TODAY - Tuesday, November 15, 2011
طلب اشراك طلاب الشريعة والحوزة في الامر.. واكد سماح وزارة حقوق الانسان بالتشويش على المتهم نفسيا
ضابط كبير: محققونا تنقصهم (الخبرة الدينية) في استجواب مسلحين سلبهم مفتي القاعدة عقولهم
بغداد العالم
أكد ضابط تحقيق رفيع، أن كوادر التحقيق العدلي مدربة على فك ألغاز الجرائم الجنائية، وهي في الغالب غير مدربة على فهم طريقة تفكير تنظيم القاعدة او الحركات الاصولية المتشددة الاخرى خلال محاولة تفكيك خلاياها او تحليل افادات المتهمين، فضلا عن عدم توافر مطبوع رسمي واحد يوفر خبرة دينية وعقائدية لمواجهة هذا النوع من المسلحين الذين "سلبهم المفتي عقولهم".
ودعا الضابط الى اشراك رجال الدين وخريجي الحوزة العلمية ومعاهد الشريعة في عمليات الاستجواب، لسد النقص الحاصل في هذا المجال، ومحاولة فهم كيفية تفكير هؤلاء.
وكان مصدر استخباري كبير قال لـ"العالم" مؤخرا ان بغداد لا تبذل جهدا كافيا لاستخدام الخبراء النفسيين في تفسير ظواهر غريبة جدا تعيشها غرف التحقيق في اجهزة الامن، مثل شباب صغار يقتلون عشرات الناس ويصمدون امام اقسى اساليب التحقيق، ويتورط شركاؤهم في اشكال معقدة من العنف. ورجح ان القاعدة "تدرب شبابها على الصمود امام اساليب المحققين بينما بغداد لم تستثمر حتى الان في مجال الاستعانة بالخبراء الذين يمكنهم ان يحلوا مئات الالغاز التي تحتار بها اجهزة امننا منذ سنوات".
وتعليقا على ذلك يعرب ضابط التحقيق المخضرم في حديثه مع صحيفة "العالم" امس، عن اعتقاده بأن "السبب الرئيسي الذي يقف وراء صمود أعضاء تنظيم القاعدة في مراكز التحقيق، هو أن فكر التنظيم يستند إلى ايديولوجية معلومة من قبل أذرعها، ولكنهم مؤمنون بهذا الفكر وهذه العقيدة، رغم قيامها على فكرة هدر الدم وإلغاء الآخر".
ويضيف الضابط الذي طلب عدم الكشف عن هويته "محققونا يصطدمون بجدار خلفي في عقل هؤلاء، وهذا الجدار يتعلق بمن يفتي لهم بأمورهم الحياتية والجهادية، فهم مخلصون بشكل كبير للمفتي الذين يكونون تحت سلطته الدينية، ويعملون في خطين؛ الاول خط فكري يتم تكثيفه اثناء نية القيام بعمليات لصالح التنظيم، والثاني خط التدريب العسكري والتدريب على القيام بعملياتهم الاجرامية، لذلك نلاحظ أن كل من نحقق معهم، هم من المؤمنين بأفكارهم، وهذا ينعكس سلبا على عملنا، إذ ونواجه عنادا مفرطا يرتقي الى حد الاستعداد للموت مقابل عدم الكشف عن باقي أفراد الشبكة، وبالتالي لا تكون عملية انتزاع الاعترافات منهم أمرا هينا".
وعن احتمالات تدريب أعضاء القاعدة على كيفية الصمود أمام المحققين، يقول الضابط "لا يوجد أي تدريب مسبق لعناصر التنظيم، والأمر لا يعدو كونه إيمانا أعمى بعقيدة، ثم أن مفهوم الاعتراف سيدة الأدلة انتهى مع معتقلي القاعدة، ولدينا واحد فقط من كل 10 محققين يتمكن من إلقاء الحجة الدينية على عناصر القاعدة، كي يحصل منهم على اعتراف".
وعن بقايا الاساليب القديمة التي يشاع أنها تنتشر لدى بعض المحققين، يذكر المصدر أن "هناك بونا شاسعا بين ظروف التحقيق في زمننا هذا، والتي كانت موجودة في زمن النظام السابق؛ فالتعذيب البدني كان منهج عمل ضباط التحقيق، بدءا من مكان نوم المعتقل الى المحكمة التي يستمع فيها الى اتهام السلطة له، ومن ثم ينفذ فيه حكم الاعدام، فيما لا يستطيع محققونا اليوم مس الموقوف، مهما كانت التهم الموجهة له".
ويؤكد ضابط التحقيق أن "أغلب حالات انتزاع المعلومات تحت تأثير بدني تظل فردية، لأننا نخشى الزيارات المفاجئة للمسؤولين الحكوميين، الذين لا يميزون بدورهم بين المعتقلين على أساس قضاياهم، وجل ما يطلبونه هو أن تكون وصايا وزارة حقوق الانسان حاضرة في التعامل مع أي معتقل، ورغم أن هذا الامر يستفزنا لكن يجب علينا الرضوخ لرغبتهم"، لافتا إلى أنه "تم معاقبة ضباط كبار نتيجة استخدامهم أساليب تعذيب بدني لمعتقلين اتهموا بذبح ضحاياهم".
لكنه يستدرك بالقول "ان وزارة حقوق الانسان تسمح باستعمال الاساليب النفسية في الاستجواب، ونحن نستخدمها للتشويش على عقلية المعتقل، ولكنها لا تجدي نفعا مع بعض المعتقلين".
ويشير الضابط المخضرم إلى أن جهاز التحقيق يحتاج إلى "محققين مدربين تدريبا نفسيا وفكريا، لمواجهة الحجج الدينية التي يلقيها المنتمون للقاعدة على مسامعنا، أثناء ساعات التحقيق الطويلة، وهناك عدد قليل من المحققين الذين نجحوا في انتزاع الاعتراف من متهم مؤمن بايديولوجية التنظيم الارهابي، وذلك عبر الدخول في مناقشات فكرية تتعلق بطريقة تكوّن العقيدة العنفية لدى المتهم، واللجوء إلى تفكيكها، فيكون انتزاع المعلومات من المتهم تحصيل حاصل لمعركة فكرية شرسة يخوضها المحقق".
ويذهب المحقق إلى القول "نحتاج الى بناء فريق مهني يدعم بأخصائيين نفسيين يرافقون المحققين اثناء استجواب المعتقلين، وتكون مهمتهم دعم فريق التحقيق فكريا، وتهيئة ارضية مناسبة فيما يتعلق بالقضايا الدينية".
ويبدي المصدر استغرابه، لأن "الاجهزة الامنية المختصة بالتحقيق مع عتاة القاعدة، لم تطبع كتيبا تثقيفيا واحدا لمنتسبيها، يرشدهم إلى كيفية فك شفرات هذه الايديولوجية الخيطية، والطريقة الوحيدة التي يجابه بها ضابط التحقيق لدينا هذه المجاميع هو اطالة مدة محكوميتهم، عسى أن يتم اعتقال مجموعات أخرى تعترف على من هم في السجن منذ فترة، أو على أمل أن تعثر القوات الأمنية على أدلة دامغة لإدانتهم".
ويرى أن جهازه يحتاج أيضا إلى "محققين عملوا كرجال دين، ليتمكنوا من مجابهة فكر القاعدة اثناء التحقيق والخروج بنتائج إيجابية، وهذا بالتأكيد غير موجود في الدوائر التحقيقية، فمحققونا تلقوا تدريبات مهمة على فك ألغاز جنائية، ولكنهم لم يخضعوا لتدريبات تتعلق بمجابهة فكر القاعدة، ولذلك نحتاج الى مجموعة كبيرة من المحققين توازي حجم المعتقلين الموجودين في هذا البلد، مهمتهم رد الحجة بالحجة على أعظاء التنظيم الإرهابي، وإيصالهم الى مرحلة الانهيار وانتزاع اعترافات سليمة وبعيدة عن الضغط".ويشدد على ضرورة أن "يهيئ المعنيون بجهاز التحقيق العدلي، فرص تدريب فكري للمحققين، على غرار توفير فرص تدريب للقضاء، فاليوم تضاعف عدد قضاتنا 15 مرة عما كان عليه زمن النظام السابق، ويجب أن تتجه بوصلة المسؤول إلى وحدات التحقيق، والانتباه الى أهمية أن ينشأ جيل كامل من المحققين القادرين على استنباط المعلومات، من معتقلين يحملون أفكارا هدامة".
ويختم الضابط المخضرم بالقول إن "نتائج هذا النوع من التدريب، إذا ما تم تكثيفه ستظهر بعد أعوام، ولك أن تتخيل كم هي مهمة صعبة أن تزج منتسبيك في دورات تحلل فكر القاعدة الخيطي".