تاريخ النشر: 20/07/2014
إعداد: محمد هاني عطوي
يحتفل مسلمو ماليزيا بشهر رمضان، وسط أجواء عادية، لا تعكس ملامح الأغلبية المسلمة التي تعيش في تلك الدولة الشرق آسيوية، ولو تجولت في العاصمة كوالالمبور، لن تشاهد شهر رمضان سوى أمام بعض المساجد، حيث يزدحم الصائمون في طوابير توزيع "بوبور لامبوء"، وهي وجبة ماليزية شعبية تتكون من عصيدة أرز باللحم والتوابل . وتوزع في شهر رمضان فقط، طبقاً لعادات الماليزيين .
وإلى جانب المساجد، تشعرك البازارات الإسلامية بالجو الرمضاني إلى حد ما، حيث ينتشر بائعو البلح والياميش بكل أنواعه . واللافت أن شعب ماليزيا لا يهتم بتناول الإفطار خارج المنزل في شهر رمضان بل يفضل قضاءه مع العائلة .
ولعدم وضوح مظاهر شهر رمضان في ماليزيا، حكمة ترويها نبيلة فييرتس، مديرة وكالة تمثيل ماليزية: "رغم أن الأغلبية في ماليزيا من المسلمين، إلا أن الاحتفالات الدينية ليست لها الأولوية، خاصة في العاصمة" .
وتوضح "فييرتس" قائلة: "ماليزيا تضم 3 أجناس رئيسية، وهم الماليز المسلمون، والصينيون البوذيون، والهنود الهندوس، ولكل من هؤلاء ديانتهم، بل وقراهم التي تضم أغلبية مسلمة أو بوذية أو هندوسية، كما أن لكل منهم عاداته وتقاليده التي تعكس الروح التي يعيش بها الشعب الماليزي بمختلف فصائله" .
من هنا، فإن الاحتفالات الدينية لكل من هذه المجموعات تكاد تقتصر على قراهم التي هي أكثر تحفظاً، أما في مدينة مثل العاصمة كوالالمبور، فأرادت لها الحكومة أن تكون مدينة توحد الجميع، وينعكس ذلك في مبادرة "ماليزي واحد" التي تبرزها وسائل الإعلام هنا بشدة، رغم انتقاد الرأي العام لها باعتبارها "محاولة حكومية ساذجة لعلاج مشكلة العنصرية غير المعترف بها بين العرقيات المختلفة"، حسب رأي "فييرتس" .
وتهتم ماليزيا بالمناسبات ذات الطابع العالمي والتي تلقى اهتمام السياح، مثل الاحتفال برأس السنة الميلادية والصينية، أما الهجرية فيقتصر الاحتفال بها على القرى المسلمة .
ورغم المظاهر القليلة لرمضان إلا أن آراء بعض السياح الأستراليين في كوالالمبور تبدو مفاجئة حيث يقول أحدهم: "الدين الإسلامي لا بد أن يسموه الدين الذي أسيء فهمه فلقد حرصت على القراءة عن الإسلام الحقيقي فوجدته من أرقى الديانات والمعتقدات السماوية وسوء الفهم هذا حدث بسبب جهل غير المسلمين الذين يدعون أنهم يعرفون ويحاولون المعرفة لكنهم في حقيقة الأمر يسيئون إلى الإسلام من دون حتى سؤال" .
ويقول السائح بحماسة محولاً دفة الحديث إلى الأوضاع السياسية: "أنا ضد "إسرائيل" قلباً وقالبا، وما يفعله المسلمون نتيجة لذلك ما هو إلا رد فعل، لكن الغرب يراه إرهاباً وليس الفعل مثل رد الفعل، وإذا أعطى الناس لأنفسهم فرصة ليعرفوا الإسلام سيجدونه دين سماحة وإخاء لا تطرف وإرهاب فيه" .
أما ميشال ييرهان من دولة التشيك فاعتبر أن "ماليزيا بلد تتعانق فيه كل الأديان والطوائف والشعوب، ولذا حرص على أن يأتي إلى هنا ليرى هذا التعانق في رمضان" .
ومن فضل الله تعالى على العالم الإسلامي أن جعل ماليزيا من البلاد الإسلامية، فهي دولة متحضرة إلى حدٍّ كبير، فهي تتمتع بنموٍ اقتصادي متسارع وصناعات متطورة، إلى جانب المنظومة الاجتماعية والإنسانية بها، ويعتبر المسلمون المجتمع الرئيسي في هذه البلاد التي تتسم أيضاً بتعدد الأعراق فيها، وللمسلمين الماليزيين العادات والتقاليد الخاصة بهم، والتي تعد من التقاليد الشعبية أيضاً، نظراً لأنَّ أغلبية أفراد البلاد من المسلمين .
ومثل بقية بلاد جنوب شرق آسيا دخل الإسلام عن طريقين، هما التجارة مع البلاد الإسلامية ودخول الدعاة إلى هذه البلاد من أجل نشر دين الله تعالى، وانتشر الدين هناك، وتوافرت المساجد في كل مكان من الأرض الماليزية، ومنها المسجد الوطني في العاصمة "كوالالمبور" والذي يتسع ل15 ألف مصلٍّ .
يفطر الماليزيون المسلمون في منازلهم، والبعض منهم يفطر في المساجد، ويحضر القادرون بعض الأطعمة التي توضع على بسط في المساجد من أجل الإفطار الجماعي، وفي المناطق الريفية يكون الإفطار بالدور، فكل منزل يتولى إطعام أهل قريته يوماً خلال الشهر الكريم في مظهر يدل على التماسك والتراحم الذي نتمناه في كل أرجاء العالم الإسلامي .
ومن أشهر الأطعمة التي تحضر على مائدة الإفطار في شهر رمضان، وجبة "الغتري مندي" والتي تعتبر الطبق الماليزي الأشهر، وكذلك "البادق" المصنوع من الدقيق، وهناك الدجاج والأرز إلى جانب التمر والموز والبرتقال .