أبناء نينوى والأنبار في طليعة حاملي لواء {التحرير}
20/07/2014 07:04
منظرون سياسيون عراقيون يؤكدون انّ «ابناء المناطق المغتصبة في العراق يتحملون مسؤولية أولى في استعادة مناطقهم وتحريرها من داعش»، وان يكونوا في «الطليعة» ضمن اجندة الدولة التي تحشد ابناء العراق الى هذا الهدف.ان من علامات الوطنية والحرص، ان يسارع ابناء المناطق «المُحتلة» الى ساحات القتال، لتحريرها، قبل ابناء المناطق الاخرى، وعليهم، تقع مسؤولية التحرير المقدسة.

انّ كل التبريرات تسقط امام الدفاع عن البيت والوطن، لكي لا يتحول غزو الجماعات الارهابية الى «احتلال» دائم بوجود الحواضن التي تؤويها وتدعمها.

ويضرب مفكر سياسي عراقي المثل في «تحول الاحتلال الاسرائيلي للأراضي العربية المغتصبة في فلسطين الى امر واقع»،

ما يوجب على النخب السياسية والبرلمانية العراقية ان تكون في الصفوف الاولى في القوات التي تسعى الى تحرير المناطق التي ينحدرون منها.

انّ احد الامثلة الناجحة في هذا الصدد، محافظة بابل، حيث حرّرت من قوات الجيش والمتطوعين من ابناء المحافظة نفسها، أمس الخميس، آخر معقل للارهابيين في منطقة اللطيفية، جنوبي بغداد.

وطيلة الاسابيع الماضية، قاتل المتطوعون المنضوون ضمن الجيش العراقي والقوات الامنية افراد تنظيم «داعش» من بيت الى بيت ومن نهر الى نهر، حتى ضيقوا عليهم الخناق، فقُتل من قُتل، وفرّ من فر.

انّ محافظة بابل في عمل ابنائها على تحرير مناطقهم، تقدم النموذج الحي لجماهير المناطق «المغتصبة» من قبل التنظيمات الارهابية، في حين ان طريق الخلاص الاكيد هو في التطوع في سرايا الجيش والتقدم في طليعة القوات لتحرير الارض.

اما غير ذلك، فانّ لا معنى لنائب فاز في الانتخابات ويحضر جلسات النواب ممثلا لشعب فرّ في الاصقاع، او ظل رهينة لـ «داعش» والارهاب.

ولا معنى لمنصب سياسيّ يتسنمه مسؤول ومدينته يستبيحها الغرباء.

ولا فائدة ترجى من زعيم عشيرة ترك أرضه تُغتصب، ونساء منطقته تُساق لزواج النكاح من افراد «داعش»، فيما هو يقضي لياليه بين فنادق اربيل وعمّان وعواصم اخرى.

بل، لا مستقبل لمواطن، يَدَعُ هؤلاء يمثلونه في الحكومة والبرلمان اذا لم يعلن غضبه واستياءه وتمرده حتى يرغمهم على التطوع في الصفوف الامامية لقتال «داعش».

لقد أفرزت الاسابيع القليلة الماضية حشودا مليونية لبّت دعوات «الجهاد الكفائي» دفاعاً عن المناطق المغتصبة، وان ابناء تلك المناطق أولى من غيرهم بتلبية الدعوة والانخراط في المهمة المقدسة.

انّه لأمر «حسَن»، ان يتقدّم ابن البصرة على ابن الرمادي لتحريرها، لكن «الاحسن» ان يحصل العكس، باعتبار ان ابن الرمادي ادرى بغيره بأحوال محافظته، ما يساعد القوات الامنية والجيش على التقدم الاسرع نحو معاقل الارهاب، كما ان المنطق، والنتيجة لها اولوية على «الحماسة» في هذه الحالات.

ان بوادر انخراط ابناء المناطق التي عشْعش فيها الارهاب، يفصح عنها عضو مجلس محافظة نينوى عبد الرحيم الشمري في حديثه للصباح بالقول أن «مجاميع من ابناء عشائر نينوى، تنفذ عمليات مقاومة فردية ضد عصابات داعش في الموصل»، مبينا أن «تلك المجاميع تواصل هجماتها وتناور من دون أن تعلن نفسها لكي لا تستهدف من قبل الدواعش».

كما يأتي اعلان العشائر الموصلية، تشكيل ما يسمى بـ «فوج العشائر العربي» لطرد عصابات داعش، ممّن ينتمون الى جنسيات أجنبية، خطوة مهمة على طريق تسنم اهالي المناطق المغتصبة، الصدارة في جهود الحرب على الارهاب.

فبحسب العميد المتقاعد علي الجبوري لـ {الصباح} فإن «وظيفة فوج العشائر العربية، محاربة عصابات داعش الإرهابية،ولاسيما الإرهابيين الأجانب».وفي تكريت، ادرك ابناء المحافظة، حقيقة الواجب المترتب عليهم قبل غيرهم، في تحرير مناطقهم، بحسب عضو اللجنة الأمنية في مجلس محافظة صلاح الدين خالد الحسام الذي اكد للصباح أن «عشائر منطقة الزوية تمكنت من قتل العشرات من عصابات داعش الإرهابية في صولة عشائرية من أبناء المنطقة وتكبيدهم خسائر كبيرة».

وفي الرمادي، انتشر 5000 متطوع من الحشد الشعبي من مختلف المحافظات في مدينة الرمادي واحيائها الشرقية والشمالية لقتال “الدواعش” في اطار خطة لمسك الارض ومنع اي محاولة للإرهابيين للظهور مجددا.

وعلى الرغم من تطوع الملايين من العراقيين، في سرايا القوات الشعبية، التي تقاتل الارهاب من محافظات العراق المختلفة، الا ان لتطوع ابناء المناطق «المغتصبة»، له وقع خاص على افراد داعش الذين يدعون مولاة ابناء تلك المناطق لهم، الى الحد الذي ادعوا فيه انهم «يعيشون بين اهاليهم في الرمادي والموصل».

ويرى مدير مركز الاعلام العراقي في واشنطن، الكاتب نزار حيدر في حديثه لـ {لصباح} ان «من واجب أبناء المحافظات والمناطق التي احتلها الإرهابيون، الإدانة الواضحة لهؤلاء الغرباء الذين عاثوا فسادا في مناطقهم».وبحسب حيدر فان «المفروض بأبناء تلك المناطق تقديم الشكر والتقدير والعرفان لا للمرجعية الدينية العليا التي افتت بالجهاد الكفائي للتصدي للإرهاب فحسب، بل ايضا الى هذا الحشد الشعبي المليوني الذي يقف على اهبة الاستعداد لمواجهة الإرهاب».

ويدعو حيدر «ابناء المناطق التشمير عن سواعدهم ومقاتلة الارهابيين وتحرير محافظاتهم من سطوتهم وقبضتهم، وان يبادروا لتنظيم انفسهم وتعبئة صفوفهم لتحرير محافظاتهم»، منتقدا «كل المتفرجين الذين ينتظرون أبناء الوسط والجنوب لتحرير محافظاتهم لهم».

ويستطرد حيدر «تحرير المحافظات التي سقطت بيد الارهابيين مسؤولية وطنية، يجب على الدولة العراقية والقوى الشعبية ان تتحملها بكل جدارة وثقة، ولكنها مسؤولية أبنائها بالدرجة الاولى، خاصة في مثل هذه الظروف التي لم يشأ أبناء هذه المحافظات الاعتراف بحقيقة الموقف، فلا زالت التهم والافتراءات الظالمة توجّه الى أبناء الوسط والجنوب، ما يثير اكثر من علامة سؤال وتعجب في آن».

وزاد في القول «قديما قيل، يا حميدان هذا الميدان، فليتحرك أبناء المحافظات الساخنة لتحريرها من يد الارهابيين، وكلنا سند ودعم لهم».

الى ذلك ينقل الكاتب والاعلامي رياض الفرطوسي في حديثه لـ «الصباح» ما تناقلته الاخبار من ان «داعش نشرت بيانا فيه ثلاث فقرات منها فرض الجزية على السكان وضرب الاعناق بالسيف وما صاحب ذلك من هجرة لابناء الموصل باتجاه المحافظات العراقية الأخرى والموقف المحرج لكل الملتفين حول داعش وهذا يشكل وجها بشعا لداعش ومن يساندها في داخل مدينة الموصل وعليه يجب ان يكون أبناء تلك المنطقة في اول الصفوف المتراصة للمواجهة والتصدي باعتبارهم هم المستهدفون».ويؤكد الفرطوسي على ضرورة «عدم إعطاء فرصة للإرهابيين في التنفس واستعادة قوتهم او الاسترخاء معهم فهذا هو مصدر الخطر لانهم يشبهون البكتريا التي يجب معالجتها بالمضادات لكي لا تنتشر اكثر».

انّ الحرب على “داعش” تجاوزت سياقها “النظامي” الذي يقوم به جيش الدولة الرسمي، الى كونها “حربا شعبية”، خرجت فيها الناس عن بكرة ابيها، تذود عن الوطن والمقدسات، ومن المنطقي جدا ان يكون ابناء الموصل والرمادي هم من يقود القوات المقاتلة، فإضافة الى ما يشكله ذلك من دعم معنوي، فانه يتيح للقطعات العسكرية التقدم بسرعة لدراية اهالي تلك المناطق بشعابها.

لقد كانت الحروب الشعبية التي شهدها العالم، في الصين والهند، ودول أخرى، عبر التأريخ، احد مظاهر يقظة الامم امام الخطر الذي يتهدّدها، يستجيب فيها المواطن لمشاعره الوطنية، وفي مقدمتهم ابناء المدن التي تسلل اليها المحتل.