حزام الكويكبات هو منطقة تقع بين كوكبي المريخ والمشتري، وتدور في هذه المنطقة كمية هائلة من الكويكبات الصغيرة التي تتكون في الأساس من الصخور وبعض المعادن.
وهو حزام من الكويكبات والكويكبات هي مجموعة من الكواكب الصغيرة جدا لايمكن رؤيتها بالعين المجردة بدون مرقاب، ولم يكن العلماء يعلمون بوجودها حتى عام 1801م، حيث إن الكواكب المختلفة تدور حول الشمس في مدارات أهليجية بيضوية ثابتة، وأقربها كوكب عطارد وأبعدها كوكب بلوتو، وما أن بدا العلماء يعرفون المزيد عن تحركات الكواكب حول الشمس حتى لاحظوا إن كل كوكب يبعد عن الشمس ما يتراوح بين مرة وربع المرة، إلى المرتين بالنسبة إلى بعد الكوكب السابق عن الشمس، ثم لاحظوا إن ذلك غير صحيح بالنسبة للمريخ وللمشتري، إذ يبعد المريخ نحو 228 مليون كيلومتر عن الشمس، ويجب على هذا الأساس أن يكون المشتري على مسافة 402 مليون كيلو متر من الشمس، ولكنه في الحقيقة يقع على ضعفي هذه المسافة مما يوحي بوجود كوكب آخر يدور في هذه الفسحة بين المريخ والمشتري.
وفي عام 1800م، أجتمع عدد من علماء الفلك في ألمانيا وقرروا استخدام مراقبهم الجديدة في محاولة للتأكد من وجود كوكب مفترض.
ولكن لم يكن النجاح حليفهم إذ حقق هذا الأكتشاف عالم فلكي إيطالي يدعى جيسبي بيازي. كان هذا العالم يعمل على وضع جدول منظم لمواقع النجوم، حين لاحظ شيئا يبدو كالنجم تماما ولو أنه يتحرك كالكواكب، وغير ثابت نسبيا كالنجوم، وأطلق على هذا الجرم الجديد اسم سيريس (Ceres)، على اسم آلهة الحصاد عند الرومان، وبعد أن راقب الفلكيون هذا الجرم الجديد فترة من الزمن وجدوا أنه يتحرك في مدار بين المريخ والمشتري، وسرعان ما وجدوا أجراما أخرى دعوها بالنجيمات (مصغر نجم) لشبهها بالنجوم، وأطلق عليها فيما بعد الكويكبات.
إن سيريس هو أكبر هذه الكويكبات ويبلغ قطره 670 كيلومتر، أي إن مساحته السطحية تبلغ مساحة العراق تقريبا، وقطر كويكبة بالاس (Pallas)، يبلغ 450 كيلو متر، تليها كويكبة فستا (Vesta)، التي يبلغ قطرها 385 كيلو متر، ثم جونو (Juno)، التي يبلغ قطرها240 كيلو مترا، أما الكويكبات الأخرى فالقليل منها يبلغ قطره 240 كيلومتر، وتقع معظمها على بعد يتراوح بين 415 و470 مليون كيلومتر عن الشمس، أي حيث يتوقع وجود الكوكب المجهول، وقد وجد علماء الفلك في العصر الحديث حوالي ألفي كويكبة، بعضها لا يعدو أن يكون مجرد كرة لعب صغيرة، ومن المحتمل أنها كانت في السابق كوكبا جميلا ثم أنفجر وتطاير قطعا قبل ملايين السنين.
ومن هذه الكويكبات ما يدور حول مدار المشتري وقد اكتشف إن عددها يتراوح نحو 12 كويكبا صغيرا، وهي تدعى مجموعة طروادة، وقد اكتشف أكبرها عام 1906م، وسميت كويكبة آخيل.
موقع الحزام من الكواكب الأخرى
من المرجح أن هذه الكويكبات قد نتجت عن السديم الأساسي الذي تكونت منه المجموعة الشمسية، وتمثل هذه الكويكبات الصغيرة أنوية لكواكب، إلا أن الجاذبية الهائلة لكوكب المشترى تمنعها من التجمع لتكوين كواكب أكبر، كما أن جاذبيته تؤدي إلى المزيد من التصادم بينها، وتمتص معظم الركام الصغير الناجم عن التصادم. وعلى فترات دورية، تضطرب مدارات الكويكبات كلما حدث ما يسمى بالرنين المداري مع المشترى، مما يؤدي إلى تغييرات دورية في مسارات الكويكبات.
تتركز كتلة حزام الكويكبات في الأجسام الكبيرة التي تدور فيها، وأكبر الكويكبات الموجودة هي ثلاثة أجسام يزيد متوسط قطرها عن 400 كيلومتر. الكويكبات الكبيرة الثلاثة هي "4 فيستا" و"2 بيلاس" و"10 هيجيا". وفي الحزام أيضا يدور الكوكب القزم سيريس الذي تحدثنا عنه بالتفصيل من قبل، ويبلغ قطر سيريس حوالي 950 كيلومتر، وهكذا فإن سيريس والأجرام الثلاثة الكبيرة الأخرى يشكلون حوالي نصف كتلة حزام الكويكبات. باقي الأجسام التي تدور في الحزام تتفاوت في الصغر بين كويكبات صغيرة تقل عن الثلاثة الكبار وحجم حبة التراب.
توزيع الكويكبات ليس كثيفا، لهذا فمن الممكن أن تمر المركبات الفضائية عبرها دون مشاكل، على عكس أفلام الفضاء التي تظهر حزام الكويكبات كحقل ألغام للمركبات الفضائية، ويظل البطل يقوم بحركات بهلوانية بمركبته الفضائية ويدور في كل الاتجاهات ليتفادى الاصطدام! وحتى اليوم لم تتعرض أية مركبة فضائية مرت بالحزام لأي حادث.
استكشاف الحزام
عقب اكتشاف أورانوس عام 1781م، اقترح الفلكي الألماني "يوهان بود" وجود كوكب آخر في الفجوة المدارية بين كوكبي المريخ والمشترى. وفي عام 1801م تم اكتشاف سيريس (الجسم الأكبر في الحزام) في المكان الذي تنبأ به "يوهان بود"، ثم في 1802م اكتشف الفلكي "ولهلم أولبرز" الكويكب "2 بيلاس"، وافترض أن هذا الكويكب والأجسام الصغيرة المحيطة به هي بقايا كوكب مُدَمّر كان يدور في هذا المكان. في عام 1807م تم اكتشاف كويكبين آخرين هما "3 جونو" و"4 فيستا"، ولأن شكل هذين الكويكبين يميل إلى شكل نجمة، فقد أُطلق على هذا النوع من الكويكبات اسم asteroid، والكلمة تصغير لكلمة aster اليونانية التي تعني نجم.
بقيام الحروب التي أشعلها "نابليون بونابرت" في أوروبا، توقفت الاكتشافات الفلكية عند هذا الحد، إلى أن تم استئنافها مرة أخرى عام 1845م باكتشاف الكويكب "5 أسترا". بعد هذا توالت الاكتشافات في منطقة حزام الكويكبات، وبحلول منتصف 1866م كان هناك 100 كويكب قد تم اكتشافه. وبحلول 1923م زاد عدد الكويكبات المكتشفة إلى 1000 كويكب، واليوم نعرف أن عددها يصل إلى بضعة ملايين! حوالي 1.7 مليون منها يصل قطرها إلى كيلومتر أو أكبر قليلا، وهناك حوالي 200 كويكب يتجاوز قطرها 100 كيلومتر.
عام 1918م اكتشف الفلكي الياباني "كيوتسوجو هيراياما" أن بعض الكويكبات تدور معا في مجموعات أطلق عليها فيما بعد عائلات، وفي السبعينيات تم تصنيف الكويكبات إلى ثلاث مجموعات وفقا للتركيب: المجموعة الأولى هي الكويكبات الكربونية وهي تمثل حوالي 75% من الكويكبات وتقع بالقرب من مدار المشترى، المجموعة الثانية هي الكويكبات السيليكية وتمثل 17% من الكويكبات، والثالثة هي الكويكبات المعدنية وتمثل النسبة الباقية.
عام 2006 تم اكتشاف مجموعة من المذنبات تدور في حزام الكويكبات.
تصادمات
يؤدي العدد الكبير من الكويكبات في منطقة الحزام إلى الكثير من التصادمات فيما بينها، مما يجعلها بيئة نشطة، ويبلغ معدل التصادمات بين الأجرام التي يزيد قطرها على 10 كيلومترات: مرة كل عشرة ملايين عام، وهو معدل كبير بالمقياس الفلكي! ويؤدي التصادم عادة إلى تفتت الكويكب إلى أجزاء صغيرة عديدة، بعضها يصبح مجموعة كويكبات أخرى ويستمر في الدوران في المنطقة، وبعض الأجزاء الأخرى تتحول إلى نيازك تهبط إلى الكواكب الأخرى ومنها الأرض، أو شهب تحترق في المجال الجوي. وينتج عن التصادمات أيضا كميات كبيرة من التراب تستمر في الدوران في المنطقة.
في أحيان أخرى -عندما تكون سرعة الدوران بطيئة- يؤدي التصادم إلى التصاق كويكبين معا. وعلى مدى أربعة مليارات سنة هي عمر الحزام، تغيّر شكل الكويكبات التي تدور فيه تماما عما كان وقت تكونه بسبب هذه التصادمات.