقاءات السابقة، وكذلك من المتوقع أن يشاركوا في اللقاء الذي يعقد لتقييم معايير الفنادق المقرر عقده يوم الأربعاء.
كما أننا سنضع استراتيجية السياحة يوم الخميس أمام المستثمرين، وكذلك سيتم إطلاعهم على المستجدات والخطط المستقبلية، ومن بينها فكرة «الباص السياحي» هذا الأتوبيس الذي تقوم به شركة تقدم خدماتها في إسبانيا ومناطق أخرى في العالم لتعزز السياحة في البحرين، حيث سيعرض القائمون على هذا المشروع هذه الخدمة أمام أصحاب الفنادق.
إلى جانب أننا نحرص سنويا على إقامة فعاليات سنوية لتنشيط السياحة إلى المملكة، مثل مهرجان صيف البحرين أو ربيع الثقافة، أو مهرجان الموسيقى أو الفعاليات التي تقام في المسرح الوطني والمتحف الوطني، وكل هذا يعد من الروافد الأساسية للسياحة.
كما أن من يهدف إلى خلق نشاط سياحي ولا يقوم بترويج مواقع أثرية فهذا شخص لا يعرف شيئًا عن مفهوم السياحة، التي تقوم على الخدمة والجودة والمواقع، أي شيء آخر غير ذلك يعد خارجا عن الإطار السياحي.
- هذه التجاوزات ليست مسئولية وزارة الثقافة فحسب، لكن هناك جهات أخرى، فكيف كان تعاطي هذه الجهات مع القرار؟
هذه مسئولية متكاملة مع وزارات الداخلية والبلديات وغيرها، هناك تجاوب من هذه الجهات مع القرار.

- ما تعليقك حول ما أثير عن تأثر الاستثمارات السياحية سلبا بهذا القرار؟
لا أعرف من أين جاء هذا الكلام أو هذه الأرقام، على العكس تماما لدينا مشاريع سياحية وفنادق جديدة سيتم افتتاحها في المملكة، أما الذين يتكلمون عن استثماراتهم الخاصة، ويبالغون في تقديراتها فهذه ليست مسئوليتنا، فقد تجد من يقول إنه يستثمر ملايين الدولارات بدون إثبات.
وعندما تنظر إلى المنشأة التي يتحدثون عنها تجد أنها تفتقر إلى أدنى احتياجات السائح العادي الذي يزور أي مكان في العالم.
- البعض ردد أن هذا القرار يأتي لمغازلة مجلس النواب، ما رأيك؟
نحن قمنا بدورنا في هذا الإطار ولا ننتظر شيئًا من أحد، كما أن من المعروف أن دور انعقاد مجلس النواب انتهى، ولا أقوم بأي عمل إلا بما يرضي قناعاتي الخاصة وبما يحقق مصلحة المملكة، ولا أجامل أي أحد، ونحن مع الجودة فقط.
- هل هناك فرصة لإعطاء مهلة لفنادق الثلاث نجوم كما يطلبون؟
الأمر منتهٍ وحاسم ولا عودة عن القرار، وهذه المنشآت حالتها سيئة جدا؛ فهي ليست فنادق ولا منشأت تقدم خدمات، هذه المرافق أمرها انتهى، كلنا نرحب بالحفلات الراقية، ولن نسمح بغير ذلك.
هذه الحفلات الراقية موجودة بالفعل في البحرين، وعلينا أن نهتم بالجودة.
- البعض لوّح باللجوء إلى سمو رئيس الوزراء أو اللجوء إلى القضاء للرجوع عن القرار؟
سمو رئيس الوزراء لا يرضى بهذه الممارسات الخاطئة، وبالتأكيد القضاء لن ينصف مخطئًا، وليذهبوا إلى القضاء إذا كان لديهم الحجة أو المنطق، ونحن لا نحجر على حركة أحد.
نحن نمارس دورنا التنظيمي للارتقاء بجودة العمل الفندقي للوصول إلى السياحة الراقية التي تستهدف نوعية معينة من السياح، نحن نريد البحرين «بوتيك» ولا نريدها مفتوحة لأي أحد، نريد أن نحافظ على الرقي فيها.
- ماذا تحمل استراتيجية السياحة الجديدة للمملكة؟
نعد من خلال الاستراتيجية بالكثير، ونتحدث عن مقومات أساسية وترويج بشكل يشجع سياحة بينية وسياحة عالمية.
نحن نود أن نستقطب الطرفين، السياحة البينية التي تعززها منظمة السياحة العربية، لكي نتكامل كدول في المنطقة، ونخلق مناخا مشجعا على السياحة فيما بيننا، كما أننا نحاول أن نستقطب سائحين على المستوى العالمي؛ لأن البحرين بالتحديد تزخر بالعديد من المعالم الأثرية التي تستقطب سياحة نوعية.
- هل يعني هذا أن هناك استهدافا لنوعية معينة من السائحين؟
بالفعل نبحث عن نوعية، فالبحرين بها مكون ثقافي كبير، ونحاول أن نستقطب سياحة راقية ذات مردود أكبر، ومشاكلها أقل، ولذا فإننا نسعى للارتقاء بالخدمات المقدمة لاستقطاب هذه الفئة من السياح.
نحن حينما ننتقي للسائح العربي أو الأجنبي الأماكن يخرج مهووسا بالبحرين، أما السائح الذي يتخبط ويذهب إلى هذه الفنادق من دون المستوى لا يعود إلى البحرين.
- ما هي دلالات الأرقام والعوائد التي جاءت من السياحة خلال السنوات الماضية؟
نلاحظ بشكل واضح أن هناك ارتفاعا في منحنى الإقبال على السياحة التي نستهدفها، وزاد معدل السياحة نتيجة توظيف المواقع الأثرية والفعاليات الثقافية، التي تستقطب الكثير من السائحين، ونحن نحرص على استضافة أسماء عالمية ترقى بمستوى ما تقدمه البحرين. وهذه الخطة المستقبلية بدأت بالفعل تؤتي مردودها.
- هل هناك توافق حول هذه الاستراتيجية مع أقطاب العمل السياحي في المملكة؟
الجميع يتفق حول هذه الرؤية، لأن البحرين بحاجة لمزيد من الأنشطة وتأهيل أكثر من موقع، فعلى سبيل المثال مجلس الوزراء وافق خلال جلسته أمس زيادة قيمة القرض الذي قدمه البنك الإسلامي للتنمية للشروع في تنفيذ مشروع طريق اللؤلؤ بالمحرق الذي يمتد على مسافة 3,5 كيلومترات وسيتم بموجبه ترميم وإعادة تأهيل 15 مبنى تاريخيا بالمحرق مدرجة في قائمة التراث الإنساني العالمي لمنظمة اليونسكو وإعادة تأهيل 12 مبنى آخر لها قيمة تاريخية وإنشاء 19 ساحة عامة مفتوحة و4 مواقف لسيارات الزوار وسكان المنطقة وتحسين واجهات 750 منزلا تقريباً وإنشاء مركز للزوار وجسر للمشاة.
وهذا المشروع يرتقي بالأحياء ويوفر فرص عمل، ويجذب سياحة نوعية، وهذه كلها مؤشرات أننا في الاتجاه الصحيح، وأن لدينا نظرة شمولية ورؤية واضحة لتأسيس بنية تحتية للثقافة والسياحة بالمملكة وهو ما نهدف له في الوزارة.
وبمجرد إدراج أي مشروع في قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لليونسكو يؤدي ذلك إلى زيادة السياحة بما يعادل نحو 25% تقريبا.
- ما هو مدى تجاوب باقي الجهات مع مساعي الوزارة؟
نحاول أن نمد الجسور مع كل الأطراف، حيث إننا حرصنا على الالتقاء بلجنة السوق القديم بغرفة التجارة، لأن من صميم اهتمامتنا الارتقاء بالأسواق القديمة، والمحافظة على خصوصيتها، حيث قمنا بعدد من الزيارات التفقدية لهذا الأمر.
- ماذا تم في مشروع إحياء سوق المحرق الشعبي، وخاصة أن البعض حمل وزارة الثقافة بعض المسئولية في تأخر التطوير؟
وزارة الثقافة هي الجهة الوحيدة التي رممت سوق القيصرية وأجزاء منه مفتوحة، ونحن نعمل بصمت، ونعمل بحسب مخطط مرسوم وقد لا يسمح إيقاع العمل بالتعريف بتفاصيله، وأدعو إلى القيام بزيارات ميدانية من متحف البحرين حتى قلعة بوماهر عن طريق البحر، عبر أول رحلة بحرية لموقع أثري، ثم تجول في الأسواق والمواقع التي تم ترميمها، ستجد نشاطا كبيرا.
كما أن البعض يهاجم بعض المشاريع من دون فهم طبيعتها لأنه لم يرها على أرض الواقع.
وأقول أنا أريد جهة أخرى عملت في سوق المحرق، أو رممت مبنى فيه بنفس الحماسة والروح التي عملت بها وزارة الثقافة، نحن الوزارة الوحيدة التي أعدت خطة لتطوير المحرق عبر مشروع طريق اللؤلؤ الحيوي.
- ماذا عن التجاوب مع خططكم لتطوير السوق؟
سكان المنطقة تجاوبهم جميل، ويحزنني أن نجد مواقع رائعة في الأحياء الشعبية تفتقر إلى لوازم النظافة والمخططات التي ترتقي بالأحياء، وأتمنى سن قوانين تعاقب سوء الاستخدام في الأماكن العامة، والمسؤولية كبيرة على الجميع.
- كيف تجدين المردود الدولي مع جهود وزارة الثقافة لوضع البحرين في المكانة الثقافية التي تستحقها؟
يشرفنا أن التجاوب الدولي واضح مع كل ما يدور في البحرين، ويتابعون كل البرامج التي تجري في المملكة، ويتضح ذلك جليا من خلال الدعوات العالمية التي تأتي إلى المملكة، وكذلك الحضور العالمي لها، حيث مثلنا البحرين في بينالي فينسيا، وكان جناح المملكة محط الأنظار والاهتمام من قبل الزائرين، وكذلك المشاركة المقررة العام القادم في اكسبو ميلانو، بما نقدمه من مضمون مختلف ونوعية مختلفة.
- ما الكلمة الأخيرة التي تؤكد عليها وزيرة الثقافة؟
لا خوف على القطاع الفندقي في البحرين مع الحفاظ على الجودة، نرتقي ونتقدم.