تأثير الكلِمة يانُوْر...أوَنَار
لَا تَخْلُو الْحَيَاة مِن مُشْكِلَات
وَمُنَغِّصَات تُتَوِّجُهَا الْمَآَسِي الَّتِي تُخْلِف جُرُوْحَا،
بَيْد أَن هَذِه الْجُرُوْح أَنْوَاع شَتَّى،
فهُنَاك جُرُوْح يُعَالِجُهَا الْطَّبِيْب بِأَدَوَاتِه،
وَجَرُوْح يُعَالِجُهَا الْزَّمَن وَالْنِّسْيَان،
وَأَخْطَر هَذِه الْجُرُوْح،
تِلْك الَّتِي تَفْشَل كُل هَذِه الْعِلَاجَات فِي شِفَائِهَا،
فَتَبْقَى غَائِرَة فِي الْنَّفْس،
تُؤْلِم صَاحِبَهَا كُلَّمَا تَذْكُرُهَا،
وَإِن كُنْت أَشُك انَّه لَن يَنْسَاهَا أَبَدا.
لَعَل مَن أَشَد الْجُرُوح قَسْوَة،
تِلْك الَّتِي تَأْتِي مِن فِئَة الْمُقَرَّبِيْن لِلْانْسَان،
فَلِكُل إِنْسَان،
مِن فِئَة الْأَهْل أَو الْأَصْدِقَاء، يُحِبُّهُم وَيُقْدِرِهُم
وَيَضَعَهُم فِي دَرَجَة مِن الْسُّمُو،
لَا تُضَاهِيْهَا درَجَة أُخْرَى،
وَعِنْدَمَا يَأْتِي الْجْرَح مِن هَؤُلَاء،
فَلَا عِلَاج لَه ، وَيَبْقَى الْجُرْح يَنْزِف وَيَنْزِف،
إِلَى دَرَجَة الْمَوْت لَا شَك أَن الْنَّفْس الْبَّشَرِيَّة
بِهَا إِيجَابِيَات وَسِلْبِيَّات،
إِلَّا أَنَّهَا تَمِيْل فِي نِهَايَة الْأَمْر إِلَى الْفِطْرَة الَّتِي جُبِلَت عَلَيْهَا،
وَهِي الْأَخْلَاق الْحَسَنَة، وَالاتِّزَان،
وَحُسْن الْتَّصَرُّف، وَالْهُدُوء،
وَمِن هُنَا لَابُد مِن الْتَعَامُل الْجَيِّد مَعَهَا،
حَتَّى نَتَلافِي الْسَّلْبِيَّات فِيْهَا،
وَنُعَزِّز الْإِيْجَابِيَّات،
بِيَد أَن هَذَا الْتَّعَامُل لَا يَتَوَافَر فِي كُل الْأَحْوَال،
إِذ أَنَّه الْحَلْقَة الْمَفْقُوْدَة فِيْمَا نَتَحَّدَث عَنْه،
وَمِن هُنَا تَتَوَلَّد الْمُشْكِلَات بَيْن الْأَصْدِقَاء وَالْأَقَارِب،
بَل بَيْن الْأُخُوَّة أَنْفُسِهِم، وَقَد تُعَالَج كَلِمَة
«آَسَف»
الْكَثِيْر مِن سُوَء الْفَهْم الْمُتَوَلَّد بَيْن الْأَصْدِقَاء،
إِلَا أَن هَذِه الْكَلِمَة تَفْقِد مَفْعُوْلِهَا
عِنَدَمّا يَكُوْن الْجَرْح غَيْر مُتَوَقَّع حُدُوْثِه،
أَو عِنْدَمَا يَأْتِي مِن أُنَاس قِرِيْبِيَّن جَدَّا إِلَى الْنَّفْس،
أَو عِنْدَمَا يَكُوْن هَذَا الْجَرْح مُخَالِفَا لِلْطَّبِيْعَة الْبَشَرِيَّة،
وَإِطَار الْعَلَّاقَات الْإِنْسَانِيَّة
المُتِمَاشِي مَع الْمَنْطِق وَالْعَقْل،
فَمَثَلَا لَيْس لِكَلِمَة «آَسَف» أَي تَأْثِيْر،
عِنَدَمّا تُصَدِّر عَلَى لِسَان ابْن عَاق،
أَخْطَأ فِي وَالِدَيْه، وَجُرِح مَشاعَرْهُما.
أَعْرِف أَن هَذَا الْزَّمَان الَّذِي نَعِيْش فِيْه مُتَغَيِّر،
وَأَن طِبَاع الْنَّاس تَغَيَّرَت هِي الْأُخْرَى،
وَعَلَيْنَا أَن نَتَوَقَّع سُوَء الْفَهْم مِن الْجَمِيْع،
وَلَكِن مَا أَشْعِر بِه ان الْتَّغْيِيْرَات تَجَاوَزْت
الْحُدُوْد،وَحَطَّمَت الْمَنْطِق،
فَلَا أَدْرِي مَا هُو الْمَكْسَب لِشَخْص أَسَاء
لِمَن مُد لَه يَدَه لِيُنْقِذْه مِمَّا هُو فِيْه،
وَلَا أَدْرِى لِمَاذَا يَتَنَاسَى الْصِّدِّيق كُل مَا بَيْنَه وَبَيْن
صَدِيْقَه مِن عَشَرَة وَذّكَريِات جَمِيْلَة،
وَيَنْقَلِب فِي غَمْضَة عَيْن عَلَى صَدِيْقَه،
وَيُصِيْبُه بِجُرُوْح نَفْسِيَّة،
تَنْطَبِع فِي الْنَّفْس، وَلَا تَبْرَحُهَا،
وَلَا أَشُك أَن الْخَاسِر فِي هَذَا هُو الْطَّرَفَان،
وَلَيْس طَرَفَا وَاحِدَا..
أَو بِمَعْنَي آَخَر،
الْخَاسِر هُو الْإِنْسَان، الَّذِي مِيْزَه الْلَّه
عَن الْحَيَوَان بِنِعْمَة الْعَقْل، وَالْحُب،
فَذَهَب الْعَقْل، وَمَات الْحُب،
فِي لَحَظَات شَيْطَانِيَّة.
عَلَيْنَا أَن نُعَيِّد حِسَابَاتِنَا،
وَعَلَيْنَا أَن نَتَأَمَّل فِي تَصَرُفَاتَنَا جَيِّدَا،
وَنَحْسَب حِسَاب كُل كَلِمَة تَخْرُج مِن أَفْوَاهِنَا،
لِأَن تأثير الْكَلِمَة يانُوْر..وَنَار،
وَالْعَاقِل هُو الْوَحِيد الَّذِي يُتَحَكَّم فِي كَلَامِه،
وَيَجْعَلُه نُوَرَا عَلَيْه وَعَلَى مَن حَوْلَه،
أَم الْجَاهِل فَهُو مَن يَفْعَل الْعَكْس
اعَاذَانَا الْلَّه وَايّاكُم مِن الْجَهْل
وَتَذَكَّر
الْكَلِمَة الْطَّيِّبَة كَالْشَّجَرَة الْطَّيِّبَة
امّا الْطَّرْف الَّذِى جُرْح
فَكُن كَصَدِيْق الْامَّة رَضِى الْلَّه عَنْه ا
وَتَذَكَّر
فَلْيَعْفُوْا وَيَصْفَحُوا الَا تُحِبُّوْن ان يَغْفِر الْلَّه لَكُم
وَجَعَلَنِى الْلَّه وَايّاكُم كَلِمَات نُوْر لِلْاخِرِيْن
ودُمْتُم فِي طَاعَة وَرِضَآ وَيَقِيْن