افتتح أمس مؤتمر سفراء دولة فلسطين لدى الدول العربية برعاية سامية من جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المفدى، حيث ناقش المؤتمر عددا من القضايا ذات العلاقة بقضية فلسطين، في ظل ما تشهده الساحة الفلسطينية من تطورات وأحداث جسام، وما يتعرض له الشعب الفلسطيني الشقيق من عدوان إسرائيلي غاشم. واختتم المؤتمر جلساته بتقدير موقف جلالة الملك من القضية الفلسطينية وتبرعه السخي لصالح غزة.
وأكد الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة وزير الخارجية في كلمته أمام المؤتمر أن مملكة البحرين لم ولن تدخر جهداً في مساندة مطالب الشعب الفلسطيني المشروعة في المجتمع الدولي، مضيفا أن ما يجري اليوم للشعب الفلسطيني العزيز في قطاع غزة من اعتداء غاشم وقمع وأعمال وحشية تقوم بها قوات الاحتلال الإسرائيلية، ومن إزهاقٍ للأرواح وسفكٍ لدماء الأبرياء ودمار للبنى التحتية والممتلكات، لهو انتهاك إسرائيلي صارخ لجميع الأعراف والقوانين الدولية، وإن مملكة البحرين تدين وترفض تلك الأعمال الإجرامية.
(التفاصيل)
برعاية سامية من لدن حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المفدى تم افتتاح مؤتمر سفراء دولة فلسطين لدى الدول العربية صباح أمس بفندق الخليج.
وقد أناب جلالة الملك سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة نائب رئيس مجلس الوزراء لافتتاح المؤتمر وذلك بحضور علي صالح الصالح رئيس مجلس الشورى والشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة وزير الخارجية، ورياض المالكي وزير خارجية دولة فلسطين وعدد من الوزراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية المعتمدين لدى مملكة البحرين.
ويناقش المؤتمر عددا من القضايا ذات العلاقة بقضية فلسطين في ظل ما تشهده الساحة الفلسطينية من تطورات وأحداث جسام وما يتعرض له الشعب الفلسطيني الشقيق من عدوان إسرائيلي غاشم.
ويأتي انعقاد المؤتمر في مملكة البحرين تأكيدا لموقفها الثابت والداعم لقضية الشعب الفلسطيني الشقيق والوقوف إلى جانبه في كفاحه العادل لنيل حقوقه المشروعة في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
من جانبه أكد الشيخ خالد بن احمد بن محمد آل خليفة وزير الخارجية أن مملكة البحرين لم ولن تدخر جهداً في مساندة مطالب الشعب الفلسطيني المشروعة في المجتمع الدولي، مهنئا المسئولين الفلسطينيين على تحقيق الكثير من الانجازات وفي مقدمتها حصول فلسطين على وضع الدولة المراقب في الأمم المتحدة وعلى عضوية منظمة اليونسكو وغيرها من المحافل الدولية، والتوقيع على عدد من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، وهو الأمر الذي يعزز مكانتها كدولة، ويمثل تقدما في مسيرة الشعب الفلسطيني للحصول على الاستقلال في ظل دولة فلسطينية كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشرقية، وهذا حق طبيعي من حقوق شعب فلسطين الشقيق، التي لا يمكن التنازل عنها، وتؤكدها القرارات والمعاهدات الدولية، مؤكدا في نفس الوقت إدانة مملكة البحرين الشديدة لسياسات إسرائيل الاستيطانية الهادفة إلى الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، وتغيير الوضع الديموغرافي فيها، باعتبارها جريمة أخلاقية وإنسانية، يجب إيقافها لضمان الوصول إلى سلام عادل ودائم.
وقال وزير الخارجية في كلمته أمام المؤتمر: إن ما يجري اليوم للشعب الفلسطيني العزيز في قطاع غزة، من اعتداء غاشم وقمع وأعمال وحشية تقوم بها قوات الاحتلال الإسرائيلية، من إزهاقٍ للأرواح وسفكٍ لدماء الأبرياء ودمار للبنى التحتية والممتلكات، لهو انتهاك إسرائيلي صارخ لجميع الأعراف والقوانين الدولية، وإن مملكة البحرين تدين وترفض تلك الأعمال الإجرامية، وتؤكد على ضرورة أن يقوم المجتمع الدولي بدوره في حماية الشعب الفلسطيني الشقيق، وإلزام إسرائيل بوقف غاراتها وممارساتها البشعة.
وأضاف وزير الخارجية أنه استمراراً لموقف مملكة البحرين، فإن حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد، قد أصدر تعليماته إلى المؤسسة الخيرية الملكية، لتواصل عملها والقيام بواجباتها تجاه الأخوة والأهل في غزة في كل المجالات.
وأعرب الشيخ خالد بن أحمد في ختام كلمته عن تمنياته للمؤتمر في التوصل لقرارات ملموسة ولرؤية ذات أبعاد استراتيجية تدفع بالعمل الوطني الفلسطيني قدماً نحو الأمام وتساعد في تحقيق طموحات الشعب الفلسطيني الأبي، داعيا الله بالتوفيق والتقدم والنجاح، ولفلسطين وشعبها العزيز دوام الاستقرار والأمن والرفعة والازدهار.
من جهته توجه وزير الخارجية الفلسطينية رياض المالكي بأسمى آيات التقدير والعرفان إلى مملكة البحرين الشقيقة ملكاً وحكومةً وشعباً على استضافتها الأخوية الكريمة لمؤتمر سفراء دولة فلسطين في الدول العربية، وعلى رأسها جلالة الملك حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة،، والشكر موصول أيضاً إلى صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس مجلس الوزراء الموقر، وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد الأمين، والشيخ خالد بن أحمد آل خليفة وزير خارجية مملكة البحرين.
وأكد وزير الخارجية الفلسطيني أن هذه اللفتة الأخوية الصادقة تأتي امتداداً للسياسة العربية الأصيلة التي ينتهجها جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، تجاه القضايا العربية عامة، وتجاه القضية الفلسطينية بشكل خاص، فجلالته لا يترك أي مناسبة إلا ويذكر الجميع ويؤكد لهم بضرورة توجه البوصلة دائماً نحو فلسطين، وأن القضية الفلسطينية هي قضية العرب الأولى والمركزية، مشيرا أن الدعم الكبير الذي تقدمه مملكة البحرين بشعبنا، ووقوفها الفاعل ضد هذا العدوان الهمجي الذي نتعرض له، وخاصة أهلنا في قطاع غزة، واحتضانها الأخوي الدافئ للجالية الفلسطينية، والاهتمام بأوضاعها رسمياً وشعبياً، وكذلك المواقف الصادقة التي تتبناها بشكل مستمر مع حقوق شعبنا في المحافل كافة، والوفود الكثيرة الرسمية والشعبية التي تبادر بزيارة فلسطين المحتلة، ما هو إلا ترجمة لتوجيهات وسياسات جلالته وحكومته الرشيدة، هذه السياسات والمواقف دائماً تتقدم الصفوف في الدفاع عن عدالة القضية الفلسطينية وحقوق شعبنا المشروعة.
وأوضح الوزير أن انعقاد مؤتمر سفراء دولة فلسطين لدى الدول العربية الشقيقة على أرض مملكة البحرين يكتسي أهمية كبيرة، وخاصة في هذه المرحلة من عمر القضية الفلسطينية، وتعرض الشعب الفلسطيني إلى عدوان إسرائيلي وحشي يصل إلى مستوى حرب إبادة حقيقية، تهدف إلى خلع جذوره العربية من أرض وطنه، وتدمير مقومات صموده.
وأضاف أن الحكومة الإسرائيلية واصلت حصارها الظالم على قطاع غزة وحولته إلى سجن كبير، يتعرض بشكل يومي إلى عمليات القصف بالطائرات والاغتيالات، وتحرمه من أبجديات الحياة الإنسانية مثل الكهرباء والماء والغذاء والدواء، وها هي تحول القطاع الصامد إلى ميدان للرماية والتدريب لأجهزتها العسكرية وأسلحتها المختلفة كلما لزم الأمر، وهي تشن على أهلنا في القطاع حربها الثالثة وبأسلحة الدمار المتطورة التي تطال الحجر والشجر، الإنسان والجماد، في حرب إبادة مدمرة لمقومات الحياة الفلسطينية في القطاع.
ولفت إلى سعي القيادة الفلسطينية لتحقيق وقف إطلاق النار وتثبيته واستدامته، والبحث في الاحتياجات الفلسطينية وما سينتج عن ذلك في اليوم الذي يليه، بما يعزز من دور حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني ونجاحاتها، وخاصة فيما يتعلق بقطاع غزة ورفع الحصار عنه وفتح المعابر وإعادة إعماره، وتابع الوزير قوله: «إننا نقف بكل مسؤولية أمام الواقع المأساوي الذي فرض على قطاع غزة، ونتحمل مسؤولياتنا تجاه الظروف الإنسانية الصعبة التي حلت بشعبنا نتيجة العدوان، لذا ندعو الدول الشقيقة والصديقة إلى تقديم كل ما تستطيع من مساعدات طبية وغذائية ومالية للتخفيف من معاناة أهلنا في القطاع، وفي الوقت الذي نشكر به جميع الدول التي تقدمت بشكل فوري وعاجل بهذه المساعدات، فإننا ندعو إلى تفعيل مخرجات مؤتمر شرم الشيخ الذي انعقد عام 2009 من أجل إعادة إعمار قطاع غزة، علماً بأن المسؤولية قد تضاعفت بعد الدمار الذي خلفه العدوان الأخير، حيث هدم مئات المنازل بشكل كامل، وآلاف المنازل بشكل جزئي، وكذلك تدمير البنى التحتية والمستشفيات والمدارس والمؤسسات والمقرات الحكومية، مما يستدعي إعادة التركيز على تلك المقررات، والبحث في إمكانية الإعداد لمؤتمر شبيه في القريب العاجل للبحث في إمكانية إعادة الإعمار».
وطالب الوزير خلال هذا المؤتمر بضرورة بذل الجهود اللازمة للإجابة على مجموعة من التساؤلات الهامة: ما هي المبادئ التوجيهية الأساسية التي تحكم عملنا الدبلوماسي مع الأشقاء العرب؟ ما هو تقييمنا لمستوى الدعم العربي للقضية الفلسطينية سواء على مستوى المواقف السياسية أو الدعم المالي؟ في ضوء المتغيرات الحاصلة في عالمنا العربي هل لا زالت القضية الفلسطينية هي قضية العرب الأولى والمركزية؟ ما هي المفاهيم والبرامج والآليات المطلوبة للدبلوماسية الفلسطينية حالياً من أجل تنمية وتطوير العلاقات الثنائية الفلسطينية - العربية؟ ما هي السياسات الواجبة الاتباع نحو المزيد من الفعالية للعمل العربي المشترك إقليمياً ودولياً؟ كيف نطور من عناصر القوة العربية على المستوى الدولي؟ كيف نبني خريطة مصالحنا العربية الفلسطينية في منظومة المصالح الدولية؟ كيف نعزز ونطور من دور وأداء الجامعة العربية، بين العرب أولا؟ مشيرا أن الإجابة عن هذه الأسئلة هي أولى المهام الملقاة على عاتق هذا المؤتمر، حتى يرتقي لمستوى التحديات المطروحة.
وقال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي في تصريحات على هامش المؤتمر، انه في حال تواجد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الفلسطينية في الدوحة فإنه بالتأكيد سيكون هناك لقاء بينه وبين الرئيس الفلسطيني محمود عباس لأنه من الضرورة بمكان أن يتم تنسيق العمل لوقف العدوان الإسرائيلي من خلال التوافق على وقف إطلاق النار.
وأشار إلى أن بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة تحدث إلى الرئيس الفلسطيني وابلغه انه سيصل إلى المنطقة وسيكون هناك إمكانية أن يلتقي به في الدوحة، وفي سؤال لـ «أخبار الخليج» حول إمكانية إدخال بعض التعديلات على المبادرة المصرية لوقف إطلاق النار حتى تقبل بها فصائل المعارضة الفلسطينية أجاب بقوله «قطعا لا».
وأكد أن دعم البحرين واضح للقضية الفلسطينية معربا عن شكره على هذا الدعم الذي لم يتوقف على الإطلاق على كل المستويات السياسية والمالية وغيرها، وأخرها التبرع الأخير السخي الذي قدمه جلالة الملك هو أوضح مثال على الدعم البحريني، كما أن هناك أيضا جمع تبرعات من قبل المواطنين البحرينيين لدعم قطاع غزة لذلك هو تعبير حقيقي، وأيضا مجرد استضافة هذا المؤتمر في البحرين يمثل تعبير آخر على هذا الدعم.
من جانبه أكد السفير عبدالله عبداللطيف عبدالله وكيل وزارة الخارجية على دعم مملكة البحرين في جميع المحافل الدولية، مضيفا أن موقف المملكة واضح ضد هذا العدوان الغاشم على أشقائنا في فلسطين وفي قطاع غزة.
وأشار أن البحرين من الدول السباقة سواء في دعم فلسطين على الحصول على صفة دولة مراقب غير عضو في الأمم المتحدة ودعمهم في الانضمام إلى كل الاتفاقيات المعنية بتشكيل دولة في المستقبل القريب.
من جهته وجّه السفير الفلسطيني بالبحرين طه عبد القادر شكره لجلالة الملك وللحكومة البحرينية ولشعب البحرين الشقيق على مواقفهم الداعمة دائما للقضية الفلسطينية، قائلا في كلمته خلال المؤتمر: «جلالتكم لم تنفكوا تؤكدون دوما أن تبقى القضية الفلسطينية هي القضية المركزية للأمتين العربية والإسلامية، ويجب ألا تنسينا مشاكلنا العربية الداخلية هذه القضية المركزية، وما رعايتكم السامية لهذا المؤتمر إلا دليل حي على دعم جلالتكم للقضية الفلسطينية، ويدا بيد مع أخيكم الرئيس الفلسطيني محمود عباس».