خسائر بـ 6,500 مليار دينار لضعف تسويق التمور وخزنها
كربلاء – علي لفتة
للتمورحكاية في كربلاء تبدأ ولا تنتهي ولا يعلم احد الأسباب التي تجعل الجهات الحكومية تمتنع عن اعداد خطط علمية واضحة وعملية ميسرة لانجاح موسم جني التمور مثلما يتم وضع خطط لانجاح عمليات حصاد الشلب والحنطة والشعير، الا ان اغلب المسؤولين يؤكدون وجود مؤامرة على التمر العراقي تمتد جذورها إلى الخارج المحيط وتنفذ بأياد عراقية. وتقدر خسائر قطاع التمور العام الماضي في كربلاء بأكثر من ستة مليارات و500 مليون دينار نتيجة عدم وجود آلية واضحة لاستلامه من الفلاحين وغياب آلية البيع وطرق الخزن ما ادى الى تلفها وتحولها إلى علف حيواني، ما يوجب ان تنتبه الدوائر المعنية الى الاهتمام بالمخازن وادامتها وتحديث الية تسويقها لتلافي الخسائر المالية.
ندم
يعرب المزارع حسان الحسناوي – لديه بستان في مدينة كربلاء مساحته 30 دونما يحتوي على280 نخلة – عن اسفه لعدم اهتمام الحكومة بالنخلة التي تعد رمزا من رموز العراق.
و يقول بمرارة إن تجار التمور- للاسف - يبحثون عن أية إخفاقة في العمل الحكومي لتقليل سعره ،فيما لم تتمكن الحكومة من معالجة أخطاء عمليات تسلم التمور خلال السنوات الماضية بسبب الروتين والفساد والية البطيئة في تسليم المبالغ للمزارعين".
أما الفلاح جواد الفتلاوي فيقول أن "الفلاحين في محافظة كربلاء يصطدمون في موسم جني التمور من عدم شراء الحكومة لمنتجاتهم في الوقت المحدد و تتأخر التعليمات ما يعرضنا للخسائر ويحبط امالنا في تهيئة النخيل للموسم المقبل"،مؤكدا وجود كميات كبيرة من التمور ما تزال مخزونة لدى الفلاحين بسبب تأخر استلام الشركة العامة للتمور الامر الذي يعرضها الى التلف وتحمّل الفلاحين لخسائر مادية ترغمهم على هجر الزراعة.
ويؤكد الفلاح سلمان الجميلي على أن غياب الية الاستلام في كل عام يعرض اصحاب البساتين إلى خسائر كبيرة ،عادا ذلك بالمؤامرة لاغتيال النخلة العراقية.
وقال الجميلي " إن التاجر يريدنا أن نمل من الحكومة كي يشتري التمر بأرخص الأثمان والدولة بوزارتها تحاربنا بغياب الآلية وهذا كله سيجعل التمر يتلف"،معربا عن ندمه كونه لم يبع بستانه – 45 دونما في مدينة كربلاء - ليحوله الى اراض سكنية مع فندق وملعب وتحقيق ارباح مالية كبيرة بدلا من الخسائر التي يتكبدها سنويا جراء سياسات داخلية وخارجية تهدف الى ترك زراعة النخيل الى دول الخليج.
تمور تالفة
مسؤول احد المخازن في كربلاء طلب عدم الكشف عن اسمه قال "أن مخازن وزارة الزراعة فضلا عن المخازن المؤجرة لصالح الشركة العامة للتمور في مكبس كربلاء ممتلئة حاليا بالتمور التي يقدر وزنها بأكثر من 26 ألف طن من تمور الدرجة الأولى والثانية والتي تم شراؤها من الفلاحين العام الماضي والتي تأخرت هي الأخرى لأسباب ربما تكون مقصودة من قبل وزارة الزراعة لانها لم تعط آلية استلام التمور كما هو معمول به في الشهر العاشر وبدأت به في بداية العام الحالي ما عرض التمر إلى الكثير من الخسائر، فضلا عن وضع الوزارة شروطا منها أن يوضع التمر الدرجة الأولى في صناديق بلاستيكية بعد أن كان في الأعوام السابقة يوضع في أكياس نايلون ما جعل الفلاح يعزف عن تسليم هذا النوع من التمور إلى مخازن الشركة ويفضل بيعه وهو في عذوق النخيل وتجنب شراء الصناديق التي تكلف مبالغ إضافية الى جانب تكاليف النقل والعمال وغيرها"،مشيرا الى ان تمور هذا العام مخزونة في مخازن كربلاء والشركة العامة للتسويق الزراعي ومخازن التمور وعين التمر والهندية والحسينية وتشكو الإهمال.
كتب ومخاطبات رسمية
رئيس اللجنة الزراعية في مجلس المحافظة ستار العرداوي قال: إن الموضوع لا يخلو من قصدية في عدم تسويق التمور وهذا يؤدي إلى إفشال المبادرة الزراعية التي أطلقها رئيس الوزراء ، واضاف "أن مجلس المحافظة خاطب الأمانة العامة لمجلس الوزراء في الخامس من الشهر الماضي طالبا الايعاز إلى وزارة الزراعة لغرض استلام تمور الموسم الجديد".
ويؤكد العرداوي من انه سبق هذا الكتاب كتاب أول بالعدد 1411 في السادس والعشرين من الشهر السابع من العام الحالي وهو معنون إلى الشركة العامة للتجهيزات الزراعية قسم المخازن وقد بينا في هذا الكتاب إن حالة التمور المخزونة في مخازننا عند استلامها كانت من التمور الممتازة وتم تبخيرها من قبل لجنة التبخير..وبينا أيضا في الكتاب ذاته انه مع الاستمرار في خزنها وعدم بيعها في الوقت المناسب تعرضت الى تغيير في الصفات الكيمياوية والفيزياوية نتيجة لارتفاع درجات الحرارة والمخازن التي تم الخزن فيها غير مبردة وسقوفها من(الجينكو) الذي يمتص الحرارة وهذا كله يؤدي إلى الإصابة بحشرة الخنفساء التي تقوم بالتغذية على لحمة التمر.
ولم يكتف مجلس المحافظة من مخاطبة الجهات المعنية ،وكما يقول العرداوي" ان المجلس خاطب وزارة الزراعة بتاريخ الثاني من الشهر الحالي بالكتاب المرقم 9/3/6670 والذي نبه الوزارة بوجود كميات من التمور في المخازن وان وقت الجني قد حان ،لافتا الى عدم توفر مخازن بديلة في المحافظة بالاضافة الى ان الكميات المخزونة قاربت على التلف ما يتسبب بالضرر في الصالح العام وطالبنا في الكتاب ذاته إلى اتخاذ الإجراءات المناسبة لغرض تصريف التمور المخزونة وإخلاء المخازن للموسم الجديد حفاظ على الثروة الوطنية".
مؤامرة على النخلة
ويشير العرداوي " إلى إن هذه الكتب وغيرها الكثير لم تجد استجابة وما زال الموضوع غائبا أو مغيبا من قبل جهات تريد التأثير على سمعة التمور العراقية".
وتابع " أنها مؤامرة حتى بعد أن امر رئيس الوزراء نوري المالكي بالإسراع باستلام التمور المسوقة من قبل الفلاحين ووضع آلية جديدة وسريعة لتحقيق ذلك وتقليل الخسائر المتوقعة من جراء تأخر استلام التمور"،لافتا إلى ان الآلية هي آن تباع كميات التمور الموجودة في المخازن بالمزاد العلني لكي تفرغ للمحصول الجديد.
واتهم العرداوي اللجنة الاقتصادية في الامانة العامة لمجلس الوزراء بتعريض البلد إلى خسائر مالية تقدر بمليارات الدنانير كونها سبب التأخير فضلا عن جهات اخرى – داخلية- لا تريد للتمر الجنوبي ان يجنى من النخيل.
واوضح ان تمور العام الماضي المخزنة- 26 الف طن – ستباع بالمزاد العلني لتفريغ المخازن ،اي انها ستباع بسعر اقل من 100 الف دينار للطن في حين كان سعر شراؤها 350 الف دينار للطن الواحد ما يعرض الدولة لخسارة لاتقل عن ستة مليارات وخمسمائة مليون دينار.
محاصرة التمور
عضو لجنة الزراعة والمياه في مجلس النواب النائب فؤاد الدوركي قال " هناك محاصرة اقتصادية من قبل دول المنطقة المحيطة بالعراق على التمور لكي لا تنمو نخيله وتزدهر ولا يكون بلدا منتجا ومصدرا للتمور كما كان في السابق ويساهم في بناء اقتصاد البلد"، مؤكداً أن قطع المياه المستمر من قبل دول الجوار وتحديداَ إيران على العراق بأنه عمل متقصد لقتل الزراعة في العراق وجعله متخلفاً اقتصادياً ومعتمداً بالدرجة الأساس على الاستيراد الخارجي للمنتوج الزراعي كون العراق أصبح رائجاً لمنتجاتهم الزراعية مما سيؤثر على واقعهم الاقتصادي والزراعي لو تطور زراعيا.
وأضاف الدروكي " أن دولا مجاورة واقليمية تبذل جهودا لجعل العراق متخلفاً اقتصادياً كونه دولة نفطية متميزة من خلال قطع المياه ، واستمرار القصف، ومحاربة موانئه واضعاف ركائزه الاقتصادية وتحقيق الاكتفاء الذاتي ".